لعل اجتماع نخبة من المثقفين والأدباء الذين يربو عددهم على الأربعين في الاحساء يعد أهم حدث ثقافي على الساحة المحلية في الفترة الأخيرة، حيث أن هذه المنطقة الكبيرة وتنوعها الثقافي والفكري وثراؤها الفني والتراثي تفتقد إلى نادي أدبي خاص ومستقل بها . ويرى البعض أهمية فصل الاحساء عن نادي الشرقية، كون هذا المسمى يختص بهذه المنطقة وحدها فلا يوجد ناد أدبي للغربية أو الشمالية أو الوسطى فلماذا لا ينشأ ناد لهذه المنطقة الحيوية ؟ هذا الاجتماع .. ربما غابت عنه بعض الرموز لسبب أو لآخر إلا أنه حفل بالكثير من المشاغبات والمداخلات وإن لم تأت في صلب الأمسية .. وتحدث البعض عن كلام خارج الكواليس وانتقادات هنا وهناك . وثمة ثرثرات عن أن المشروع أخذ أكثر من حجمه إذ أنه حسب البعض ليس هناك ثقافة في الاحساء واحتج البعض عن أنه لا يوجد ناد في المملكة يطلق عليه صفة الثقافي فلماذا برزت هذه التسمية في مشروع نادي الاحساء .. لعل الإجابات كثيرة بيد أن التسمية كما يبدو ليست مهمة إلى هذا الحد فما يضر في التنازل عن كلمة ثقافي إذا كان مضمون النادي ثقافياً ؟ وحركته وإبداعاته تصب في الجانب الثقافي و تسريع الحركة الفكرية في البلاد ؟ ما يهم في الأمر الإجابة عن تساؤل يجب أن يكون شفافاً والجميع قادر على التأقلم معه، وهو هل هذا النادي سيكون رقماً جديداً عادياً في مسلسل الأندية الأدبية التي يشتكي الجميع منها أم أنه سيحاول اتخاذ خطوات أخرى ؟ ليس لنا حق الإجابة لأننا (اليوم) كنا هناك كمراقبين وحاولنا استطلاع آراء بعض ممن حضروا وممن لم تسعفهم ظروفهم للحضور، واليوم إذ تثير هذه التساؤلات تسعى للبحث عن إجابات تكون بمثابة البلسم للمتلقى سواء الاحسائي أو عموم المثقفين والمهتمين في المنطقة على أمل أن ينهض هذا النادي ويقام على أكتاف من بحثوا عن فرصة لإنشائه وتأسيسه تحت ظل رعاية الشباب . وبدايته قال الشاعر جاسم الصحيح إن أهم فقرة في اللقاء كانت كلمة الدكتور الهرفي بخصوص الانفتاح والحوار الأخوي، مضيفاً انه حزين لأن الكثير من المثقفين لم يحضروا . وأشار الصحيح إلى أن التوقيع على الوثيقة بإنشاء النادي هو أهم ما جاء في الاجتماع متسائلاً هل نحن مستعدون لناد أدبي في الاحساء وخصوصاً من ناحية الانفتاح ؟ وأضاف الصحيح ان عدداً كبيراً من الاحسائيين يحضرون نادي الشرقية الأدبي مشيراً إلى أن هؤلاء سيلحقون بناديهم الجديد مشككاً في مقدرة نادي الشرقية مواصلة مسيرته خاصة في حال عدم تواجد أدباء محافظة القطيف الذين يمثلون جانباً كبيراً فيه . وأشار الصحيح إلى أن الحركة الأدبية في الاحساء تعتمد بشكل كبير على المجالس الأدبية والصالونات المنتشرة في بيوت كثيرة يجتمع فيها الأدباء لكل منطقة وهذا النادي سيجمع شملهم مشدداً على أهمية الانفتاح لأنه في غير ذلك سنكون مثل أي نادي تقليدي آخر ولن يحقق أي طموح، مستدركاً أنه إذا قامت ادارة انفتاحية فإنه سيلقى صدى كبيراً، ففي السنوات العشر الأخيرة حدثت ثورة أدبية تستحق التقدير . أما عن تسمية النادي بالثقافي فيستغرب الصحيح هذه التسمية قائلاً لا أعرف من أين جاءت ، فكل الأندية في السعودية أدبية، مشيراً إلى أن التسمية الأدبية تشمل الثقافة، وإذا ما نظرنا للثقافة في بعدها الفكري فإن الثقافة الاحسائية تجلس على الهامش أو على خط الذاكرة وبعيدة عن المركز، وينطبق هذا الأمر على الأمة العربية التي تعيش على هامش التاريخ تتسول على موائد الغرب وتنتظر ما يأتيها من الغرب . ربما الثقافة في صفتها الشاملة هي ذلك التعبير عن السلوك والتقاليد في مجتمع ما، بالإضافة إلى فنونه ومنجزاته الحياتية في تبلورها، فإذا ما تحدثنا عن الثقافة بهذه الصفة فلا نقول إننا تنويريون، لكن في الفترة الأخيرة كانت محاولات لتحريك الماء الراكد في الثقافة الاحسائية على أساس أن يبدأ النهر في الجريان خصوصاً وأن بعض المثقفين لم يقتنعوا بالضغط التاريخي عليهم . وإذا قام النادي الأدبي بالاحساء ستلقى مسئولية كبيرة علينا وسنرتبط به بالطبع، ومن المفترض أن يكون بمثابة المولد للكهرباء الثقافية مشيراً إلى أن أهم ما يتوجب على النادي القيام به هو توحيد شمل الأدباء المتوزعين على طول المساحة الجغرافية وتوزعهم على تيارات متناثرة، فهل يتوحد المثقفون تحت رايتها ؟ مضيفاً إن النادي سيكون له وقع جميل وسيكون حضوره أقوى من جمعية الثقافة والفنون، مؤكداً على ما ذكره بضرورة أن تكون الادارة تنويرية وقادرة على استيعاب الجميع بغض النظر عن الهوية الأدبية . وأكد الدكتور سلطان القحطاني على أن المجتمعين يمثلون المثقفين ولو أنهم لم يحضروا جميعاً وتفاجأت بغياب أدباء ومثقفين لم يحضروا مثل الشاعر محمد الجلواح مستدركاً ان الظروف ربما لم تسمح لهم ويظل هذا اللقاء الأول لابد أن يحصل فيه بعض القصور، وسيتم مستقبلاً تلافي النقص في الاجتماعات المقبلة، ان قيض لهذا النادي أن يؤسس وأن يكون له وجود حقيقي أما عن الثقافة إذا لم توجد في الاحساء فأين توجد ، مضيفاً ان الاحساء بلد الفنون الشعبية والتراث، والأدب، بجميع اصنافه مشيراً إلى أن البلد بحاجة لناد يجمع شتات هذه الثقافة المترامية الأطراف ويوحدها يجمعها ناد تحت مظلة ثقافية مع بقاء الصوالين الأدبية المنتشرة بكثرة في الاحساء وأثار القحطاني في بعض التساؤلات : ماذا هيأ النادي ؟ وهل أنه يختلف عن بقية الأندية، وهل هناك مؤهلون للنشاط الداخلي مجيباً إن الرد على هذه التساؤلات قد يترك للمستقبل مضيفاً إننا لا نستطيع الحكم على بيروقراطية النادي قبل قيامه على الواقع وكل أملنا أن يبتعد النادي المرتقب عن الروتين الذي تعودنا عليه وأن ينفتح على جميع الأجناس حتى الشعر الشعبي بإقامة الأمسيات الشعبية لكي يكون حاضراً ومؤثراً وحاضناً لجميع الفنون، ويتجنب أخطاء الأندية السابقة . وأضاف القحطاني إن النادي لا يصنع مثقفاً لكنه يساعد في تقديم موهوبين وتحقيق التقارب في الآراء وفي الوحدة وفي نبذ التقوقع الفكري حول كثير من الآراء فنرجو تجاوز كل هذه السلبيات وننظر من المثقف أن يقدم للوطن ما يفيد . وموجهاً خطابه للمثقفين والشعراء ممن حضروا ولم يحضروا قال علينا أن نتجاوز كل الخلافات ونبدأ في تأسيس وحدة ثقافية تتسع للحوار بين جميع الأطراف . أما الدكتور خالد الحليبي فأشار إلى أن المجتمعين لا يمثلون الأدباء ولم نعلم بهذا الاجتماع، وهم أخرجوا أنفسهم على أنهم يمثلون الثقافة مضيفاً أنهم لا يمثلون إلا المجتمعين، حتى نشرهم للخبر كان فيه نوع من التضخيم الإعلامي، متسائلاً من هي الشخصية التي كانت خلف المشروع كما يقولون مجيباً أنهم ولم يوضحوها من ناحية أخرى يتوقع الحليبي أنهم لا يمتلكون مشروعا ولا برنامجا، ونوجه لهم السؤال ما هو مشروعكم وبرنامجكم لإخراج ناد أدبي ثقافي يمثل تيارات متعددة وإذا لم يمتلكوا مشروعاً يقدموه للمتلقي فكيف نفهم هذا الأمر؟ أما الثقافة في الأحساء فانها تمتلك شخصيات ثقافية متميزة بمفهومها الشامل فيوجد أساتذة في الثقافة الإسلامية، كلية الشريعة وجامعة الملك فيصل وهناك أسماء حداثية مشهود بثقافتها مثل الأستاذ محمد الحرز، أحمد الملا، إبراهيم الحسين. وأضاف الحليبي أنه لا يتوقع أن يقوم النادي الأدبي بهذه الطريقة، ولا يمثل الطموح إذا كان بهذا الشكل، ومتمنياً أن يتصحح هذا الأشكال وأن يقام هذا النادي على أن لا تكون هذه الخلافات عقبة في سبيل إنشائه. وقال الناقد محمد الحرز أن الاجتماع الذي حدث بتنظيم بعض المثقفين لكنه لم يكتمل. فالحضور لا يمثلون المثقفين بشتى أطيافهم لأن هناك من تغيب عنه أما الأسباب فشخصية أو الخلافات أيضاًُ شخصية مع المنظمين لكن الصورة العامة للملتقي فكانت مجرد إلقاء كلمات لا اقل ولا اكثر بالنسبة لي فوجئت بما حدث، إذ كان من المفترض أن يطرح الموضوع ويدرس بصورة قوية لأن جزءا منه يخص المجتمع الأحسائي والخبراء الآخر يخص المثقفين والأدباء لكن يبدو لي أن المسألة، مسألة كلام وتسجيل حضور وأضاف الحرز أن المسألة ليست بالتصويت والتوقيع على إنشاء النادي على أهمية ذلك، لكن يجب أن تعالج من الأساس وتطرح بشكلها النقدي، مشيراً إلى أن هناك مجالس أدبية في الأحساء ولكن على كثرتها لم تتمخض عنها رؤية استراتيجية لعمل ثقافي أدبي موحد للمنطقة، ولو حدث ذلك لربما خرجنا برؤية أفضل. أما بالنسبة للثقافة بمفهومها الشامل فهناك أشياء يجب أن تطرح للنقاش فالأحساء تمتلك جملة من العادات والتقاليد ما يسمى بالمجتمع الثقافي، فهذا المجتمع له عاداته المتأصلة في الداخل سواء بسلوكه اللغوي أو الجسدي، فهناك عادات لم يلق الضوء عليها حتى الآن، فالمجالس الأدبية تهتم بالأشياء الشخصية لا تمثل بعدا نقديا للثقافة الأحسائية، وهذا مطلب حقيقي لكل عمل ثقافي جادا، لم يطرح هذا الطرح بصورة أو بأخرى ولم يكن العمل جاد، حتى نصل لحالة من التوافق الفكري ومن الحالة التي تؤدي إلى جانب مهم في المسألة. والجزء الأهم ليس هناك تنسيق بين المثقفين في الأحساء كل يعمل على هواه بمفهوم تحزبي في ممارسة الثقافة والأدب والمسألة لا تتجاوز ثقافة تقليدية ليست هناك ثقافة متحركة. أما الحكم على النادي بالبيروقراطية فهذا سابق لأوانه لكن العمل المؤسساتي ( لو) كانت هناك مؤسسة كان هناك انفراج بسيط، فيمكن أن تبرز أصوات تعزف على وتر مختلف عن الأصوات الموجودة، فنشوء النادي في حد ذاته نوع من الإيجابية. لأنها تخلق منافسة، فلو كان موجود أكثر من نادي في المنطقة، تخلق منافسة وتؤدي لبروز أصوات مختلفة، أما إذا كانت مؤسسة بيروقراطية، أحادية تؤدي إلى الهيمنة على الثقافة ستخفي أصواتا كثيرة جداً وهذا ما يحدث الآن. وأضاف الحرز أن كل مثقف يطمح إلى النهوض بمنطقته مقارنة مع المناطق الأخرى، وذلك بعمل ثقافي جاد، مشيراً إلى أن البحوث الجادة مفقودة، فوجود مؤسسة تعوض جزءا منها، لا أراهن على المؤسسة بشكل كبير، لكن المراهنة تأتي من ايجاد أفراد مثقفين، يشكلون نواة حقيقية للمجتمع فهؤلاء الأفراد لا يوجدون بصورة حقيقية وأن وجدوا فهم على الهامش، وربما المؤسسة تبرز المثقفين الجادين ولم أتلمس هذا الجانب مستدركاً أنهم مختفين أو لا يحبون الظهور ربما لكن بالتأكيد هناك مثقف جاد يحاول أن ينهض بالثقافة، هذه الصورة الحقيقية على المدى المنظور. وقال محمد بودي وهو من المنظمين لهذا الاجتماع أن الدعوة كانت عامة، وكتب عنها في الصحف، والعملية كانت شبه عفوية وتم تبليغ الكثير لأنه تقريباً شبه مستحيل تقديم الدعوة لجميع المثقفين والأدباء في الأحساء.. وقد اعتذر بعض المثقفين لأسباب عائلية أو ظروف طارئة مثل الأستاذ مبارك بوبشيت والشيخ أحمد المبارك بسبب ظروفه الخاصة، أما الدكتور خالد الحليبي فقد كلفنا أحد الأخوان بتبليغه مشيراً إلى أنه وليس بالضرورة أن يحضر جميع المثقفين لأنها جزء من كل فكانت عبارة عن مجموعة تمثل الثقافة والأدب في الأحساء وفي النهاية هناك غاية لإنشاء ناد سواء وقع فلان أم لم يوقع، سنستمر في المشروع بما يخدم الأدب والثقافة في المنطقة. فمن غير المتصور أن لا يوجد ناد أدبي في الأحساء بلد العلم والأدب، ومركزها الحضاري معروف منذ القدم والتعليم في الأحساء له أثر على المملكة، والحركة الشعرية مزدهرة كلها أمور تحفز على استثمارها واستمرارها بناد حتى أصبحنا نقرأ ونسمع للمثقف والأديب الأحسائي في الخارج ولا يعرف عنه في منطقته، وهذه من الأمور العجيبة حقاً! وذلك لعدم وجود مؤسسة تهتم بالمثقف وجود مثل هذا النادي سيظهر تراث الأحساء من سيربط الأدباء والمثقفين بتراثهم بشكل أكبر. وأضاف بودي أننا نطالب بإنشاء ناد أدبي، لا ثقافي كما ذكر لأن الثقافة لها مفهوم أوسع متسائلاً أليس الأدب جزءا من الثقافة وهذا أت من جهد تطوعي مؤيداً من اجتماع لحفلة عشاء تجمع المثقفين في الأحساء ووردت الفكرة أثناءها ثم مررت ورقة للتوقيع عليها بالمطالبة بناد أدبي، ولم يكن هناك تخطيط مسبق قبل الاجتماع لكن ارتأيناها فرصة للاستفادة من الحضور للخروج بشيء مثمر. وذكر ( بودي): لابد أن يكون النادي مختلفا ويخلص من الأمراض التي أصيبت بها بعض الأندية، ومنها التفرد بالرأي، والشللية وعدم وجود التنوع الثقافي في الأحساء وعدم الإقصاء لأي طرف مشيراً إلى أننا نسعى لتجاوز هذه المسائل وهدفنا هو إشراك جميع الأطياف الثقافية وأن يكون أعضاء مجلس النادي منفتحين، وليسوا أشخاصا من ذوي الطبيعة الأقصائية، وأن يحترموا التعددية.كما نأمل من المسئولين في وزارة الثقافة والإعلام أن يكون مقعد الرئاسة بشكل تداولي بين أعضاء مجلس الإدارة بمختلف الفنون والآراء وليس بالتعيين، لأن هذه المشكلة تواجهها جميع الأندية الموجودة حالياً ولا نرغب أن نقع فيها. وناشد بودي المثقفين والأدباء على العمل الجماعي والابتعاد عن الفردية. فالمثقفون في الأحساء كحروف الجر ينوب بعضهم عن البعض الآخر. وإذا كانت هذه آراء بعض المثقفين والقائمين على المشروع وهذه بعض طموحاتهم وقد تمثل جزءًا كبيراً منهم، أو لعلها النموذج لهذا المشروع، فمتى يتأسس هذا النادي ومتى يجاب على هذه التساؤلات؟..