كثيرا ما توجه للأمم المتحدة اتهامات ان كان لها اول فليس لها آخر, وهي في حقيقتها ليست سوى صدى للواقع الذي يعيشه العالم اليوم, بمافيه من هزائم وانتصارات, وما له وما عليه من خسائر وارباح, فلا لوم على الاممالمتحدة اذا اسلمت قيادها للكبار, لان العالم بأسره قد اسلم قياده للكبار, رغم كل محاولات الانعتاق من ربقة هذه الهيمنة, وكل ما حققه العالم في هذا المجال هو الخروج من دائرتين يتنازعهما قطبان الى دائرة واحدة يسيطر عليها قطب واحد, اي كالمستجير من الرمضاء بالنار. ومنذ انشائها اعتمدت المنظمة جملة من المبادئ تقوم عليها وفي مقدمتها المساواة في السيادة بين اعضائها, وتعهد الاعضاء بفض منازعاتهم بالوسائل السلمية بغرض حفظ السلم والامن الدوليين وانماء العلاقات الودية بين الامم والشعوب على اساس احترام مبدأ المساواة وحقوق الانسان, وتحقيق التعاون الدولي في المجالات الاقتصادية والثقافية والانسانية لكن ميثاق الاممالمتحدة الذي نص على (مبدأ المساواة بين اعضائها) نراه وقد اعطى خمس دول دون غيرها حق النقض الذي اصبح خطرا فعليا يهدد قيام المنظمة بدورها على الوجه الصحيح, وعائقا ضد مبدأ اتخاذ القرارات بالاغلبية. وفي ظل معطيات الواقع لابد من الاعتراف بانه رغم كل الايجابيات التي رافقت مسيرة المنظمة الدولية, الا ان سيطرة دولة المقر الولاياتالمتحدة على مقدرات هذه المنظمة.. ادت الى ان العالم لايزال يشهد تدهورا حادا بين كثير من الدول, وتزايدا في الاحتكام الى السلاح, وتدخلا مباشرا من الدول الكبرى ضد بلدان تنتمي للعالم الثالث, وتفاقما في الازمة الاقتصادية حيث تتزايد الفجوة بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة, الى غير ذلك من التجاوزات والخروج على ميثاقها ومبادئها ممن يفترض منهم المحافظة اكثر على هذا الميثاق وتلك المبادئ. والحديث عن سيطرة الدول الكبرى على الدول الصغرى.. الاغنياء على الفقراء حديث قديم وان اتخذ صيغا جديدة, وبرزت له انياب كالعولمة واتفاقية التجارة الدولية, وغير ذلك من شعارات السيطرة الدولية. وما دام هناك ضعفاء وتابعون وانهزاميون, فان هناك اقوياء ومسيطرين ومتغطرسين همهم الاول والاخير ابتزاز الدول الفقيرة وجرها الى محرقة الحروب والصراعات واشعال نار الفتنة في اكثر من موقع في العالم لاستنزاف مقدرات الشعوب واستغلال ثرواتها وضمان تبعيتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية. فمتى تعترف الدول الكبرى بان بقية دول العالم قد بلغت سن الرشد السياسي والاقتصادي, وهي قادرة على تصريف شؤونها دون وصاية, في ظل علاقات دولية يسودها الاحترام المتبادل وتحكمها المصالح المشتركة, وليس مصالح طرف دون سواه, وذلك عملا بمبدأ المساواة بين اعضاء هذه المنظمة الدولية.