الامير سعود بن عبدالله بن ثنيان المتتبع للادبيات المتعلقة بالتخصيص يلاحظ تعدد وتباين مفاهيمه حيث يشير البعض الى التخصيص على انه الاجراءات التي تتخذها الدولة لتحويل ملكية المؤسسات والمشروعة العامة جزئيا او كليا الى القطاع الخاص او التوسع التدريجي في الملكية الخاصة، او هو نقل ملكية وادارة نشاط واقتصادي من القطاع العام الى القطاع الخاص بنيما يرى اخرون انه يعني زيادة دور القطاع الاص في النشاط الاقتصادي عن طريق اعطاء السوق الحر الدور الرئيسي والمؤثر في عملية التنمية الى جانب تحويل ملكية المنشآت العامة الى الملكية الخاصة بغرض رفع وتحسين مستويات الاداء والكفاءة الانتاجية لهذه المنشآت. وعلى كل حال فان مصطلح التخصيص الذي سنقدمه يعني زيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي عن طريق نقل الملكية المؤسسات والمشروعات العامة كليا او جزئيا ولا او ادارة نشاط اقتصادي ما من القطاع العام الى القطاع الخاص بهدف تحسين مستوى الاداء ورفع الكفاءة الانتاجية. اطراف التخصيص كان على القطاع العام ان يقوم بمشاريع وبرامج التنمية وخاصة المشاريع المرتبطة بالبنية الاساسية والصناعات الثقيلة والخدمات الاجتماعية وكذلك المشاريع التي تفوق قدرة القطاع الخاص او التي يحجم عنها لسبب او لآخر وقد حظيت المشاريع المذكورة باعتمادات كبيرة من الدولة مما ادى الى تضخم حجم القطاع العام, وقد بلغت استثمارات القطاع العام 60 بالمائة من اجمالي رأس المال الثابت المستثمر في القطاع الاقتصادي في خطط التنمية الخمسية السابقة.في الواقع هناك نتائج ايجابية لاستثمار الحكومة المباشرة في العديد من المشاريع وخاصة تلك التي تتسم بالفخامة وعدم قدرة القطاع الخاص على الدخول فيها حيث امكن لهذه المشاريع لتحقيق اهدافها في وقت كانت فيه رؤوس الاموال الخاصة غير قادرة لتغطية متطلبات هذا النوع من الاستثمار وقد احدثت هذه الاستثمارات نموا في الانتاج وسمحت بايجاد عدد كبير من فرص العمل للمواطنين وتوزيع اشمل للموارد وساعدت على ايجاد خبرة تقنية متطورة. وبتحليل بنية وتركيبة القطاع العام من الناحية المؤسسية. تجد انه يتكون من الوزارات والاجهزة والمصالح الحكومية الاخرى والتي تعتبر كل واحدة منها وحدة مستقلة لها مسؤولياتها في ادارة ووضع السياسات الخاصة في المجالات المختلفة المناطقة بها. ويخضع مظهر العاملين فيها لانظمة الخدمة المدنية كما ان ميزانياتها جزء من الميزانية العامة للدولة كما انشأت الدولة العديد من المؤسسات العامة للقيام بمهام معينة او ادارة مرفق او مشروع ولها ميزانيتها وانظمتها الادارية المستقلة كما ان العاملين فيها لا يتبعون بالضرورة لوائح وقوانين ؟؟ الخدمة المدنية لكنها ايضا تحت اشراف الدولة. وتمارس انشطتها في ظل السياسة العامة للدولة مثل المؤسسة العامة لصوامع الغلال والهيئة الملكية للجبيل وينبع والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني هناك ايضا الشركات العامة وهي شركات تعمل بموجب اسس تجارية ولكنها مملوكة للدولة ملكية كاملة او جزئية وهي تتميز بالمرونة النسبية والتحرر من الانظمة واللوائح الحكومية. وتخضع لرقابة الدولة في الامور المالية مثل الشركة السعودية للصناعات الاساسية (سابك) والخطوط الجوية السعودية. القطاع الخاص وهو قطاع ناشئ حقق كثير من الانجازات بالمقارنة بعمره الزمني وقد كان بسيطا في امكانياته وتوجيهاته بحكم قلة الفرص المتاحة له في البداية ولكن مع بداية انتاج النفط بشكل تجاري بدأت الحكومة باعطاء الفرصة للقطاع الخاص للمشاركة والمساهمة في تنمية المجتمع كما صدرت الانظمة واللوائح التي تحمي القطاع الخاص ونتيجة لذلك انطلق هذا القطاع بقوة الى مجالات الاعمال المختلفة وحقق الكثير من الانجازات. وهناك العديد من المؤشرات تدل على حجم وقوة القطاع الخاص في المملكة منها حجم شركات ومؤسسات القطاع الخاص. فعلى سبيل المثال ارتفعت اعداد الشركات من 5027 شركة عام 1402ه الى 6594 شركة عام 1407ه اي زيادة 27 بالمائة من 54.4 بليون ريال الى 80 بليون ريال خلال نفس الفترة اي زيادة 47 بالمائة تقريبا. وبالرغم من تأثر القطاع الخاص جراء ضعف الطلب المحلي في التسعينات الميلادية وكذلك خفض الانفاق الحكومي وثبات الاجور والرواتب التي يتقاضاها العاملون في القطاع الخاص جراء ضعف الطلب المحلي في التسعينات الميلادية وكذلك خفض الانفاق الحكومي وثبات الاجور والرواتب التي يتقاضاها العاملون في القطاع الحكومي وزيادة اسعار المرافق العامة والوقود وبعض خدمات القطاع العام, وتختلف تقديرات موجودات القطاع الخاص غير المصرفي في الخارج من مصدر لآخر الا انه يبدو انها تشكل ثروة وامكانات تمويلية هائلة يمكن الاعتماد عليها في تمويل التوسعة للانشطة الاقتصادية في الخارج فقد بلغت 36.8 بليون ريال عام 1418/1417ه. وربما تساهم عملية التنويع وزيادة مجالات الاستثمار المحلية في عودة هذه التدفقات المالية المهاجرة او بالنسبة لمساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي للقطاع غير البترولي. ويتضح مما سبق قدره القطاع الخاص من ناحية عدد شركاته وحجم اسهامه في الناتج المحلي الاجمالي وحجم تراكماته الا ان هناك بعض النقاط التي يمكن ان تحد من الدور الذي يقوم به القطاع الخاص في عملية التخصيص والتي يجب اخذها في الاعتبار قبل البدء في عملية التخصيص ومن ذلك ان النمط الغالب لشركات القطاع الخاص حتى الشركات الفردية ويبلغ عدد الشركات التي توظف اقل من عشرة افراد حوالي 97.2 بالمائة من اجمالي المنشآت الجديدة المسجلة خلال عام 1989م. وبالرغم من مساهتها في النشاط الاقتصادي الا انها غير مؤهلة لادارة وتشغيل وصيانة المشاريع العامة المرشحة للتخصيص لضآلة راسمالها ومحدودية قدراتها البشرية اما قطاع الاعمال المنظم الذي يتمتع بمزايا التنظيم في الادارة والانتاج والتسويق والقادرة على تملك وادارة المنشآت العامة فانه يشكل حوالي 18.5 بالمائة من اجمالي مؤسسات القطاع الخاص. ولنجاح عملية التخصيص واشراك القطاع الخاص بكافة شرائحه في العملية فانه لابد من العمل على تهيئة المناخ الملائم في كيانات تنظيمه اكبر لما يحققه ذلك من تخفيض تكلفة الادارة والتشغيل والاستفادة من مزايا الحجم الكبير والادارة المتنوعة والوقورات المرتبطة لذلك، كما يستحسن تشجيع قيام الشركات المساهمة وذلك لتوسيع قاعدة المشاركين في الاقتصاد الوطني وحسن استخدام الموارد. الاسواق المالية ان وجود اسواق مالية نشطة ومتطورة شرط ضروري لنجاح جهود التخصيص كما ان التخصيص يعتبر حافزا فاعلا لتطوير الاسواق المالية. حيث ان التخصيص وبرامجه وما يتضمنه من سياسات وضمانات ملائمة يؤدي الى زيادة اقبال الافراد على شراء الاوارق المالية لاستيعاب المعروض منها مما يساعد على ايجاد سوق مالية نشطة ذات كفاءة مالية تتسم بالقدرة على توظيف المدخرات بجميع احجامها. ويلاحظ صغر حجم سوق الاسهم في دول مجلس التعاون الخليجي مقارنة باسواق الاسهم العالمية حيث بلغت القيمة السوقية للشركات المساهمة بدول المجلس نحو 33 بالمائة في عام 95 مقارنة ب 80 بالمائة في الدول المتقدمة من الناتج الاجمالي كما ان نسبة عدد المستثمرين بالاسهم من اجمالي عدد السكان في المنطقة لايزال متدنيا جدا ويقل عن 5 بالمائة في دول المجلس مقارنة ب 30 بالمائة في الدول المتقدمة كما ان حجم التعاملات في الاسهم لايزال محدودا حيث ان اجمالي عدد الاسهم التي تم تداولها في السوق في عام 1995م لم يتجاوز 20 بالمائة من جملة الاسهم وقد تؤدي عملية التخصيص الى انعاش السوق المالية ولكن ذلك يتطلب فترة زمنية كافية ولذلك لابد من الاخذ في الاعتبار القدرة الاستيعابية المحلية للاسواق المالية عند بداية التخصيص وان يتم التخصيص على عدة مراحل. سوق العمل تعاني مؤسسات القطاع العام في المملكة من تضخم العمالة فيها وانخفاض مستوى الاداء لهذه العمالة وظهور البطالة المقنعة ومازالت اعداد الخريجيين في زيادة مستمرة وتظهر بينهم البطالة المؤقتة مما يتطلب استحداث وظائف جديدة. لذا فان برامج التخصيص يجب ان تأخذ في الاعتبار فائض العمالة المحتملة وان تتضمن حلولا عملية لتوظيفها في القطاع الخاص. كذلك فاق وجود الايدي العاملة الاجنبية الرخيصة نسبيا يؤثر على الفرص الوظيفية المتاحة للشباب السعودي. وبالرغم من ان التخصص قد يوجد فرصا وطنية الا انها ليس بالضرورة متاحة للايدي العاملة السعودية حيث يتسم العمل ببعض الصفات التي تقلل من فرص المشاركة للسعوديين ومن بينها هيمنة العمالة الاجنبية على سوق العمل بالمملكة وخاصة في القطاع الخاص الذي يستوعب 95 بالمائة من اجمالي افرادها والذين يشكل اصحاب المهن العلمية والفنية منهم حوالي 12 بالمائة فقط. تزايد مستمر في الطلب على العمالة غير السعودة حيث ارتفع عدد تأشيرات الاستقدام بمتوسط سنوي مقداره 24 بالمائة من عام 90 - 1994م وعزوف عدد كبير من خريجي الجامعات والمعاهد العليا عن التوظف في القطاع الخاص للعديد من العوامل السلبية والتي من ابرزها تدني مستويات الاجور وصرامة اجراءات العمل وعدم الاستقرار الوظيفي وانعدام فرص التدريب والتأهيل وضعف مشاركة السعوديات في قوة العمل النسائية الموظفة في القطاع الخاص وهناك العديد من الاجراءات التي يمكن اتباعها عند التخصيص وذلك لتخفيف الاثار السالبة للخصخصة على القوة العاملة بالقطاع العام منها عن خصصة بعض انشطة القطاع العام تلجأ بعض الدول الى البدء في خصخصة المنشآت العامة ذات العمالة المحدودة واعداد وظائف بديلة لن يتم الاستغناء عنها وفي حالة عدم القدرة على ذلك يتم منح هذه العمالة التعويضات المناسبة واعداد برنامج للتدريب بحيث يتم تأهيل هذه العمالة بالمهارات المطلوبة في سوق العمل وخاصة في المنشآت التي يعملون بها بحيث يتم الاستعانة بهم في اعمال اخرى في نفس الوحدة وتشجيع بعض العاملين على التقاعد المبكر وتضمين عقود تملك المشروعات للقطاع الخاص عدم قيامه بالاستغناء عن العمالة لفترة محدودة اما بالنسبة للقوة العاملة المتمثلة فانه لابد من احداث توافق بين المؤهلات التعليمية التي يحملها المنضمون الى القوة العاملة والمهارات المطلوبة في سوق العمل وتطوير النظام التعليمي بحيث يؤدي الى اكساب مهارات ذات معايير دولية وتدريب الطلاب بحيث يكونوا مبدعين وواسعي الخيال ومنتجين كما يجب ان يكون النظام التعليمي مشجعا للنقاش المفتوح والتحليل المتعمق والعمل الجاد والتفكير الاستراتيجي. ترجمة الاهداف يقع على الاجهزة الحكومية ترجمة الاهداف المرسومة نحو تشجيع القطاع الخاص لزيادة دوره في عمليات التنمية وايجاد المناخ المناسب الذي يشجع على جذب رؤوس الاموال الوطنية الاجنبية ويكفل المنافسة الحرة وفق معطيات السوق وبما يحقق هدف المواطن في توفير السلع والخدمات ذات الجودة الافضل والسعر الاقل في الوقت المناسب وفي هذا الصدد يقترح اتخاذ اصدار التشريعات والنظم التي تشجع القطاع الخاص على الدخول في كافة المجالات الاستثمارية وتكفل فرص المنافسة الحرة واستمرار فاعلية الاجهزة الحكومية المسؤولة، عن الرقابة جنبا الى جنب مع قوة السوق وحماية المنشآت الوطنية من المنافسة الخارجية غير المتكافئة والحماية من الاحتكارات الداخلية في المراحل الاولى لعملية التخصيص واعداد الدراسات الموضوعية عن تجاوب الدول التي اخذت بالتخصيص وابراز الايجابيات والسلبيات الخاصة بتلك التجارب وتوضيح التحفظات عن التطبيق في المملكة واعداد الندوات واللقاءات والمؤتمرات حول فوائد تعزيز دور القطاع الخاص بهدف تهيئته وتوفير المناخ الملائم لتقبل الفكرة الى جانب العمل على تقوية صلة الغرف التجارية واتصالاتها بأجهزة الدولة صانعة القرار وذلك من خلال تقديم المعلومات والمقترحات التي تهدف لتحقيق المزيد من التشجيع للقطاع الخاص وازالة العقبات امام انطلاق القطاع الخاص بالاضافة الى نقل وجهة نظر الجهات الرسمية لرجال الاعمال والمستثمرين وتوضيح القنوات الاستثمارية الجديدة لجميع المستثمرين وما تمثله من فرص لجذب المدخرات المحلية والمهاجرة وكذلك المشاركة في الوفود المرسلة الى بعض البلدان التي سبقتنا في عملية التخصيص بغرض التعرف على تجاربهم وخبراتهم ومساهمة رجال الاعمال بامكانياتهم المادية وآرائهم وخبراتهم المختلفة من اجل الرفع من مسئولي مشاركتهم في مجال التنمية والاستفادة من خبرات رجال الاعمال بالنسبة لتعاملهم مع المنشآت العالمية من اجل تطوير مستوى الاداء والعمل على نقل التقنية الحديثة وايضاح العقبات التي يمكن ان تحد من التخصيص وابداء الرأي حول علاجها لابد ان تقوم الاجهزة الاعلامية بدور اكثر فاعلية في تنشيط الروح الاستثمارية لدى الافراد في المجتمع وتكون همزة الوصل بين المستثمر والمدخر عن طريق عرض الفرص الاستثمارية وتوضيح مزاياها، كما يمكن ان تقوم بدور نشط في عملية لتسويق المنتجات وتنشيط عمليات الشراء من خلال الاجهزة الاعلامية. تفعيل التخصيص ان عملية التخصيص اصبحت احدى الاستراتيجيات الاقتصادية في معظم دول العالم لتحسين الاداء الاداري والاقتصادي في بعض المرافق والمشروعات العامة وينظر الى التخصيص على انه عملية مستمرة ومحكمة ومدروسة بشكل يضمن المحافظة على مصالح الدولة والمواطن. واستنادا الى ما تم طرحه في هذا البحث وما تم استعراضه من دراسات نظرية وامور تتعلق بطبيعة القطاع الخاص في المملكة فانني ارى انه يمكن تفعيل برنامج التخصيص في المملكة العربية السعودية من خلال عدة امور لعل من اهمها الحاجة الى احداث بعض التعديلات الهيكلية في القطاع العام نظرا لازدياد حجم القوى العاملة والتي يمثل بعضها بطالة مقنعة واسهام متدن نسبيا في الناتج القومي وتطوير نظم التعليم بشكل يتلاءم مع متطلبات السوق واحتياجات الفترة الحالية والمستقبلية وايجاد النظم والقوانين التي تكفل عدم تأثر القوى العاملة سلبيا من جراء تخصيص المنظمات والمؤسسات التي تنتمي اليها والتركيز على تخصيص الانشطة التي تتميز فيها القوى العاملة السعودية والعمل على تحسين وتطوير البنية الادارية في الاجهزة الحكومية بما يكفل تهيئتها لعملية التخصيص والتعامل بشكل اكثر فاعلية مع للرقابة على اداء مؤسسات القطاع الخاص سواء عن طريق الاجهزة الحكومية المعنية او عن طريق اجهزة القطاع الخاص نفسه او بالجمع بينهما والقوانين التي تحمي المستثمرين والدائنين مع ايجاد هيئة او جهاز مستقل يعني ببرامج التخصيص ويكون مسئولا عن تنفيذ التوجيهات العليا في هذا الجانب ومتابعة اداء المشروعات المتخصصة. رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع وجود اسواق مالية نشطة اصبح حتميا