تشير تحليلات اقتصادية اسرائيلية انه لا ضغط بوش ولا ضغط الاحتلال بل الاقتصاد هو الذي أدى بالفلسطينيين والاسرائيليين الى العقبة ومنها الى التسوية السياسية. فبعد 32 شهرا من النزاع العنيف، وجد الاسرائيليون والفلسطينيون انفسهم في أزمة اقتصادية عميقة، أزمة لم يشهد لها مثيل. أزمة لا يمكن المثابرة فيها حتى ولو سنة واحدة اخرى. لا مفر، يجب الاختيار: الاختيار بين الاستمرار في الحرب وبين الحل الوسط. الاختيار بين الأمل بمستوى حياة معقولة وبين البطالة والفقر. ثمن الحرب هو خسارة عشرات المليارات من الدولارات للاسرائيليين والتدهور نحو المجاعة للفلسطينيين. أما مقابل التسوية فهو عودة النمو لدى الطرفين. النمو الذي كان في اسرائيل، في اغسطس 2000. خلافا للنظريات المغلوطة التي طرحت فيما بعد، فان المعطيات تظهر بوضوح أن الانتفاضة الثانية نشبت في ذروة الازدهار الاقتصادي في فلسطين وفي اسرائيل. المداخيل الحقيقية للفرد الواحد في السلطة الفلسطينية ارتفعت من منتصف العام 1997 وحتى منتصف العام 2000 بنحو الثلث. والنمو والتوسع كانا لا سابق لهما. منذ اتفاقات اوسلو تلقى الفلسطينيون مساعدات خارجية بنحو 6 مليارات دولار المبلغ الأعلى، بالنسبة للانتاج القومي، الذي تتلقاه أي دولة في العالم، بما فيها دول اوروبا التي اندرجت ضمن مشروع مارشال بعد الحرب العالمية الثانية. مليارات الدولارات من المساعدات من الدول المانحة تدفقت الى حسابات السلطة ومولت الطرق والأرصفة وبرامج الرفاه والمدارس والمراكز الصحية والمكاتب الحكومية وكذا مشاريع عديمة المنطق الاقتصادي كمحطات الطاقة والموانىء والاموال الخاصة العربية، التي أدارت حتى ذلك الوقت ظهرها عن الضفة والقطاع، انطلقت للبحث عن الفرص للاستثمار الربحي ووجدته في العمل الزهيد للاجئين.رياح من المبادرات التجارية وصلت الى المخيمات. وورد في استعراض لوفد البنك الدولي الى السلطة الفلسطينية بأن الاقتصاد الفلسطيني شهد حتى اكتوبر 2000 سنوات من النمو الصلب والانخفاض الكبير في الفقر وفي البطالة. لقد كان الاقتصاد الفلسطيني عشية الانتفاضة أفضل مما كان عليه في أي وقت مضى. وهكذا كان ايضا الوضع الاقتصادي لدولة اسرائيل. أضرار بالغة لقد ضربت انتفاضة 2000 الاقتصاد الفلسطيني والاسرائيلي كالصاعقة في يوم صاف. وحجم الضرر الذي وقع بالاقتصادين تجاوز التوقعات الأكثر سوادا. لقد كلفت الانتفاضة الاقتصاد الفلسطيني خسارة مدخول وطني متراكم من 6 مليارات دولار. خسارة تفوق الانتاج القومي لسنة بأكملها. ومدخول الفرد انخفض منذ بدايتها حتى اليوم بنحو النصف. ولحق بالبنى التحتية الفلسطينية ضرر يقدر ب 700 مليون دولار. وفقد 120 ألف عامل فلسطيني مصدر رزقهم في اسرائيل، قسم صغير منهم وجد عملا بديلا في الاجهزة المنتفخة للسلطة والممولة بأموال الدعم. ومعدل البطالة يصل الى 35 في المائة من قوة العمل، ونحو 60 في المائة من سكان الضفة وغزة (و75 في المائة من سكان القطاع نفسه) يعيشون بأقل من دولارين في اليوم، نحو 300 شيكل في الشهر، وهو المبلغ الذي يحدده البنك الدولي كخط الفقر.