لم تفلح جهود هيليري كلينتون والبنتاغون في ثني موقع ويكي ليكس عن نشر قرابة 400 ألف وثيقة سرية للجيش الأمريكي حول مجريات الحرب على العراق من قبل موقع مكافحة الفساد ويكيليكس. نقلت صحيفة لوس أنجلس تايمز أن قرابة 391,831 تقرير سري ميداني قد نشر أمس الجمعة منها تقارير ميدانية من تاريخ 2004 وحتى يناير 2010، من قبل موقع ويكيليكس. وكان موقع الجزيرة من أوائل المواقع التي نشرت عن تلك الوثائق عقب تسريبها على الإنترنت يوم الجمعة لتقدم تقارير تحمل فحوى هذه الوثائق. وعبثا يحاول البنتاغون طلب "إعادة" هذه الوثائق وحذفها من الإنترنت، في تجاهل لحقيقة أن تسريب الوثائق على الإنترنت يعني استحالة حجبها. تكشف الوثائق الميدانية ان مئات المدنيين قتلوا على الحواجز الامريكية في العراق، حسبما افادت قناة الجزيرة الجمعة نقلا عن وثائق نشرها الموقع. واشارت الوثائق الى احتمال ان يكون لرئيس الوزراء نوري المالكي علاقة بادارة فرق القتل الطائفية، وتستر الجيش الامريكي على حالات التعذيب في السجون، وتورط القوات العراقية في حالات قتل وتعذيب واسعة. وحسب الوثائق فان عدد القتلى العراقيين نتيجة الغزو الامريكي اكبر كثيرا من الارقام المعلنة. وتتهم الوثائق الحكومة الايرانية بتسليح فرق قتل طائفية، وتشير لمعلومات جديدة حول ضحايا شركة بلاك ووتر التي اتهم عناصرها بمذبحة في ساحة النسور اوقعت عشرات القتلى والجرحى. وتشير صحيفة القدس العربي إلى أنه من المتوقع ان يكون لنشر الوثائق تأثيرات مباشرة على الوضع الامني والسياسي في العراق، كما سيشكل ضربة جديدة لسمعة الولاياتالمتحدة حول العالم، وخاصة في الشرق الاوسط. واعلن موقع ويكيليكس الالكتروني المتخصص في المعلومات الاستخباراتية الجمعة انه سيصدر 'اعلانا مهما' السبت في اوروبا، في رسالة على تويتر، رغم تحذير حلف شمال الاطلسي من نشر معلومات تتعلق بالحرب في العراق. وجاء في الرسالة التي نشرت السبت عبر حسابه في موقع تويتر 'اعلان مهم عن ويكيليكس في اوروبا في العاشرة صباح الغد' اي السبت. ولم يوضح الموقع اين سيتم الاعلان في اوروبا والتوقيت بالنسبة لساعة غرينتش. وكان الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن حذر الجمعة في برلين من تسريبات جديدة لموقع ويكيليكس الالكتروني الذي اشارت الصحف الى انه يعتزم نشر الاف المستندات العسكرية السرية قريبا. قالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) امس الجمعة انها لا تتوقع أي مفاجآت كبيرة من التسريب الوشيك لما يصل إلى 500 ألف وثيقة عن حرب العراق عبر موقع ويكيليكس على الانترنت لكنها حذرت من أن جنودا أمريكيين ومواطنين عراقيين قد يتعرضون للخطر جراء ذلك. وإذا تأكد التسريب الجديد فانه سيكون أكبر حجما بكثير من تسريب ويكيليكس القياسي لأكثر من 70 ألف وثيقة تتعلق بحرب أفغانستان في تموز يوليو وهو التسريب الذي أثار نقاشا بشأن الحرب المستمرة منذ تسع سنوات لكنه لم يتضمن كشفا عن معلومات خطيرة. وكان هذا أكبر خرق أمني من نوعه في تاريخ الولاياتالمتحدة العسكري. وقال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل ديف لابان للصحافيين إن فريقا من البنتاغون راجع ملفات حرب العراق التي يعتقد انها لدى ويكيليكس والتي تغطي فترة من 2003 وحتى 2010. ووصفها بأنها تقارير ميدانية 'سطحية' إلى حد كبير قد تكشف اسماء عراقيين يعملون مع الولاياتالمتحدة وتعطي للمتمردين العراقيين فكرة نافذة ازاء العمليات الأمريكية كما حدث مع ملفات حرب أفغانستان. وأضاف لابان 'قلقنا في الأغلب بشأن التهديد الموجه للأفراد والتهديد الموجه لشعبنا ومعداتنا'. وتابع 'لكن من حيث انواع الحوادث المسجلة في تلك التقارير حيث قتل عراقيون ابرياء وحيث توجد مزاعم عن انتهاك حقوق محتجزين.. فكل هذه الامور سجلت بصورة جيدة جدا على مر الزمن'. وبرغم تراجع حرب العراق في النقاشات العامة في الولاياتالمتحدة في السنوات القليلة الماضية فإن تسريب هذه الوثائق يهدد باحياء الذكريات المتعلقة ببعض الأوقات العصيبة في الحرب ومن بينها فضيحة الانتهاكات بحق سجناء في سجن أبو غريب. وقد يجدد أيضا النقاش بشأن العوامل الخارجية والمحلية التي تؤثر على العراق الذي يعاني من فراغ في السلطة منذ الانتخابات غير الحاسمة في اذار مارس. وقال مصدر مطلع على وثائق حرب العراق إن من المرجح أن تتضمن تقارير عن الخسائر البشرية بين المدنيين. وقال لابان إنه لا يتوقع أن تتضمن الوثائق التي سيسربها ويكيليكس صورا أو تسجيلات فيديو. ويقول موقع ويكيليكس إنه منظمة غير ربحية يمولها نشطاء حقوق انسان وصحافيون وأفراد من عامة الجمهور. لكن البنتاغون طالبتها باعادة المعلومات السرية وشكك منتقدون في جدول أعمالها الذي ينظر له على أنه مناهض للحرب. وأثناء الفترة التي سربت فيها وثائق حرب أفغانستان حذر الاميرال مايك مولن رئيس اركان الجيش الأمريكي من أن يدي ويكيليكس قد تلطخان بدماء جنود أمريكيين ومدنيين أفغان نظرا لأنه سرب وثائق تتضمن أسماء متعاونين مع الولاياتالمتحدة. وقال وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس في خطاب بعث به في آب أغسطس إلى رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ إن تسريب وثائق حرب أفغانستان لم يكشف عن أي مصادر أو أساليب مخابرات حساسة. لكنه أضاف أن الكشف عن اسماء متعاونين أفغان قد يصبحون أهدافا لطالبان يمكن أن يلحق 'إيذاء أو ضررا كبيرا' بمصالح الأمن القومي الأمريكي.