رغم نفي الأردن رسميا مانقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية عن لقاء محتمل بين وزير البنية التحتية الاسرائيلية يوسف باراتيكي مع نظيره الأردني في عمان، لبحث اعادة تشغيل أنبوب النفط القائم منذ 55 عاما مضت فترة الانتداب البريطاني من مدينة الموصل في العراق حتى ميناء حيفا في فلسطينالمحتلة، إلا أن هنالك اصواتا بدأت ترتفع تشير الى ان تلك الخطوة حال حدوثها تمثل احياء لأفكار رئيس وزراء اسرائيل الأسبق شيمون بيريز، المقدمة الى القمة الاقتصادية الثالثة لدول شمال افريقيا والشرق الأوسط في نوفمبر 1996، وهي الأفكار الرامية الى تجميع مصادر تصدير النقل والشحن والتسويق للنفط الخام العربي الى أسواق أوروبا وأميركا عبر ميناءي حيفا وايلات الاسرائيليين، من خلال اقامة خطوط أنابيب جديدة.. أو تطوير القديمة. بدلا من استخدام قناة السويس وخط الأنابيب العربي (سوميد). الى أي مرحلة وصلت طروحات هذا المشروع، وما احتمالية تطبيقها على ارض الواقع وبالتالي ما صدى ردود الفعل المحتملة على واقع القطاع النفطي ، وأي من القطاعات التي ستتأثر بشكل مباشر ازاء هذا المشروع ؟ كان بيريز قد قدم ورقة عمل الى المؤتمر المذكور أوضح فيه تصوراته للتعاون الاقتصادي بين دول المنطقة في مرحلة مابعد السلام. وزعم أن الأخذ بمقترحاته سوف يوفر مابين 4 إلى 6 دولارات في تكلفة النقل لكل برميل نفط خام عن الطرق التقليدية الراهنة. ان احياء مثل هذه الأفكار ثانية على خلفية الغزو الانجلو أميركي للعراق ماهو الا صيد في الماء العكر ، ويهدف الى ادخال اسرائيل ضمن اقتصادات المنطقة دون أن تسدد فاتورة ذلك سياسيا بانسحابها من الأراضي العربية المحتلة في 1967. مع العلم بأن هناك اتفاقا عربيا سواء بين دول الطوق أو في اطار جامعة الدول العربية في قمة القاهرة (أكتوبر 1997) باعتماد السلام كمبدأ استراتيجي عربي، مع تجميد أي خطوات للتطبيع الاقتصادي مع اسرائيل، حتى للدول الموقعة على اتفاق سلام معها، مادام لم تحدث التسوية السياسية واسترداد الأراضي العربية المحتلة. إضافة الى أن القرارات العربية تقضي باستبعاد أي مشروعات تعاون اقتصادي مشتركة، أيا كان نوعها، مع الدولة العبرية تقوم على حساب مشاريع عربية مثل قناة السويس وخط السوميد. ومن المستبعد أن ينفرد الاردن بالمضي قدما في تنفيذ هذا المشروع، دون التنسيق مع دول الطوق. أو جامعة الدول العربية، خصوصا في مرحلة غياب الشرعية في العراق. وأشار الى ذلك وزير الطاقة والثروة المعدنية في الاردن المهندس محمد البطانية الذي نفى - منذ أيام - صحة مانقلته صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية، مؤكدا أنه ليست هناك نية أو رغبة في اعادة تشغيل خط (الموصل - حيفا) النفطي المار في الأراضي الأردنية. وتقوم الدول الخليجية العربية بتصدير نحو (175) مليون طن نفط خام سنويا الى اسواق أوروبا والولاياتالمتحدة الأميركية، يستخدم منها الانبوب العربي السوميد نحو 140 مليون طن، و35 مليونا الأخرى يتم نقلها - مناصفة - عبر قناة السويس وطريق رأس الرجاء الصالح. علما أن النفط الخام العراقي كان يمثل 12% من اجمالي طاقة خط السوميد قبل عام 1990، تقلصت بعد اتفاق النفط مقابل الغذاء إلى ما بين 4 إلى 6% من طاقة تشغيل الخط الاجمالية. ومن المتوقع أن تتناول اجتماعات منظمة الأوبك في فيينا - 24 ابريل الجاري الافكار الاسرائيلية، وتحديد الخطوات العربية تجاهها، مع العلم أن تكاليف عبور النفط الخام في أنابيب، حسبما تروج له اسرائيل، ليست اقل من تكاليف استخدام النقل البحري في قناة السويس أو السوميد.. حال اضافة رسوم تأمين النقل في ظل عدم استقرار الوضع السياسي بين اسرائيل ودول الطوق العربية من جانب، وكذلك غموض الوضع في العراق لفترة لا يعلم أحد مداها. وعلى ما يبدو فإن هناك تحركات سياسية مصرية عربية على اعلى مستوى تجري حاليا، على خلفية التصريحات الاسرائيلية، لاجهاض استفادة الدول العبرية مما حدث في العراق دون انهاء حالة الحرب مع الدول العربية. ولا تتعدى الطاقة التشغيله لخط (الموصل - الأردن - حيفا) السابقة (5 ملايين طن) سنويا، مما يقلل من تكاليف تشغيله واقتصاداته مقارنة بالطرق البديلة الحالية حيث انه كان مصمما على سقف انتاج يناسب مرحلة الانتداب البريطاني على فلسطين، وزيادة طاقة تشغيله تعني ضخ استثمارات جديدة، يواجه استردادها ثانية صعوبة الدخول في منافسة سعرية سواء مع السوميد او قناة السويس، اللذين استردا تكاليف انشائهما منذ فترة طويلة.. مما يجعلهما - أي السوميد وقناة السويس - في وضع يتيح لهما اجراء تخفيضات كبيرة على كميات النفط التي تمر عبرهما، وبالتالي ضرب الأنبوب الجديد - حال تنفيذه - في مقتل. أن تلك الافكار الاسرائيلية متعددة الاهداف، حيث ترمي الى تحويل ميناء حيفا الى روتردام الشرق الأوسط، في الوقت الذي جعلت فيه مصر منطقة سيدي كرير بالإسكندرية بمثابة بورصة لبيع النفط الخام الخليجي عالميا. كما تهدف اسرائيل الى تدبير حاجتها من النفط الخام، لتشغيل طاقتها الانتاجية.. ومحطات توليد الكهرباء بها، بأقل الأسعار.. ومن مصادر عدة، وضمان استمراريتها.. خصوصا بعد أن رفضت مصر مد الغاز الطبيعي اليها بسبب المواقف المتعنتة لحكومة شارون ازاء عملية السلام. وفي هذا الاطار، أكد الفريق محمد علي فاضل رئيس هيئة قناة السويس على أنه مثلما تم تقويض فكرة مشروع قناة اسرائيلية تربط بين البحر الاحمر والميت تنافس الممر الملاحي المصري العالمي، فإنه سيتم السيطرة على أية فكرة أخرى لإحياء مسارات نقل النفط الخام - العربي عموما أو العراقي خصوصا - عبر الأراضي الاسرائيلية.. معتبرا أن ذلك دفاع شرعي عن مصالح مصر الاقتصادية مشددا على أنه لن نفرط أو نسمح لغيرنا في تقليص موارد بلادنا السيادية. وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد أشارت الى إن وزير البنية التحتية الإسرائيلي جوزيف باريتسكي أعرب عن رغبته في إعادة تشغيل خط لأنابيب النفط بين مدينة الموصل في شمال العراق وميناء حيفا الإسرائيلي بعد انتهاء الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد العراق. وذكرت الصحيفة أن باريتسكي يأمل في إمداد مصافي النفط الضخمة المقامة في حيفا بالنفط العراقي بدلاً من استيراد النفط الروسي الأغلى ثمناً. وقال باريتسكي للصحيفة أنا واثق من أن الإدارة الأمريكية ستؤيد تلك الفكرة. يذكر أن خط أنابيب الموصل/حيفا تم إنشاؤه في الثلاثينيات من القرن الماضي، لكن العراق أوقف تصدير النفط إلى حيفا عند إقامة دولة إسرائيل عام 1948، وتم تحويل الخط إلى مصافي النفط في طرطوس بسورية. وقد كانت هناك عدة محاولات لإعادة تشغيل الخط ، إحداها خلال الحرب العراقيةالإيرانية في الثمانينيات عندما وافقت سورية على طلب إيران بوقف تصدير النفط العراقي عن طريق البحر الأبيض المتوسط. وكانت إيران في ذلك الوقت تمنع الناقلات المحملة بالنفط العراقي من مغادرة الخليج. وفي هذا السياق قالت نشرة أخبار الساعة التى يصدرها مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ان اسرائيل سعت ومازالت تعمل على تعظيم مردودها الاستراتيجي من هذه الحرب واستغلالها فى تحقيق أهداف اسرائيلية موازية وهو طموح لم يسقط رغم ان حكومة شارون قد تراجعت بفعل الضغوط الاميركية عن تنفيذ مخططات كانت معدة سلفا . وقالت النشرة ان الكشف عن الخطط الاسرائيلية بشأن العراق قد يكون مجرد بالون اختبار لقياس ردود الفعل الاقليمية والدولية ازاء خطوة كهذه ولكن التجارب أثبتت ان هذه التسريبات غالبا ما تنطلق من وقائع وحقائق سرعان مايتم الكشف عنها مايعنى ان هناك مؤشرات ولو ضئيلة بشأن دور اسرائيل فى مرحلة مابعد الحرب المحتمل فى رسم مستقبل العراق اقتصاديا وسياسيا. وأكد عدد من المسؤولين الاردنيين نفيهم القاطع لهذه الانباء التي تروجها الصحافة الاسرائيلية، الا ان المنفعة الأردنية من وراء المشروع, كما ذكرت صحيفة المستقبل اللبنانية اعتمادا على آراء اقتصاديين أردنيين بارزين, لها وجهان: الأول الرسوم التي سيفرضها الأردن مقابل مرور الأنبوب عبر أراضيه والثاني التزود بالنفط عبر الأنبوب بخلاف الوضع الحالي الذي يتم فيه نقل النفط بالشاحنات. وبالنسبة لحالة الجزء الأردني من الأنبوب, أوضحت مصادرصحيفة أنه كان هناك خطان لنقل النفط يربطان كركوك بميناء حيفا على شاطئ البحر الأبيض المتوسط وتم تشييدهما على يد بريطانيا خلال عقد الثلاثينات من القرن الماضي, الأول 12 بوصة والثاني 16 بوصة وبطاقة نقل تبلغ 350 ألف برميل يومياً، إلى جانب خط ثالث يربط كركوك بميناء طرطوس السوري. محاولات عربية لاجهاض نوايا اسرائيل