فسح تقرير المفتشين، الذي عرض أمس على مجلس الامن الدولي، المجال لمعظم دول العالم الراغبة في تجنب الحرب ضد العراق لتؤكد على مواقفها التي تصر على أن الحرب ليس البديل أو الخيار الوحيد القائم كما تريده الولاياتالمتحدة.وباستثناء بريطانيا التي تؤيد الحرب بالتحالف مع الولاياتالمتحدة بقيت روسيا وألمانيا وفرنسا وحتى الصين تصر على أن الدبلوماسية الحازمة هي الحل الامثل في التعامل مع ملف العراق.جيريمي غرينستوك السفير البريطاني لدى الاممالمتحدة قال بعد الاستماع الى التقرير إن الأزمة العراقية لن تحل بطريقة سلمية ما لم يتعاون العراق مئة في المئة، مؤكدا المقولة الأمريكية أن الوقت ينفد بالنسبة لبغداد، لكنه أعلن أن لندن توافق على الطلب الألماني بالانتظار لتقرير جديد من المفتشين.ووصف جاك سترو وزير الخارجية البريطاني تعاون العراق مع المفتشين بأنه "لعبة أحاجي" وذلك عقب محادثات وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل. وقال هناك الان دليل واضح على ان صدام جعل من عملية التفتيش لعبة أحاجي يتعاون في الاجراءات ولا يتعاون في الجوهر. وقد ناقش رئيس الوزراء البريطاني توني بلير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الازمة العراقية قبل ساعات من تقديم مفتشي الاسلحة الدوليين تقريرهم الاول في نيويورك. وقال مكتب بلير أن الزعيمين أجريا مشاورتهما على الهاتف على مدى 25 دقيقة واتفقا على ضرورة انصياع العراق بالتزاماته تجاه الاممالمتحدة، بما فيها التعاون الكامل مع المفتيشن. واعتبر وزير الدفاع البريطاني جيف هون امام مجلس العموم البريطاني انه لا يقبل فكرة ان بريطانيا معزولة في اوروبا بشأن العراق. وقال أن الدولة الوحيدة التي استبعدت بالتحديد اللجوء الى القوة هي المانيا. والمانيا التي ستتولى الشهر المقبل رئاسة مجلس الامن الدولي قالت أمس انها ترغب في تقرير جديد للمفتشين في 14 فبراير. وقال المستشار الألماني جيرهارد شرودر للصحفيين في برلين: نحن مع الرأي القائل بان من الصواب ما قد تتم مناقشته والاتفاق عليه اليوم وهو ان يمنح المفتشون مزيدا من الوقت لاداء واجبهم. واضاف انه لا يحق لاي دولة التصرف في الازمة الخاصة بالعراق دون تفويض من مجلس الامن الدولي. وقال شرورد في مؤتمر صحفي عقب لقائه في برلين بالرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا: نتفق كلانا على انه لا احد له الحق في اي نوع من التصرف دون قرار من مجلس الامن. وقد أعرب وزراء الاتحاد الاوروبي عن قلقهم الشديد من خطورة الوضع في العراق مطالبين بغداد بالرضوخ الكامل والفوري لقرارات مجلس الامن والتعاون دون تأخير وبشكل فعال مع لجنة المفتشين الدوليين. واشادوا بدور المفتشين الدوليين وأثنوا على جهودهم في العراق. وقال وزير الخارجية اليوناني جورج باباندريو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، إن الحل السلمي لا يزال ممكنا، هدفنا هو نزع تام للاسلحة ومخرج سلمي. ورأى باباندريو ان الاتحاد الاوروبي نجح في اتخاذ موقف موحد وهذا يشكل نجاحا مهما. وفي نص مشترك، وافقت الدول ال 15 على مبدأ مواصلة عمليات التفتيش الدولية في العراق ولكن بدون تحديد مدة المهلة التي يمكن ان تمنح لبغداد. وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي يوري فيدوتوف في تصريح نقلته وكالة ايتار تاس الروسية للأنباء أن التقرير يظهر ضرورة مواصلة عمليات التفتيش. وقال ان عمليات التفتيش جرت بتعاون مناسب، تقرير المفتشين المرحلي لا يعني نهاية عمل بعثات التفتيش، هذا ليس الا حصيلة اولية لعملها. الصين اشارت الى أنها لا ترى سببا لانهاء عمليات التفتيش في العراق في الوقت الحالي. وقال جانج يشان نائب السفير الصيني لدى الاممالمتحدة للصحفيين أن معظم أعضاء مجلس الامن يعتقدون بذلك. من جانبه أكد الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان أن على مجلس الامن الدولي اعطاء المفتشين وقتا كافيا لانجاز مهامهم. وقال عنان للصحفيين لدى وصوله الى مقر الاممالمتحدة انه يتوقع من زعماء العراق ابداء قدر اكبر من التعاون مع المفتشين. ودعا الامين العام للامم المتحدة الى الوحدة داخل مجلس الامن والى السلام فى العراق قبل استماع المجلس بدقائق للتقرير. ويبدو أن اصرار المتشددين في الادارة الأمريكية يثير حفيظة الديموقراطيين في الولاياتالمتحدة. حيث تحدى زعيم الاقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ الامريكي توم داشل الرئيس الجمهوري جورج بوش ان يقدم ادلة للعالم على ان العراق يملك اسلحة دمار شامل. وقال توم داشل متوجها الى نادي الصحافة في واشنطن ان كان لدينا ادلة على ان العراق يملك اسلحة نووية وبيولوجية، فلماذا لا نعرضها على العالم مثلما فعل الرئيس كينيدي عند اندلاع ازمة الصواريخ الكوبية؟. وعرض في مداخلته الى جانب نانسي بيلوسي الزعيمة الجديدة للاقلية الديموقراطية في مجلس النواب نقدا حقيقيا لسياسة بوش الاقتصادية، عشية القاء الرئيس الامريكي خطابه السنوي امام الكونغرس حول وضع الاتحاد. وقال السناتور عن داكوتا الجنوبية انه في وقت بدأنا للتو حربا ضد الارهاب، من حق الشعب الامريكي ان يعرف لماذا يتحتم علينا ارسال مئات الاف العسكريين وانفاق مليارات الدولارات وتعريض تحالفاتنا الدولية للخطر واستفزاز اعدائنا. واضاف من الاساسي في نظام ديموقراطي ان يبذل الرئيس كل ما في وسعه للرد على هذه الاسئلة وتبديد الشكوك المتزايدة لدى الامريكيين.