جاء قرار وزير البنية التحتية الاسرائيلي جوزيف باريتسكي بتشكيل لجنة لفحص مشروع خط الأنابيب القديم لنقل النفط العراقي الى مصاف النفط في حيفا هذا الاسبوع في توقيت مواز مع بدء استعداد الجنرال السابق، رجل الاعمال الامريكي، جاي غارنر لترتيب عملية نهب ثروات العراق لدى اكتمال الغزو وترسيخ الاحتلال. ويتواجد غارنر في الكويت منذ فترة يدير منها ما وصفه كولن باول، وزير الخارجية الامريكية، في اوروبا قبل يومين بالفترة الانتقالية التي تتولى فيها الولاياتالمتحدة ادارة شؤون العراق المحتل. ومما يشير الى جدية التوجه الاسرائيلي، والاتفاق عليه مع الامريكيين، ان اول رد فعل على التسريبات الاسرائيلية جاء من روسيا التي اعربت عن قلقها من ان تستعيض اسرائيل عن مستورداتها من النفط الروسي بنفط عراقي. صحيح ان اسرائيل لا تستورد سوى اكثر من ربع مليون برميل يوميا (280 الف برميل يوميا)، الا ان روسيا تشحن اليها اكثر من ذلك من البحر الاسود الى حيفا وتخشى روسيا من تعطل مشروع تكرير بعض النفط الروسي في حيفا وشحنه من ايلات الى مشترين آسيويين. الا ان الاسرائيليين طمأنوا الروس بسرعة حول استمرار مشروعاتهم المشتركة. اما خطط نقل النفط العراقي عبر الاردن الى اسرائيل فليست جديدة، ويسعى الاسرائيليون الى تنفيذها منذ اول اتفاق تسوية مع العرب في اواسط السبعينيات. ويرون فيها مجرد احياء لخط الانابيب القديم الذي كان ينقل نفط الشمال العراقي من الموصل الى حيفا، وبعد نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1948 تم تحويل ذلك الخط الى سوريا. ويراهن الاسرائيليون على تسويق خط ايلات عسقلان كطريق افضل من قناة السويس وغيرها، وحتى اكثر امنا من الخليج، لنقل النفط الروسي ومن اذربيجان لتسويقه في آسيا. وفي هذه الحالة ستتجاوز الفائدة لاسرائيل توفير احتياجاتها من الطاقة، الى تشغيل صناعة التكرير والمشتقات لتنافس دولا في المنطقة تعتمد على تطوير تلك الصناعات. ونجح الاسرائيليون في ضمان وعود اولية بتمويل لمشروعاتها لخطوط الانابيب بنحو مائتي مليون دولار. واذا علمنا ان محاولات اسرائيل في الثمانينيات لتحويل النفط العراقي الى منافذها كان يشارك فيها بفاعلية دونالد رامسفيلد، وزير الحرب الامريكي الحالي، الذي كان يعمل وقتها مستشارا للرئيس الامريكي رونالد ريجان، لا يستبعد ان يكون رامسفيلد حدد للجنرال غارنر اولوية استفادة اسرائيل من غنيمة نفط العراق، حتى قبل انتقاله من الكويت الى العراق المحتل. ومن المهم الاشارة الى ان العراق كان قد بدأ قبل مدة قصيرة في مشروع خط انابيب بينه وبين الاردن لنقل النفط العراقي ربما الى ميناء العقبة في مراحل لاحقة. وربما يفضل الامريكيون، في فترة الاحتلال، ان ينقل جزء من نفط الجنوب العراقي ايضا الى اسرائيل. ولا شك في ان موظفي شركات الطاقة الذين يحكمون الآن في الولاياتالمتحدة سيعملون على ان تكون الدولة الصهيونية نقطة الالتقاء لخطوط طاقة رئيسية في المنطقة، تستقبل الخام من المنتجين في العراق المحتل وروسيا ودول حوض بحر قزوين وتصدر عبر منفذين رئيسيين: حيفا الى اوروبا والغرب، وايلات الى اسيا والشرق.