الأغنية التي يبثها التلفزيون العراقي تلقى رواجا بسبب نسقها السريع، واشادتها بمقاتلي العراق، ورفعها الروح المعنوية للجيش العراقي. صورة أخرى "عراقية" بعيون "غربية" تلاقي اغنية "عافية" ذات النسق الايقاعي السريع التي تشيد بمقاتلي العراق وبارضه رواجا كبيرا منذ اندلاع الحرب، اذ يقوم التلفزيون العراقي ببثها بشكل متواصل في اطار سعيه الى تعبئة الشعب العراقي للتصدي للقوات الامريكية البريطانية، وذلك رغم الانقطاع المتكرر لبرامجه. وكلمة "عافية" غالبا ما يستخدمها الرئيس العراقي صدام حسين حين يتوجه الى الضباط خلال اجتماعات تحضيرية وتقييمية للحرب وللعمليات الحربية ويقوم التلفزيون باستمرار ببث مشاهد عن هذه الاجتماعات. والمقصود ب"عافية" طبعا الاستحسان والشكر والتشجيع. ويبث التلفزيون العراقي الذي يشكل المحطة الوحيدة التي يتم التقاطها في العراق اغنية "عافية" باستمرار. والاغنية هي تكريم للجيش، مرورا ب"اقطاب" الشيعة الذين يشكلون الغالبية في العراق، والسنة و"ارض الله" وشجاعة المقاتلين. ومن كلمات الاغنية: "عافية عافية عافية رجال عافية يا ابطال، عافية يا اخوات، عافية يا اخوان، (...) هذي بلاد كلها جيش، جيش توكل على الرحمن ارض الله فيها اقطاب تنبع بالحب والايمان. (...) يسقط بوش وراس بلير (...) بالصولات والجولات نكسر خشم الاميركان (...) والغاصب يرجع خسران " ويردد العراقيون هذه الاغنية التي تعبر بشكل عام عن رغبة القيمين على التلفزيون في طمأنة السكان منذ بداية الحرب، والتأكيد على ان الرئيس صدام حسين لا يزال يتحكم بسير الامور، ورفع معنويات الجيش العراقي عبر التأكيد على ان كل الجبهات لا تزال صامدة جنوبا وشمالا. ولا يركز التلفزيون على صور القتلى والجرحى او سيارات الاسعاف كي لا يثير القلق في نفوس العراقيين. والمثير للدهشة اكثر ان التلفزيون الذي عمد في بداية الحرب الى بث تحقيق عن الاسرى والقتلى الامريكيين، يكتفي الآن بالايحاء فيبث صور دبابة اميركية مدمرة واحذية عسكرية ورسائل وخرائط جغرافية واقنعة. وتبدأ النشرات الاخبارية التي يقدمها مذيع باللباس العسكري دائما باخبار نشاطات الرئيس العراقي، تارة مبتسما وطورا بملامح قاسية، مجتمعا مع معاونيه او مستقبلا ضيوفا، وذلك بهدف التأكيد على عدم صحة ادعاءات المسؤولين الاميركيين الذين يقولون انه جرح او حتى قتل. وتتم تلاوة البيانات العسكرية على شاشة التلفزيون بلهجة عسكرية. فيما يتم التركيز بالنسبة الى احداث العالم الخارجي على التظاهرات ضد الحرب الجارية في كل انحاء العالم. ويتواصل بث التحقيقات المصورة طيلة اليوم من كل انحاء البلاد، الى جانب الاناشيد والاغاني الوطنية المصورة. ومن التحقيقات المصورة، تتجول الكاميرا في عمارة الواقعة على بعد 450 كم جنوببغداد. فيسأل المذيع زبائن احد المقاهي الشعبية "يبدو ان العراقيين سيستقبلون الغزاة بالزهور؟" ويجيب احدهم "بل بالبنادق والسكاكين". وتتلاحق التحقيقات المصورة بين عشائر الجنوب وقادتها المزودين ببنادق تقليدية قديمة، فيما يحمل رجالهم الهراوة والمذراة، وهي اسلحة استخدمها العراقيون خلال قتالهم ضد القوات البريطانية خلال ثورة 1920. وتتعهد النساء وهن يرقصن على اناشيد تعد بالنصر، بقطع يد من يجرؤ على دخول "ارضنا". كما تتنقل كاميرا التلفزيون العراقي في النجف وكربلاء المدينتين الشيعيتين حيث يتعهد السكان بالوفاء للوطن والرئيس العراقي. ويبث التلفزيون خلال فترة بعد الظهر قصائد لشعراء ومنهم نجمة الفرتوسي التي تقول في احدى قصائدها ما معناه انها لا تريد ان تشتم اي رائحة باستثناء رائحة البارود. قرابة منتصف الليل، يبث التلفزيون افلاما عن صلاح الدين الذي طرد الصليبيين من القدس، واخرى تبرز انجازات العرب التاريخية وبطولاتهم، بهدف تعزيز صمود العراقيين الذين لا يجدون الى النوم سبيلا نتيجة القصف العنيف الذي يستهدف مدنهم ومناطقهم. أهزوجة يرددها العراقيون مع كل اسقاط طائرة أو مروحية