الأخ الدكتور ناصح الرشيد ها انا اكتب اليك بعد محاولات عدة راودت فيها نفسي بالامتناع والبوح.. ولكني عزمت امري فالمشكلة التي امر بها تؤرقني وتهدد امني واستقراري النفسي اولا ومستقبلي العائلي ثانيا. ربما تقول لنفسك بعد ان تقرأ مشكلتي تلك انني ابالغ او انني وآسف لذلك (تافهة) ولكنك لا تدرك مدى ما امر به من صراع نفسي وخوف سيدي. انا فتاة ابلغ من العمر (24) عاما منذ فترة تقدم لطلب يدي شاب طيب الخلق نعرفه ففرحت به وقبلت عن طيب خاطر وبدأت معرفتنا تتأكد.. ولكني اغار عليه كثيرا غيرة عمياء تدفعني دائما للشك في تصرفاته حتى ولو كانت طبيعية.. ودائما ما اسبب له المشاكل التي تنتهي بي في بعض الاحيان الى التفكير جديا في الانتحار لولا ايماني بالله عز وجل وبقضائه.. فانا افسر محادثته مع بعض الفتيات من قريباته على انها محاولة للتقرب اليهن ومن ثم التواصل معهن.. مع انه اكد لي مرارا انني الوحيدة في حياته واني اجمل كثيرا.. وان شكي هذا اذا استمر ستكون عواقبه سيئة علينا اي انه سيفسخ خطبته.. وفي كل مرة افسر طيبته بتفسيرات سلبية تنم عن عقدة نفسية ربما أعانيها منها ولا استطيع الخلاص ففي كل مرة تنتهي ثورتي وشكي يتأسف مني واشعر بالحزن والالم. د. ناصح ارجو ان تضع مشكلتي في عين الاعتبار.. ارجوك ماذا افعل تجاه هذه الوساوس وهذه الظنون المؤلمة التي تؤثر كثيرا على حياتي وعلى علاقتي بمن حولي خاصة هذا الانسان الذي لن اجد مثل طيبته واخلاقه ابدا الا ما شاء الله فأسرتي ترتاح له كثيرا. انني اريد ان اعزله عمن حوله فأنا اريده ان يتكلم معي فقط وألا يمزح او يضحك مع احد غيري. ارجوك لا تقل لي انصحك بزيارة العيادة النفسية فأنا لا ارغب في ذلك.. فقط اتمنى منك ان تدلني على الطريقة الصحيحة التي تضمن لي بقاء خطيبي لي والعيش معه بسلام وامان. ولدي سؤال: هل لديك اي كتب ومؤلفات تنصحني بقراءتها؟ هذا ولك مني جزيل الشكر. @@ ... س.س.ج... لا تدعي الغيرة تتملكك الأخت س. س. ج شكرا لك على هذه الثقة.. يقولون في علم النفس ان الاعتراف بالمشكلة او الخلل بداية الطريق نحو الحل وهأنت تشخصين مشكلتك وتعترفين بها بصدق وتعرفين عواقبها وهذا ما يؤكد وعيك وقدرتك في المساعدة على اجتيازها والوصول الى بر الامان خاصة وانت تؤكدين طيبة واخلاق هذا الانسان الذي تقدم لخطبتك. بداية نود أن تسألي نفسك هذا السؤال وتحاولي الاجابة بصدق. وهو: هل ضغط احد على خطيبك ليتقدم اليك؟ نقصد هل هناك ضغوط عائلية بسبب القرابة او ان هناك مغريات دفعته الى ذلك خلاف ما نقل اليه او عرفه عنك انت شخصيا واسرتك من الطيبة والخلق والجمال وغيرها..؟ ولماذا اختارك انت بالذات؟ اعتقد ان محاولتك الاجابة عن هذا السؤال ستؤكد لك انك الوحيدة في حياته اذ كان بامكانه الارتباط بأخرى لو اراد. اليس كذلك.. عموما الاجابة متروكة لك. ونعود الى المشكلة التي ربما لها جذور في النفس تعود الى الطفولة والنشأة وتبدأ من العلاقة الاسرية بينك وبين اخوتك وعلاقتهم بالام والاب.. وهل كانت هناك انواع من التمييز لبعض او احد اخوتك او اخواتك دفعك الى الغيرة ام لا..؟ بالطبع كان يمكن للعيادة النفسية التي ترفضينها ان تكتشف ذلك وتوفر لك الكثير من الوقت (يمكننا مساعدتك في هذا الشأن) فالعلاج النفسي اصعب مسألة ضرورية كالعلاج الجسدي فهو اولا يتسم بالسرية ولا يخجل ولا يسم صاحبه بأي سمة تقلل من شأنه وننصحك بان تقرأي مؤلفات د. عبدالستار ابراهيم في هذا الشأن وهي موجودة في المكتبات ومنها العلاج النفسي. والاكتئاب.. وغيرها. ونعود الى الغيرة التي يرى فيها علم النفس سلوكا بشريا طبيعيا اذا كان في حدود المعقولية والادراك وينبع من نفس محبة ويتجه الى من يستحق دون عوارض تسبب في الايذاء النفسي او الجسدي اما اذا تعدت هذه الحدود فانها تصبح ظاهرة مرضية تتوجب العلاج. وبما انك تفضلين ان تكوني طبيبة نفسك فاننا نقدم لك بعض النصائح البسيطة لتكون كبداية ننطلق منها مستقبلا. @ حاولي ان يتسم تفسيرك للامور بالتسامح وحسن النية فلا اتهام دون ادانة وثبوت والعدل يتمنى منا تفهم كل ملابسات الامر. @ عليك ان تبدأي حياتك بالصدق مع زوج المستقبل فعندما يصارحك صدقي ما يقول.. ولا تضعينه دائما موضع الاتهام حتى لا تتحول تصرفاته وحياته معك الى دفاع دائم عن نفسه فهذا الامر يقود الى مشاكل قد تنتهي بما لا ترضينه. @ هل (الغيرة) التي تبدينها ترتبط بالحب لهذا الشخص ام بالرغبة من (التملك والخصوصية) ام هي وسيلة غير مباشرة لتأكيد حبك له؟ حاولي ان تجيبي عن هذه الاسئلة.. على اعتبار ان الحب الصادق يعني مساحة من التسامح وفهم الآخر. @ اننا لا نريد ان ندخل بك في متاهات علم النفس والتحليل النفسي الذي وردنا من المختصين المتعاونين معا والذي طالب بتفاصيل اكثر لم نستطع ان نزوده بها. @ قبل كل ما سبق هناك الجانب الروحي الايماني الذي يدفعنا الى التثبت والتسامح ويحدد لنا ابعاد العلاقة ومستوياتها والمودة والالفة والرضا وغيرها. @ عليك ادراك عواقب ما تقومين به والذي أقله دفع الطرف الاخر الى اجابة ترضيكي قد تكون كاذبة. وسنوافيك في العدد القادم بنتائج التحليل النفسي للظاهرة وندعو خطيبك ايضا لمراعاة شعورك فلا يقوم بالاتصال بقريباته امامك. او الحديث عن ذلك بما يستفز.. وجربي انت ان تكوني هادئة وان تكون ردة فعلك طبيعية, وتعمدي عدم الاهتمام بذلك او اطرحي بعض اسئلة مغايرة للموقف.. جربي. .....ناصح