المشاهد والمتابع للحرب على العراق اصبح هو الآخر ضحية للبيانات والبيانات المضادة بين طرفي الحرب على الرغم من التغطيات التليفزيونية الحية والتقارير الميدانية المسجلة على مدى اسبوع تقريبا منذ بدء العمليات العسكرية الامريكية في العراق.. بعد كل تقرير اخباري حي او مسجل يشعر المتابع بأكوام من التناقضات المعلوماتية للدرجة التي تشكك في قدراتك الاستيعابية وفهمك لما يجري في هذه الحرب.. فالامريكيون وحلفاؤهم الانجليز خططوا لادارة الحرب على العراق بمنهجية حارس البوابة سواء ميدانيا فيما يتعلق بالمراسلين الصحافيين المرافقين للقوات الامريكية والبريطانية في الخطوط الخلفية والمرسوم لهم تحركاتهم وما تحويه تقاريرهم من اراء وتفسيرات للقادة الميدانيين طبعا على حساب الحقائق والمعلومات او من خلال نظام فلترة الرسائل الاعلامية من مقابلات ومتابعات وصور في مراكز السي ان ان في اتلانتاجورجيا او نيويورك حيث مقر محطات الاخبار الثلاث الرئيسية الغريب في الامر ان الامريكيين يعرفون سلفا بان هناك فضائيات عربية كأبو ظبي والجزيرة مشاهدة في امريكا وقد تحرج البنتاجون والبيت الابيض فيما اذا ثبت مايناقض حسابات صور الحرب لدى الامريكيين والبريطانيين والتي يسعون لرسمها للرأي العام الامريكي والبريطاني لا والاغرب فعلا ان الامريكيين لم يستفيدوا من درس الجزيرة في الحرب على الارهاب في افغانستان.. ولم يدخلوا في حساباتهم ان يطرد صدام حسين مراسلي المحطات الامريكية وبالاخص السي ان ان والتي اكتفت بالنقل عن ابو ظبي والجزيرة اضافة لما يبثه مراسلوها في المناطق الجنوبية بمعية القوات او مناطق الشمال الكردية والتي لاتخضع لسلطة بغداد منذ حرب الخليج الثانية.. ويبدو ان حسابات التفوق التكنولوجي والعسكري لدى البنتاجون والتي ستحسم المعركة لربما في ساعات او ايام بعدد اصابع اليد الواحدة ولذلك لم يكن هناك ادنى اهتمام بصور الحرب التي قد تحدث صدمة في الشارع الامريكي والقوى السياسية الضاغطة في واشنطن في المقابل بدأ على مسئولي النظام العراقي الكثير من الثقة حتى مع المبالغات الكلامية اللي ماتدخل عقل ضدهم في ذلك الخسائر المادية والبشرية وصلابة المقاومة في ام قصر والناصرية والبصرة وما يحدث على اية حال هو شيئ طبيعي في معركة تعتمد اصلا على الحرب النفسية والتلاعب بالمعنويات ولئن كان هذا يخدم حسابات العسكر والساسة فالمتضرر هنا الجمهور الذي قد يطول به الوقت قبل ان يكتشف حقيقة ماجرى من خلال كتاب الجنرال حرب يحصد به الملايين والشهرة في سلم الاكثر رواجا حتى وان كان فيه تزييف.