توقيع مذكرة تفاهم بين «هيئة السياحة» وهيئة تطوير حائل    «سلمان للإغاثة» يوزع 500 حقيبة شتوية في مديريتي منعر والمسيلة بالمهرة في اليمن    مدرب تشيلسي متحمس لمواجهة فريقه السابق ليستر في الدوري    الشاعرة مها العتيبي تشعل دفء الشعر في أدبي جازان    حرس الحدود ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر بجازان    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    واشنطن ترفض «بشكل قاطع» مذكرتي التوقيف بحق نتانياهو وغالانت    رئيس البرلمان العربي يدين الفيتو الأمريكي ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة ويحذر من عواقبه    توال و 5SKYE تعلنان عن شراكة استراتيجية لتعزيز التحول الرقمي في السعودية    تفاؤل أمريكي بوقف إطلاق النار في لبنان.. خلافات بين إسرائيل وحزب الله على آلية الرقابة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "مطار الملك فهد الدولي" يحقق المركز الأول في نسبة الالتزام بمعايير الأداء التشغيلي    "تزايد" تختتم مشاركتها في سيتي سكيب 2024 بتوقيع اتفاقيات وإطلاق مشاريع ب 2 مليار ريال    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    رغم عدم تعليق موسكو.. أوكرانيا تتهم روسيا باستهدافها بصاروخ باليستي عابر للقارات    اكتمال وصول الدفعة الأولى من ضيوف خادم الحرمين للعمرة والزيارة    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    أمين منطقة القصيم يتسلم التقرير الختامي لمزاد الابل من رئيس مركز مدرج    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    "تعليم البكيرية" يحتفي باليوم الدولي للتسامح بحزمة من الفعاليات والبرامج    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    أكاديمية طويق شريك تدريبي معتمد ل "Google Cloud"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    مدالله مهدد ب «الإيقاف»    9 مهددون بالغياب أمام «الصين»    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    وزراء داخلية الخليج يبحثون التعاون الأمني المشترك    وزير العدل: القضاء السعودي يطبق النصوص النظامية على الوقائع المعروضة    ضمن ملتقى «الإعلام واقع ومسؤولية».. إطلاق أول بودكاست متخصص في المسؤولية الاجتماعية    الصقور السعودية    «المسيار» والوجبات السريعة    حمائية فاشلة !    هوساوي يعود للنصر.. والفريق جاهز للقادسية    الخليج يتطلع لنهائي آسيا أمام الدحيل    اكتشف شغفك    علاج فتق يحتوي 40 % من أحشاء سيدة    الاتحاد يستعيد "عوار" .. وبنزيما يواصل التأهيل    الغندور سفيرا للسعادة في الخليج    «قرم النفود» في تحدٍ جديد على قناة «الواقع»    «بوابة الريح» صراع الشّك على مسرح التقنية    الدرعية تضع حجر الأساس لحي القرين الثقافي والمنطقة الشمالية    الإعراض عن الميسور    نواف إلى القفص الذهبي    الزميل أحمد بركات العرياني عريسا    في مؤجلات الجولة الثامنة من" يلو".. قطبا حائل يواجهان الحزم والصفا    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    مهرجان البحر الأحمر يعرض روائع سينمائية خالدة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    سعود بن بندر يستعرض تحول التعليم في الشرقية    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيزابيل الليندي: على المرأة أن تبذل ضعف جهد الرجل لتحصل على نصف التقدير الممنوح له

إيزابيل الليندي.. هي مؤسِّسة حزب اليسار في الكتابة. لكن يسارية القلب والحب والاتجاه شمالاً للقلب
تجعلنا نقرأ كما لم نقرأ من قبل.. فهي تكتب كما لم يُكتب من قبل.. ساحرة الحرف صدقاً
هي امرأة مثلنا.. تحب وتتألم وتعيش.. لكن الذي يضيء الحياة معها قدرتها على الكتابة.. إيزابيل لا تفوت اقتناص الفرصة.. فتعقد حلفاً مع الورق والحبر هو المهر...
تزوجت وتطلقت... وأحبت وصدمت.. أنجبت وفقدت ابنتها أمام عينها وشربت ساعات احتضارها
وفي هذا كله تقول: شكراً يا رب، قد عشت إحساساً لم أعش مثله.. وتنهال إبداعاً يجد فيها كل أحد سلوى
تجلس عشر ساعات في غرفتها.. لا تتحدث مع أحد ولا ترد على أحد.. تسمع أصوات شخصيات رواياتها، ونحن معاشر القراء نفوز الفوز العظيم..
أول الكتب التي قرأتْها كانت ألف ليلة وليلة.. فجادت لنا الدنيا بسيدة القص والرواية تحتوي كل روعة النساء.. ويكاد المرء يقسم أن النساء كلهن قد نصبْنها مؤسِّسة لحركة نِسْوية جديدة بعيدة عن هذه التي نعايشها حزباً سياسياً..
تكتب لنا أدباً واقعياً بومضات سحرية. مَن منا لم يحب صياد البحر؟ فقط لأنها أحبته!
مَن منا لم يتقلب مع أنيس في بيت الأرواح.. ويحب معها زوجها الأول، وبلمحة ينقلب مع البطلة عليه وتكون محاسنه التي أحببناها مثالب تهوي به.. لنعشق زوجها الثاني.. من ذا غير هذه المبدعة التشيلية تلعب بمشاعرنا مسرح الدمى.. وكلنا حبور وسعادة..؟!
هي امرأة جعلت الكتابة ملاذها.. والقلم دواءً للألم.. ليس بينها وبين ذاكرتها أي خجل..!
واجهت الموت بالكتابة.. والنسيان بالذاكرة والحزن بالحب..! جملتها الأثيرة تقول: أكتب لأتداوى.. إن الكتابة طريقتي في الحزن..!
إيزابيل بدأت الكتابة في سن متقدم.. فتقول: بدأت في سن تبدأ النساء فيه في تشيلي بحياكة الجوارب لأحفادهن..
هي امرأة احتفالية محبة للحياة.. تهوى السفر فتسافر بنا لعوالم الحب والعشق وكل ما بينهما
{ باريس - فرحات افتخار الدين ، ترجمة - عفت جميل خوقير
أجرى النقاد مقارنات بين أعمالك وأعمال كتاب آخرين من أميركا اللاتينية، ووجدوا التشابه الواضح بين رواية مئة عام من العزلة One Hundred Years Of Solitude للكاتب غبرئيل غارسيا ماركيز وروايتك بيت الأشباح، التي يعتقد بعضهم أنها إعادة صياغة لرواية ماركيز مع استبدال السلطة الأبوية بحضور قوي لسلطة الأم، فما ردك على ذلك؟
- إنني أنتمي إلى الرعيل الأول من كتاب القارة، الذين نشأوا على القراءة لكتاب آخرين من أميركا اللاتينية. يضم الجيل الأول، الذي نطلق عليه لقب «الجيل الزاهر»، كتاباً مثل غارسيا ماركيز وخوسيه دونوسو وكارلوس فونتيه.
بدأت ظاهرة «الجيل الزاهر» في برشلونة، ولقد تشرفت بأن أكون إحدى القارئات لأولئك الكتّاب، ونشأت على القراءة لهم، وعندما بدأت مرحلة الكتابة كانت كل تلك الكلمات الرائعة والصور والطابع القصصي لقارتنا قد ضربت بجذورها في أعماقي، فنبعت مني بشكل طبيعي.
لم أقصد أبداً أن أخلق صورة هزلية تهكمية لرواية مئة عام من العزلة، لأنني معجبة جداً بتلك الرواية التي قرأتها منذ زمن طويل، ولم أعد أذكرها جيداً، ولكن ليس عدلا ً مقارنتها برواية بيت الأشباح بتلك الطريقة.
قصص إيفالونا
ما هي الأسباب التي دعتكِ إلى كتابة مجموعة (قصص إيڤالونا) بعد رواية إيڤالونا؟
- هناك أسباب عدة، أولها أنني عند انتهائي من تأليف الكتاب تساءل كثير من الناس: إذا كانت إيڤالونا هي الرواية، وهذه هي قصتها، فأين إذن القصص التي ترويها؟ لم أكن أفكر في كتابة القصة القصيرة كجنس أدبي، لأني أعتبر ذلك أمراً صعباً جداً. وفي ذلك الوقت كنت قد طُلقت من زوجي في فنزويلا، وقمت برحلة مفعمة بالحماس لإلقاء المحاضرات، حتى وصلت إلى الولايات المتحدة الأميركية، وانتهى بي المطاف في شمال كاليفورنيا، إذ التقيت بشخص تعلقت به وهذا سبب، آخر فلقد كنت أتنقل في البلاد مدفوعة بعواطفي وكان وقتاً عصيباً.
والميزة الوحيدة للقصة القصيرة هي أنه بإمكانك أن تكتب مقطوعات صغيرة. ولذلك وجدت أنني لكي أستمر في العمل، ينبغي عليّ أن أكتب شيئاً مختصراً، فكانت فكرة جيدة أن أكتب القصص التي لم تحكها إيڤالونا في ذلك الكتاب.
معظم قصص (إيڤالونا) تنتهي بصحوة مفاجأة للشخصيات، هل هذه مجرد صحوة أم أن الخاتمة تنطوي على رسالة اجتماعية سياسية؟
- أنا لا أحاول أن أبث أية رسائل في كتاباتي، بل كنت أحياناً أتفاجأ بأن الشخصيات كانت تأتي بهذه النهايات، وتقوم بأدوار رغماً عني. وفي بعض القصص كنت أعرف بالبداهة - وليس بشكل عقلاني - كيف ستكون الخاتمة، ولا أستطيع أن أحكي لك القصة قبل كتابتها، ولكن حال البدء في الكتابة، أجد أن الأحداث تتابع بصورة طبيعية حتى تنتهي بمفاجأة لي أنا شخصياً.
ما عدا إحدى القصص وعنوانها (هايدلبيرج الصغيرة) التي قرأتها والدتي بعد الانتهاء من كتابتها، وقالت لي: «أعجبتني القصة غير أن نهايتها هشة».
وأعتقد أنها محقة في ذلك، فلقد كان هناك خلل ما في هذه الخاتمة، لم تستطع والدتي أن تخبرني ما هو، إلا أنني أدركت بدلاً من أن أتتبع الرغبات الطبيعية للشخصيات، حاولت أن أفرض نهاية سعيدة، ولكن ذلك لم يجد، لذا كنت أفسح المجال للشخصيات للتعبير عن نفسها، فحصلت على نهاية غريبة جداً يصعب شرحها، ولكنها رغبة الشخصيات الروائية.
هل كانت تلك القصة الوحيدة التي فرضت فيها حضورك ككاتبة؟
نعم. إضافة إلى قصة ( ومن الطين ُخلقنا)، وهي آخر قصة في هذه المجموعة وأكثرها إتقاناً، وأحداثها واقعية. ففي عام1985 ثار بركان في كولومبيا أدى إلى احتجاز فتاة في الطين، ثم توفيت بعد أربعة أيام من الألم الرهيب، شاهدتها في تلفاز فنزويلا، فكتبت القصة، وعند الانتهاء من كتابتها، وجدت أنني قد قدمتها من وجهة نظر عقلانية، لأني استخدمت العقل في كتابتها، وعلى رغم ذلك فقد جاءت تزخر بالعواطف.
وبعد ذلك اكتشفت أنها لم تكن قصة تلك الفتاة بل قصة الرجل الذي كان يحمل الفتاة، لذا وجدتني أعيد كتابة القصة مرة أخرى، وعندما انتهيت منها، وجدت أنها لم تكن قصة الرجل الذي كان يحمل الفتاة بل قصة السيدة التي كانت ترقب المشهد عبر الستار، وهو ما يخلق بعض المسافة المصطنعة، من القرب الشديد لأنك تستطيع أن ترى ما لا يمكنك أن تراه لو كنت هناك فعلاً، وعليه فقد جاءت القصة تصوراً للتغيير الذي طرأ على السيدة في مراقبتها للرجل الذي كان يحمل الفتاة وهي تحتضر!
هل تعتقدين بأنه ينبغي على كتاب القصة القصيرة الواعدين أن يخلقوا مثل ذلك الستار، ليس فقط لينأوا بأنفسهم بعيداً عن أحداث القصة، بل لكي يكتسبوا المقدرة على أن يمحصوا أفكارهم من دون أن يفرضوا حضورهم على القصة أيضاً؟
- أعتقد أن لكل كاتب طريقة مختلفة، وليس بالإمكان أن تعطي وصفة أو صيغة محددة لعدم جدوى ذلك، فالأسلوب الذي ينجح استخدامه في إحدى القصص ليس بالضرورة أن ينجح في قصص أخرى، وأرى شخصياً أن أهم نقطة في القصة القصيرة، هي أن تتحكم في النغمة في أول ستة أسطر من القصة، فالنغمة هي التي تحدد الشخصيات.
بينما في الرواية يكون الاهتمام بالحبكة والشخصيات والعمل والمبدأ «النظام»، وهناك أشياء كثيرة تتم فيها، أما القصة القصيرة، فتجد النبرة واللغة والإيحاءات والإلهام «الدامغ»، من دون وصفة معينة، ولذلك تجدني لا أحبذ كتابة القصص القصيرة بل أمقتها. أحب قراءتها ولكني لا أحب كتابتها، وأفضل أن أكتب ألف صفحة من رواية طويلة على أن أكتب قصة واحدة، كلما قصرت كانت أصعب.
كتابة القصة القصيرة
هل بإمكانك التوسع في الحديث عما يجعل كتابة القصة القصيرة أمراً عسيراً؟
- هو كون كل شيء يُرى بوضوح، فقد تجد في الرواية الكثير من العقد والخيوط الهشة، التي- لحسن الحظ - يمكن إغفالها بتأثير جمال الحكاية، إذ يقع القارئ في فخ زخم الأحداث - أشبه ما تكون بحفلة صاخبة - بينما الوقت في القصة القصيرة محدود جداً، والحبكة مختصرة ومكثفة كذلك- هذا إن كانت هناك حبكة- فإن حدة الذهن والإيحاءات أمور مهمة، لأنك تخاطب خيال القارئ، ووسيلتك الوحيدة هي اللغة، وليس هناك مكان أو وقت لأي شيء آخر، كل شيء يظهر للعيان.
وبمقارنة هذين الجنسين الأدبيين تجد الرواية أشبه ما تكون بقطعة كبيرة من نسيج مزركش حافل بالتفاصيل، وقد تم تطريزها بخيوط مختلفة الألوان، وليس لديك أدنى تصور عما سيكون عليه الشكل النهائي لها، أما القصة القصيرة فهي مثل السهم، لك فيه رمية واحدة فقط، وهذا يتطلب منك الدقة والسرعة ومعصم ثابت للرامي، حتى يحسن التصويب «إصابة الهدف».
ولذلك فعليك إما أن تبدأ بداية صحيحة، أو تترك الأمر بأكمله، إذ يجب أن تحسن الأداء من أول مرة، فكيف يمكن للمرء أن يفعل ذلك؟ هنا - على ما أعتقد - يأتي دور الإلهام، ولأنني إنسانة غير ملهمة، فلا أرتاح لكتابة القصة، بل أعمل من دون كلل، ولا أمانع في أن أقضي 12 ساعة يومياً ولمدة سنة في كتابة الرواية، وأشعر بالأسى لأنني أفتقد الإلهام الذي أحتاجه.
هل تشعرين بأنه قد آن الأوان لكتابة قصة أخرى؟
- لم أشعر بالرغبة في كتابة قصة أخرى منذ عام 1987 ربما لأنني قد أجد الحافز للكتابة يوماً ما بحسب الظروف، والقراء يطالبونني دائماً بقصص قصيرة لسبب أو لآخر، أما الناشرون فلا يحبذونها لاعتقادهم بصعوبة تسويقها، والطلاب يفضلونها بشدة، وكثيراً ما أتلقى منهم رسائل بهذا الخصوص. هل تعلم أن صناع السينما يرغبون فيها لسهولة تحويلها إلى فيلم سينمائي إذا ما قورنت بالرواية؟
لقد كتبتِ في قصتك «حياة لا متناهية»، الآتي: «هناك أنواع مختلفة من القصص، بعضها يولد لحظة الحكي، وتكون مادتها اللغة، وقبل أن نعبر عنها بالكلمات تكون قد أصبحت مجرد أثر(إشارة للعواطف)، مجرد نزوة عقلية صورة ذكرى غير ملموسة، والبعض الآخر عبارة عن كل جلي ملموس مثل التفاحة، ويمكن إعادته مراراً وتكراراً من دون الخوف من تغيير معناه. بعض القصص تقتبس من الواقع وتساعد قوة الإبداع على تطويرها، بينما تنبثق قصص أخرى من مجرد فكرة ملهمة، ثم تصبح حقيقية، بعد أن تتم روايتها (حكيها)، ثم هناك القصص الغامضة المبهمة،) التي تختبئ في ظلال العقل، مثلها كمثل الكائنات الحية التي تنمو لها جذور وأطراف نمواً غير طبيعي وتغطيها الطفيليات، ومع الوقت تتحول إلى كوابيس، ولكي تطرد الشيطان من الذاكرة ينبغي عليك أن ترويها على شكل قصة».
فهل هذا هو تعريفك للقصة القصيرة وأسلوبك ومنهجك في كتابتها أيضاً؟
- هذا ما أشعر به نحو كتابة القصص، فلقد عشت حياة طويلة تعسة، وكثير من الأمور يختبئ في زوايا سرية من قلبي وعقلي، ولا أعلم بوجودها هناك، ولكني أحس بالألم وبثقل تلك القصص التي أحملها معي أينما ذهبت، ثم عندما أكتب قصة أدرك أني أعطيت شيئاً مما في داخلي، وأن ذلك الشيطان قد أطلق من مخبئه، يحدث هذا من دون وعي تام مني - سوى في بعض الأحيان- وعندما أشعر بالارتياح.
وما أحس به نحو الفن الروائي هو ما يفعله بعض الناس في الجلسات العلاجية، أو في لحظات التأمل، أو في حالات الثمالة. بل إن طريقتي في التخلص من الألم هو تطهير ذهني وفهمي للعالم بكتابة القصص، وهذا ما قد يعنيه ذلك المقطع الذي استشهدت به في سؤالك، إذ الشياطين والملائكة بداخلي – والذين لا أدرك أنهما بداخلي - يجب عليّ أن أخرجهما إلى النور وأتحدث عنهما وأراهما في النور.
من أي المصادر تستقين الخبرات التي تضعينها في قصصك؟
- معظمها من أحداث قد وقعت فعلاً، فالصحف والتلفاز والمذياع هي من أعظم مصادر إلهامي، فمثلاً قصة «ومن الطين خلقنا» - التي تحدثنا عنها سابقاً - استوحيت فكرتها من أحداث شاهدتها في الرائي. وأحياناً بعض الأحداث المقتضبة التي أشاهدها في نشرة الأخبار، تثير فيّ تساؤلات كثيرة عنها.
إحدى قصص «إيڤالونا» - لا أذكر عنوانها جيداً - تحكي عن سيدة اختطفها رجل وسجنها في زنزانة لمدة 50 عاماً، لم تتحدث خلالها مع أي شخص وأصبحت كالحيوان في الظلام، وعندما أنقذت أخيراً، تحولت إلى ما يشبه الوحش المخيف.
حصلتُ على معلومة من نشرة الأخبار في (ڤنزويلا) مفادها أن رجلاً غيوراً اختطف شابة، ووضعها في زنزانة لمدة 50 عاماً، رأيتها عندما أحضروها مدثرة ببطانية، وهذا كل ما رأيته، إذ لم يذكروا عنها أية تفاصيل أخرى في الأخبار بعد ذلك.
فبدأت أسائل نفسي: لماذا حدث ذلك؟ لماذا لم تصرخ؟ لماذا لم تحاول الفرار؟ كيف بقيت على قيد الحياة؟ وبتكرار هذه الأسئلة على نفسي وجدت الحافز لدي للكتابة، واكتملت القصة. وفي أحيان ٍأخرى أستوحي أفكاري مما يحكيه لي بعضهم معتقدين أنه حكاية، وعندما أفكر في ما يقولونه ملياً أدرك أنه ليس القصة، فالقصة في الواقع هي ما وراء ذلك، بل أبعد منه، إنها ما أقوم بتخمينه.
كيف إذاً تغلفين الأدب القصصي بالحقيقة والعكس؟
- لا يمكنني رسم الحدود بينهما بل إني أعتقد أن كل شيء حقيقة، وأن الأدب الروائي ما هو إلا وسيلة للقول بصدق الأمور منذ البداية، وما الأدب القصصي إلا مجموعة أكاذيب، ولكنه لن ينجح إن تنبع تلك الأكاذيب من مصدر صادق أمين بداخلك.
لماذا تريد أن تكتب تلك القصة؟ لماذا تريد تلك الشخصيات من دون غيرها؟ لأنك تضرب على أوتار خبرتك الشخصية، مشاعرك، انفعالاتك، ماضيك، سيرتك الذاتية «حياتك الشخصية» أو روحك بمجملها، ولأنك تعمل من هذا المنطلق فستصبح قصتك حقيقة وتنجح، وإلا فإنك تكون قد خلقت عملا ً روائياً زائفاً «متكلفاً»، ولكنه مقنع مثل الروايات الرومانتيكية وقصص المغامرات المثيرة والخرافية، وجميعها أجناس أدبية لا تتعامل مع الحقيقة، على رغم أنها تقع تحت مصنّف الأدب الروائي، أدب التسلية الذي لسنا بصدد التحدث عنه الآن، بل لدينا ما هو أعمق منه بكثير.
هل مدينة آجواسانتا هي مدينتك الخيالية «الأسطورية» مثلما كانت يوكناباتوفا مدينة وليم فولكنر، أو واينسبرج أوهايو مدينة شيروود أندرسون؟
- كلا، فأنا أرتاح أكثر في مكان وزمان غير محددين، يعجبني الغموض عندما تدور أحداث القصة في مشهد يقوم القارئ بابتداعه، وإن أمعنت النظر فستجد أن كل ما تعرفه عن مدينة أجواسانتا هو أنها شديدة الحرارة، ولكنك لا تعرف أين تقع، ولا كيف تبدو، ولا عدد سكانها، لأنني قصدت أن أجعلها مكاناً خيالياً للقارئ وليس لي أنا.
وبالطريقة نفسها أتعامل مع الشخصيات في قصصي، نادراً ما أعطي وصفاً جسدياً لهم، لأنني أريد أن يقوم القارئ بخلق الشخصيات بنفسه، ولذلك أصف فقط ما أعتقد أنه جوهري جداً للقصة، ولا أذكر تفاصيل مثل كون الشخص متخلفاً عقلياً أو ذا شفة أرنبية أو طويلاً جداً، إلا إذا كان ذلك مهماً للقصة، وإلا فلن أذكره، كما أنني لا أحدد عمر الشخصيات فلا تستطيع أن تجزم إن كانوا شباباً أم شيوخاً.
الواقعية السحرية
يمتزج في قصصك الواقع مع الخيال، مما يجعلك من ضمن كتّاب الواقعية السحرية، كما يُستشف من كتاباتك حسك الأنثوي المرهف، ومحاكاتك لكل من بابلونيرودا وماركيزدوساد، هل يمكن تصنيفك على أنك كاتبة أنثوية؟
- نعم. ولكن ينبغي أن نتفق على مفهوم مصطلح «أنثوي- Feminist»، ففي الوقت الحاضر يعني هذا المصطلح لعدد كبير من الناس معاني سلبية كثيرة، لأنني امرأة ولأنني امرأة ذكية - عذراً على غطرستي - فينبغي عليّ أن أكون من المنادين بالمساواة بين الجنسين، أعي تماماً كوني امرأة، وأعي كذلك أن أكون امرأة وُلدت امرأة، فذلك يعتبر معوقاً لها في معظم أنحاء العالم ما عدا في المجتمعات المميزة جداً.
وفي النخبة من المجموعات، إذ حصلت المرأة على الحرية والوعي الكافي للمطالبة بحقوقها.
ولكن في جميع الأحوال على المرأة أن تبذل ضعف الجهد الذي يبذله الرجل لكي تحصل على نصف التقدير الممنوح له، أتمنى أن تعيش ابنتي وحفيداتي وبنات حفيداتي في عالم معقول، وأن يعيش ابني وأحفادي وأبناء أحفادي في عالم أفضل، يكونون فيه شركاء ورفاق، إذ يسود حبنا لأنفسنا وللآخرين ولكوكبنا، لذا أعتقد أن هذا ما تعنيه كلمة «أنثوي»: «الوعي والقوة والكفاح من أجل ما نؤمن به».
المقدمة التي تصدرت روايتك بيت الأشباح، وكانت أبياتاً لبابلونيرودا، إذ يتساءل الشاعر: «كم يستغرق الإنسان من الزمن ليموت؟»، «قد يجيبه والد إيدي في رواية فولكز، بينما احتضر قائلاً: «السبب في الحياة هو للاستعداد للبقاء ميتاً لفترة طويلة». كيف يمكن أن يكون جواب آلبا أو إيڤالونا أو جوابك أنت؟
- لا أعرف عن إجابة آلبا أو إيڤالونا، ولكني أعرف إجابتي، أعتقد أننا نعيش لنتعلم، نأتي إلى الدنيا لنتعلم عن طريق الجسد ما لا تستطيع الروح اكتسابه بطريقة أخرى، لذا نحن بحاجة إلى هذا الجسد لنحوله إلى معقل «صرح» للمعرفة، وهذا عسير لأن بيئتنا لا تشجع على ذلك، ولكني أحاول استخدام حواسي وخيالي وجسدي وعقلي وجميع ما أملك في هذه الحياة لأنمي الروح، ولهذا أتينا، وإن فكرت ملياً في الأمر فستجد صمتاً قبل ميلادنا وصمتاً بعد وفاتنا، أما الحياة فهي صاخبة جداً.
في رواية إيڤالونا تخاطب ألڤيرا صديقتها إيڤا قائلة: «أجزم بأن لرحم والدتك أكبر الأثر لمنحك القدرة الابتداعية التي تروين بها الحكايات ياعصفورتي الصغيرة». هل هذا هو مفتاح كتابة القصة القصيرة؟
- هو إحدى الحيل التي نستعين بها. إنه لشيء مذهل كيف تحدث بعض الأمور أحياناً وأدونها غير معتقدة بأن يلحظها أحد، فمثلا ً اختلق وصفة لطهي طبق معين بشكل عشوائي، فيتصل بي أحدهم ويخبرني أن الوصفة لم تنجح، وإذا ما قدمت وصفة للتجميل بقولي: «وإن فعلت كذا فستحصل على شعر أشقر»، وهذا غير صحيح، أجد الناس يصدقونني، وتلك هي إحدى الخدع.
عودة إلى موضوع التأكيد على أنك كاتبة أنثوية. ما الأمر الذي لا ترغبين في أن يسيء القراء فهمه في أعمالك؟ أرجو ألا يكون سلبياً، كأن لا يرغبون في قراءة أعمالك بصفتها أدباً نسائياً، مما يقضي على روح الأدب.
- لا أدري فلكل قارئ أسلوب مختلف، أرغب في تسلية قرائي واجتذابهم نحو القراءة، وأسعى إلى دعوتهم للدخول إلى هذا المكان الرائع، إذ نشترك في قصة أعطيهم نصفها، بينما يعيد القارئ خلق نصفها الآخر، وهذا هو الفضاء الذي نتقاسمه، وأحياناً تشتمل هذه القصص على عناصر سياسية أو اجتماعية أو أمور نسائية «أنثوية» أو بيئية.
وأنا أفصح عن جميع المسائل التي أؤمن بها، ولكني لا أسعى إلى بث أية رسائل، وليس لدي إجابات أو حلول، كل ما لدي هو أسئلة أود إشراك الآخرين معي فيها، ومن ناحية أخرى فإن إطلاق مسميات معينة أمر لا يمكن تلافيه مع وجود النقاد، فالنقاد مخيفون، لأنهم يطلقون عليك ألقاباً ويصنفونك كما يحلو لهم. لا أريد أن أصنف على أني كاتبة أنثوية أو سياسية أو اجتماعية أو كاتبة رواية الواقعية السحرية أو كاتبة من أميركا اللاتينية. أنا كاتبة وكاتبة روائية فقط.
لم تُنقذ شهرزاد حياتها فقط عن طريق القصص التي روتها، بل حصلت على تقدير السلطان كذلك، خلاصة الأمر أنها قد بعثت نفسها إلى الوجود بقوة الكلمة. هل بطلتك إيڤالونا هي من بعثت «الأنثى» إلى الوجود بفعل الكلمة؟
- نعم، كما - وبشيء من الغرابة - أرى أن إيڤالونا هي أنا، وأنا إيڤالونا، إنها هي رواية القصة، وهي من خلقت نفسها، ولا يعلم القارئ أو القارئة إن كانا يقرآن قصة حياة إيڤالونا ولا ما الذي ابتدعته عن نفسها، ولا عن المسلسل التلفزيوني الذي تكتبه.
وعليه فهناك ثلاثة مستويات لقراءة وفهم هذه الرواية، وهذا على ما أعتقد – ما كانت عليه حياتي الخاصة - فإن طلبت مني أن أروي لك قصة حياتي فسأفعل، وربما تكون قصتي مجموعة من الأكاذيب لأنني ابتدع نفسي باستمرار.
وفي الوقت نفسه ابتدع الرواية، وعن طريق هذا القصص أظهر نفسي، لذا فحياتي تجري على ثلاثة مستويات، ولا أستطيع أن أحدد من أنا، فكما أسلفت الحدود بين الواقع والخيال غير واضحة .
هل هذه المستويات الثلاثة، هي التي ينبغي على القراء أن يضعوها في الاعتبار عند قراءتهم لمجموعة قصص إيڤالونا. لا تضع في الاعتبار أي شيء، فقط استمتع بما تقرأ.
- أعتقد أنك تلمحين إلى الناقد هنا.
- أيها الناقد استمتع فقط بما تقرأ.
في نظرك ما الذي تفقده قصصك عندما تُترجم؟
- لقد تُرجمت كتبي إلى 27 لغة، وهذا ما نما إلى علمي، ولكن هناك ترجمات أخرى لم أعتمدها، مثل الترجمة إلى اللغة الڤيتنامية والصينية، وأنا لا أستطيع التحكم في الترجمات المرخصة، فمن باب أولى ألا يكون لي سلطة على تلك التي لم تُرخص.
الترجمات الإنكليزية والفرنسية والألمانية جيدة جداً، وحالياً كلما أقرأ الترجمة الإنكليزية بصوت عالٍ أشعر بعدم الارتياح.
أعتقد أن الترجمة رائعة، بل وأفضل من التي كتبت باللغة الإسبانية وهي الأصل، ولكنها أصبحت قصة مختلفة، لأني لا أشعر بكينونتي سوى في رحاب لغتي، التي أحتاج لأن أعبّر عن نفسي بها.
عندما أداعب أحفادي فيكون ذلك بالإسبانية لما فيها من الهزل والعذوبة، ولأنها تنبع في شكل فطري وعفوي لا يمكن حدوثه إلا في اللغة الأم، مثلها كمثل الأحلام.
شياطين الذاكرة
هل هناك أمر لا يمكنك الكتابة عنه، أقصد أحد «شياطين الذاكرة» التي لا يمكنك طردها؟
- لا أعرف، لأنني أحاول أن أطردها جميعاً. وعلى مدى الزمن ربما أفلح في ذلك إن قُدّر لي أن أعيش مدة أطول، لدي الكثير من الأرواح الشريرة، وبعض الأشياء التي تظهر مراراً وتكراراً في كتاباتي ولا يمكنني تلافيها، مثل الحب والعنف لما لهما من تأثير قوي على حياتي.
لقد كتبت أربع روايات ومجموعة قصصية بلغت بها قمة الشهرة، هل تعتقدين أنه حان وقت مجموعة قصصية أخرى؟
- لقد أكملت للتو كتاباً سينشر قريباً وتتم ترجمته الآن، وهو عبارة عن مذكرات، وليس رواية، ولكن يمكن قراءته كرواية. وبعد انتهائي من الكتاب خارت قواي وشعرت بالإرهاق الشديد، فقررت ألا أقوم بأي عمل لمدة ستة أشهر، ولنر ما سيحدث، ولكني ما ألبث أن يصرخ صوت ما بداخلي قائلاً: :لِم لا تفكرين بكتابة قصص؟» ولكن كما أخبرتك سابقاً أحتاج إلى الحافز للكتابة، وإن لم يحدث هذا....
هل لنا بكلمة توجهينها إلى كُتَّاب القصة الواعدين حول كتابة القصة القصيرة؟
- لا تكتبوا القصة بل اكتبوا الرواية، لأنها أسهل بكثير كلما طالت كانت أفضل، ستجدون ناشراً وعملاء، ومن السهل جداً كتابتها، أما القصص القصيرة فهي أقرب إلى الشعر وإلى الأحلام منها إلى الروايات، وتحتاج إلى المهارة في الكتابة.
كم من القصص تستطيع أن تتذكر؟ كم منها جدير بأن يبقى في الذاكرة؟ كم منها قصص عظيمة؟
كم من كتّاب القصة اكتسبوا أهميتهم لمجرد أنهم كُتّاب قصص فقط؟ ذلك لأن القصة فن أدبي شديد الصعوبة.
لذا فإني أنصحهم بأن يبدأوا بكتابة الرواية، ومن ثم القصة، بعد أن يكتسبوا المهارة الكافية بكتابتها.
بينما يعتقد بعضهم بعكس ذلك، وأنهم إن استطاعوا أن يكتبوا قصة ففي آخر الأمر سيتمكنون من كتابة رواية، وفي الواقع أن العكس صحيح، فإن استطعت كتابة رواية يوماً ما وبكثير من الجهد وحسن الحظ سيكون بإمكانهم أن يكتبوا قصة جيدة.
* نُشر اللقاء في مجلة «نوافذ».
سيرة ذاتية...
وُلدت الكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي عام 1942في مدينة ليمابيرو، وعملت بالصحافة ثم التدريس بجامعة فيرجينيا وتشارلوتسڤيل وكلية مونت كلير ونيوجرسي. وفي عام 1989 قامت بتدريس الكتابة الإبداعية في جامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي.
المؤلفات
- مؤلفاتها الأكثر رواجاً في العالم: بيت الأرواح 1981
The House of Spirits، خطة لا متناهية 1991The Infinite Plan، عن الحب والظلال 1984 Of love And Shadow، إيڤالونا 1987
Eva Luna، وقصص إيڤالونا 1990The Stories Of Eva Luna. وكان آخر كتاب لها هو باولا1994 Paula ، وهو عبارة عن مذكرات عن تجربتها الحزينة، وهي ترقب ابنتها تصارع الموت لفترة طويلة.
افلام وترجمات
- حُولت بعض رواياتها إلى أعمال سينمائية، وتُرجمت أعمالها إلى 27 لغة، إذ كانت الأكثر مبيعاً في أميركا اللاتينية وأستراليا والولايات المتحدة الأميركية و حصلت الليندي على جوائز أدبية عدة، وتعيش حالياً مع زوجها في ولاية كاليفورنيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.