أعلن المتحدث الرئيسي باسم قوة العمل الأميركية في قطاع النفط العراقي ستيف رايت أن إعادة إنتاج النفط إلى مستوى الثلاثة ملايين برميل يوميا قبل الحرب، ستستغرق عاما كاملا. لكن رايت الذي حضر اجتماعا رئيسيا لرسم إستراتيجية الإنتاج والتصدير وإعادة تأهيل حقول النفط حتى عام 2004، أوضح أن ما وصفها بأعمال التخريب قد تقوض الجدول الزمني. وقال رايت إنه تم الانتهاء تقريبا من إصلاح خط الأنابيب العراقي التركي، ولكن العمل تعرض لنكسة أخرى بعد انفجار وقع مؤخرا. ويواجه مهندسو الجيش الأميركي وخبراء صناعة النفط العراقيون مهمة إصلاح المنشآت النفطية التي تعود إلى السبعينيات. وأوضح رايت أنهم يسعون لتجديد هذه المنشآت وليس استبدالها. وقال المسؤول الأميركي إن الطاقة الإنتاجية للعراق ستصل قريبا إلى 500 ألف برميل يوميا من النفط الخام في الشمال و880 ألفا في الجنوب. وكان العراق ينوي استئناف تصدير حوالي مليون برميل يوميا في منتصف يوليو الجاري، ولكنه أخفق في الوصول إلى عدة مستويات مستهدفة للإنتاج والتصدير، الا ان مسؤولي وزارة النفط العراقية قد أعربوا عن تشككهم في قدرة العراق على تنفيذ خطة استئناف الصادرات من حقول النفط بحلول منتصف يوليو. وقال ثامر غضبان المسئول عن وزارة النفط العراقية انه يتوقع ان يصل الانتاج الى مليوني برميل يوميا بنهاية العام. ويقدر مسئولو النفط العراقيون الانتاج الحالي بنحو 800 الف برميل يوميا ويصرون على انه لن يرتفع كثيرا ما لم يتم القضاء على اعمال التخريب والنهب. 144مليون دولار استثمار فى قطاع الطاقة ومن جانبها كانت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو اس ايد) قد أعلنت قبل الحرب بعشرة أيام عن عروض لعقود تبلغ 900 مليون دولار لإعادة اعمار العراق، وحسب وصف صحيفة وول ستريت جورنال فإن هذا المشروع أكبر مشروع اعادة اعمار تضطلع به الحكومة الأمريكية منذ البرامج الضخمة التي نفذت في المانيا واليابان في أعقاب الحرب العالمية الثانية. واكد ريتشارد باوتشر الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ستأخذ على عاتقها اختيار الشركات التي ستسهم في تنفيذ هذه المشاريع. كما اوضحت ايلين يونت الناطقة باسم الوكالة: ان ادارة الرئيس جورج بوش لديها خطة لإعادة اعمار العراق في وثيقة من 13 صفحة بعنوان (رؤية لعراق ما بعد الحرب) وزعتها الوكالة على عدد محدود من الاشخاص في واشنطن وعدد من الشركات، وجاء في الخطة انه مع انتهاء الحرب ستباشر مشاريع بناء لترميم شبكات المياه والطرقات والمرافئ والمستشفيات والمدارس، في غضون 18 شهرا لإيجاد اطار جديد للاقتصاد والمؤسسات، ورفضت يونت اعطاء معلومات خاصة حول عملية الاختيار الجارية حاليا. ولا سيما اسماء الشركات الأمريكية الخمس التي اتصلت بهم الوكالة الحكومية للمشاركة في العروض وهي بيكتل (ادارة مشاريع) وفلويور (هندسة وبناء) وهالبرتون (طاقة وهندسة) ولويس بيرغر وبارسنز. وتتنافس الشركات الخمس اضافة إلى شركات ثانوية اخرى للحصول على تعاقدات تمكنها من إصلاح البنية الأساسية العراقية التي دمرتها 3 حروب متتالية بما فيه الحرب الحالية، و تنفيذ مهام مختلفة منها اعادة فتح نصف الطرق والجسور المهمة اقتصاديا على الاقل أي ما يقرب من 2400 كيلومتر من الطرق امام المرور السريع. واصلاح 15 بالمائة من شبكات الكهرباء، وتجديد آلاف المدارس وتوفير 550 مولد طوارئ خلال شهرين. وفى قطاع النفط يزداد التنافس شراسة خصوصا ان الشركات الأمريكية تنظر بعين الحسد لنظيراتها الفرنسية والروسية على ما تحققه من مكاسب من الثروة النفطية الهائلة للعراق، و ترغب في استعادة وضعها السابق في قطاع النفط العراقي، حيث كانت تمتلك نحو ثلاثة أرباع الإنتاج النفطي العراقي، ولكنها فقدت هذه النسبة بعد تأميم القطاع النفطي عام 1972م، وتعد شركة (إكسون موبيل) العملاقة الأكبر بين شركات النفط العالمية بأصول تبلغ نحو 143 مليار دولار وبحجم عائدات بلغ عام 2001 حوالي 192 مليار دولار، وأكثر الشركات رغبة في احتلال المرتبة الأولى في الحصول على حقوق امتياز النفط العراقي ويعزز من حدة التنافس فى قطاع النفط على وجه الخصوص مدى التشابك الكبير في العلاقات بين رؤساء مجالس إدارة كبرى الشركات النفطية الأمريكية ورجال الحكم والسياسة في إدارة بوش الحالية، فمن المعروف أن هناك اكثر من مائة مسئول فى هذه الادارة وفقاً لبيانات "مركز السلامة العامة" الأمريكي في عام 2002 يضعون استثماراتهم التي تبلغ 144 ،6 مليون دولار في قطاع الطاقة ومعظمهم من النفطيين القدامى، ومنهم "ديك تشيني" نائب الرئيس بوش، الذي عمل كمدير تنفيذي في شركة "هاليبرتون" العملاقة للطاقة، وكذلك "كوندليزا رايس" التي كانت عضواً في مجلس إدارة شركة "شيفرون" النفطية الأمريكية. كما فازت (ستيفدورينج سرفيسيز أوف أمريكا) بصفقة لإدارة ميناء أم قصر بقيمة 4 ،8 مليون دولار، ومنحت هيئة المهندسين في الجيش الأمريكي عقدا لشركة (كيلوج بروان أند روت) المتخصصة في الهندسة لإخماد نيران آبار النفط وإعادة تأهيل المرافق النفطية، وقد تعرضت إدارة الرئيس جورج بوش لانتقادات حادة من الديمقراطيين في الكونجرس بسبب عدم فتحها باب المنافسة لتقديم العروض، واكتفائها بدعوة عدد محدود من الشركات إلى تقديم مقترحاتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ولكن المعركة الاقتصادية الأهم ستكون مع العراقيين انفسهم من جهة ومع حلفاء الحرب ومعارضيها على السواء من جهة اخرى وسط اجواء تنذر بان مهمة تحرير العقود ستكون اكثر ضراوة من تحرير العراق نفسه. وهذا ما حدا بادارة بوش إلى الاسراع بتقسيم التركة حتى قبل ان تطلق الرصاصة الاولى وقبل ان تتأكد من حجم الدمار المحتمل . الشركات الفرنسية تستفيد من الفرص ويرى تجمع مؤسسات خدمات النفط والغاز الفرنسية ان الشركات الفرنسية يمكنها الاستفادة من فرص في العراق وان كان ذلك صعباً في مواجهة المجموعات الأمريكية الكبرى. وقالت نشرة الصناعة النفطية ان تجمع مؤسسات خدمات النفط والغاز الفرنسي عقد اجتماعاً الاسبوع الماضي في باريس للبحث في آفاق الاستثمار في العراق. وتشعر هذه المؤسسات بالتفاؤل بعد اختيار المجموعة النفطية الفرنسية "توتال" الاسبوع الماضي لعقد لشراء مليوني برميل من النفط العراقي في ختام أول استدراج للعروض لبيع نفط عراقي خام منذ انتهاء الحرب. وقد حصلت شركات اوروبية على 5 ،5 مليون برميل من اصل 9 ،5 مليون برميل كانت مطروحة للبيع، واختيرت لهذه العقود الى جانب "توتال" كل من الايطالية "ايني" والاسبانيون "سيبسا" و"ريبسول". وكان مسؤولون أمريكيون هددوا في الماضي باستبعاد الشركات الفرنسية من عقود اعادة اعمار العراق بسبب معارضة باريس للحرب ضد هذا البلد. وقال تجمع المؤسسات الفرنسية ان العقود الرئيسية لاعادة الاعمار حصلت عليها شركات أمريكية تستطيع ان تلجأ الى شركات اخرى من دول اخرى، لابرام عقود من الباطن. ومنح اكبر عقد للمجموعة الأمريكية للطاقة والهندسة هاليبرتون التي كان يتولى ادارتها حتى العام 2000 النائب الحالي للرئيس الأمريكي ديك تشيني، دون اتباع اجراءات استدراج العروض مما اثار انتقادات حادة من جانب البرلمانيين الأمريكيين. وحصل فرع المجموعة نفسها "كيلوغ براون اند روتس" على عقد من الجيش الأمريكي لاخماد حرائق آبار النفط في العراق، وسع ليشمل استثمار وتوزيع النفط العراقي حتى العام 2004 على الاقل. وفي مواجهة الانتقادات طلبت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" من الوحدات الهندسية في الجيش الأمريكي استدراج عروض للمرحلة المقبلة من اعادة تأهيل البنية التحتية النفطية العراقية. ومفاوضات مشتركة مع ايران ومن جانبها تجرى ايران حاليا مفاوضات مع العراق بشأن تنفيذ مشاريع لتطوير الحقول النفطية المشتركة بين البلدين. واعلن مصدر مطلع في وزارة النفط الايرانية بان الوزارة قد ادرجت على جدول اعمالها برامج تطوير واستغلال الحقول النفطية المشتركة حيث تجرى حاليا فى هذا الاطار مفاوضات مع بعض الشركات الاجنبية لاختيار المقاولين، في اشارة الى ان احد المحاور الرئيسية فى مشاريع تطوير الحقول النفطية المشتركة هو الاستخراج والاسراع فى استغلال احتياطى الحقول النفطية المشتركة بين البلدين لافتا الى وجود عدد من الحقول المشتركة بين العراقوايران مثل دهلران وبايدار غرب ونفت شهر وحسينيه وكوشك وازادكان. وعلى صعيد متصل قال مسؤول نفطي إن إيران اكتشفت حقلا نفطيا رئيسيا جديدا يحتوي على احتياطات تتجاوز 38 مليار برميل، ويعتبر هذا الحقل من أكبر الحقول العالمية غير المستغلة. وأوضح مدير عام شركة تطوير هندسة وتنمية النفط الإيراني أبو الحسن كموشي أن هذا الاكتشاف يشمل ثلاثة حقول نفط متجاورة تقع بالقرب من الميناء الجنوبي لمدينة بوشهر. مشيرا الى أن الحقل يحتوي على نفط ذي كثافة عالية مما يعني أن هذا النفط الخام سيكون أقل قيمة في الأسواق العالمية مقارنة ببعض النوعيات الأخرى في المنطقة. وأظهرت الدراسات الأولية احتواء حقل فيردوز على 30.6 مليار برميل نفط خام وحقل ماوند 6.63 مليارات وحقل زاغه 1.3 مليار. ومازالت أعمال التقييم جارية لبيان أبعاد هذه الحقول. ومن المتوقع أن تزيد الاحتياطيات النفطية بما لا يقل عن 38 مليار برميل في المنطقة المذكورة وسينافس الحقل المكتشف حقلين آخرين غير مستغلين. ويذكر أن شركات امريكية واوروبية تعمل في ايران حاليا على تصنيع تكنولوجيا انتاج النفط والغاز وكافة مستلزمات هذه الصناعة بدلا من استيرادها من الخارج خشية وقوعها تحت (تاثيرات خارجية). وقال مستشار وزير النفط الايراني امان بور ان ايران بدأت منذ عامين برنامجا طموحا لإعادة تحديث هذه الصناعة بالاعتماد على الاستثمارات الاجنبية موضحا ان كبريات شركات النفط العالمية تعمل في بلاده حاليا عبر شراكات مع القطاع الخاص اوالحكومة الايرانية. واكد بور ان السياسة الايرانية تغيرت من مزود للنفط والغاز الى الدول الصناعية الى منتج لمعدات صناعة النفط وتحويلها الى صناعة محلية. ودعا المسؤول الايراني رجال الاعمال الاماراتيين والخليجيين والاجانب لإقامة شراكات قوية مع بلاده في مجال انتاج معدات الصناعة النفطية والغازية مؤكدا قدرة ايران على دفع كافة التزاماتها الى القطاع الخاص عند تنفيذ أي مشروعات. مشيرا بذلك الى ان بلاده تمنح فرصا قوية للتطوير وتأخذ بزمام المبادرة والنهوض بالصناعة النفطية مبينا ان المشاريع المطروحة للاستثمار في مجال النفط والغاز تقدر بمليارات الدولارات، مع العلم ان ايران من اكبر دول المنطقة في الاحتياطي النفطي والغازي. وتشرف وزارة النفط الايرانية تشرف حاليا على برنامج تطويري تبلغ كلفته السنوية 200 مليون دولار وقد ترتفع الى 500 مليون دولار في اطار الاهتمام بمشروعات توطين صناعة التكنولوجيا النفطية في ايران. وتمنى بور الوصول الى اتفاقيات ثنائية مع مستثمرين خليجيين لإقامة مصانع المعدات النفطية مؤكدا ان حكومة بلاده توفر كافة الضمانات اللازمة في ظل قوانين حماية الاستثمارات الاجنبية. وكانت الحكومة الايرانية قد صادقت في وقت سابق على مذكرة تفاهم بين ايرانوتركيا بشأن استئناف تصدير الغاز الايراني الى انقرة بعد توقف دام اكثر من اربعة اشهر، حيث أقرت الحكومة مذكرة تفاهم ملحقة بالاتفاقية الخاصة بتصدير الغاز الايراني الى تركيا آخذين بعين الاعتبار المصالح الوطنية وواقع المنافسة في سوق الطاقة العالمية . وكانت تركيا قد اوقفت وارداتها من الغاز الايراني منذ شهر يونيو الماضي بسبب ما سمته افتقاد الغاز المصدر للمواصفات الفنية المتفق عليها ولارتفاع سعره قياسا بالاسعار العالمية. واتفق الجانبان على استئناف تصدير الغاز الى تركيا اثر اتفاق اوحى بابداء طهران مرونة خاصة فيما يتعلق لاسيما بعد ان اعلنت تركيا انها ستنوع مصادرها من الغاز وفقا لمبدأ المنافسة في سوق الطاقة العالمية.