حرص وزراء خارجية الدول الاوروبية امس الجمعة على اضفاء جو من التهدئة على مباحثاتهم بشأن الملف العراقي قبل مناقشاتهم الاولى حول مشاريع معسكر السلام التي اثارت جدلا كبيرا حول مسألة الدفاع الاوروبي. والتقى وزراء خارجية الدول الخمس عشرة بصورة غير رسمية في فندق كبير في جزيرة رودوس اليونانية. وقال احد الدبلوماسيين ان الوزراء حاولوا التركيز على النقاط المشتركة بينهم في ما يتعلق بالعراق والشرق الاوسط. وتجنبوا العبارات الجارحة التي ادت في الاشهر الاخيرة الى شرخ كبير بين حلفاء واشنطن الاوفياء من جهة والداعين الى علاقة متوازنة بين الولاياتالمتحدة واوروبا من جهة ثانية. وناقش الوزراء للمرة الاولى الخطوات الملموسة التي يمكن ان تقوم بها دول الاتحاد الاوروبي بشكل مشترك في اطار مرحلة ما بعد الحرب في العراق. وعرضت المفوضية الاوروبية والرئاسة اليونانية للاتحاد امس على الوزراء لائحة اقتراحات يمكن القيام بها في المدى القصير، كانشاء مكتب دائم في بغداد للاشراف على المساعدات الانسانية التي يقدمها الاتحاد، ومبادرات مشتركة لمكافحة تهريب القطع الاثرية، وايفاد بعثة مشتركة من الشرطة للمساعدة على ارساء الامن، وامكان تنسيق عودة سفراء الدول الاعضاء في الاتحاد الى بغداد. وبالنسبة الى الخطوات على المدى البعيد، وفي حال توفر اطار دولي مقبول لم يتم التوصل اليه بعد، اشارت الوثيقة الى ان الاتحاد الاوروبي يمكن ان يلعب دور تقديم النصح والعون في عملية المصالحة او في عملية انشاء مؤسسات عراقية جديدة. كما يمكن له ان يساعد في تنظيم انتخابات او في اصلاح الهيكليات الاقتصادية في البلاد. وتحدث وزير الخارجية البريطاني جاك سترو عن ضرورة ان يضع الاتحاد خبرته الكبيرة في خدمة ارساء الديموقراطية واعادة بناء وتأهيل العراق. وعقد سترو اجتماعا مغلقا لدى وصوله الى رودوس مع نظيره الفرنسي دومينيك دو فيلبان. وذكرت مصادر في محيط الوزير الفرنسي ان هذا الاخير سيشدد على ضرورة اعتماد مقاربة عملية في الموضوع العراقي. وشددت المفوضية الاوروبية والرئاسة اليونانية للاتحاد على اهمية التوصل الى اتفاق سياسي مسبق بين الدول الخمس عشرة من اجل رؤية اكثر دقة لمرحلة ما بعد الحرب في العراق، لا سيما بالنسبة الى الدور المركزي للامم المتحدة. ويدعم الاتحاد هذا المبدأ من دون ان يتمكن من تحديد طبيعة الهدف منه بدقة نتيجة غياب التوافق في هذا الشأن بين الدول الاوروبية الاعضاء في مجلس الامن الدولي (بريطانيا واسبانيا من جهة وفرنسا والمانيا من جهة ثانية). وبالنسبة الى الشرق الاوسط، رحب وزراء الخارجية الاوروبيون بنشر خريطة الطريق التي اعدتها اللجنة الرباعية (الاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة وروسيا) بهدف ايجاد حل للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني. ووصف وزير الخارجية اليوناني جورج باباندريو الوثيقة بانها نجاح دبلوماسي كبير للاتحاد الاوروبي. وشدد وزراء الخارجية الاوروبيون على ضرورة عدم استبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عن مساعي البحث عن حل، معتبرين ان استبعاده سيشكل خطرا على شرعية سلطة رئيس الوزراء محمود عباس الذي تولى مهامه الثلاثاء. الا ان المناقشات الاكثر اثارة للحساسيات ستتناول العلاقات بين الولاياتالمتحدة والاتحاد ومشاريع دفاعية اعدتها المانيا وفرنسا ولوكسمبورغ وبلجيكا.