نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    كيف يدعم أمان التطبيقات وسيادة البيانات أهداف رؤية السعودية 2030؟    أمير الشرقية يرعى ورشة عمل لمنصة "تنامي" الرقمية    سعود بن نهار يلتقي رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية للترفية بإتحاد الغرف    السعودية واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    استشهاد أربعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    لمحات من حروب الإسلام    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنت شاهدا على اختفاء دول بكاملها
عبدالله بشارة يكشف الأوراق في رجال تحت الشمس:

الإبحار في أعماق شخصية سياسية يختلف عن التحاور مع أي شخص آخر لكون السياسي ذا أبعاد وأطروحات في الرؤى والأفكار. ولقد كان لضيفنا هذا الأسيوع البعد الآخر الذي ألتصق به أثناء عمله في الأمم المتحدة وفي السفارة الكويتية وفي امانة مجلس التعاون الخليجي والذي يرى أن الحرب العراقية الإيرانية حرمت المجلس من وضع وتنفيذ استراتيجية تحقق طموحات وتطلعات شعوب المنطقة.
ثم كان الغزو العراقي للكويت وما جره العدوان الغاشم على الخليج بأسره من آثار سلبية. ضيفنا هذا الأسبوع عبدالله يعقوب بشارة أمين مجلس التعاون الخليجي الأسبق، فمرحبا به وبكم ..
السيرة الذاتية
عبدالله بن يعقوب بشارة التميمي بدأ حياته مدرساً ثم ألتحق بالكلية في عام 1961 ثم تخصص في العلوم السياسية في القانون الدولي ثم عمل بمكتب الشيخ صباح الأحمد وفي 64 إلى 71 وعملت في دبلوماسية القمم العربية وفي (71) عمل مندوباً دائما في الأمم المتحدة وتم تعيينه كأول أمين عام لدول مجلس التعاون الخليجي في مايو (81) وأستمر في مجلس التعاون لمدة (12) سنة.
بدأت حياتي مدرساً
@ اليوم : لكل ناجح بدايته وخطواته الأولى، بودنا أن تحدثنا عن بداياتكم ؟
بشارة : كانت بدايتي في حقل التعليم حيث عملت مدرساً، وشعرت أن التدريس هو فن التلقين وكان معي زملاء مهنة لا يجيدون هذا الفن. ولأن التدريس لدي كان هواية وليس احترافاً فقد تركته بعد اقل من سنتين لألتحق بالكلية. عند إعلان استقلال الكويت رأى هذا الكيان الوليد اختيار من يمثلون نواه الدبلوماسية الكويتية من أبناء الوطن وكنت واحداً ممن تقدموا للعمل في هذا المجال الجديد جداً ليس بالنسبة لي بل للدولة أيضا.. بعد ذلك اتجهت لدراسة القانون الدولي كتخصص دقيق من تخصصات العلوم السياسية.
البدايات الدبلوماسية
@ اليوم : قررتم ونفذتم الأنتقال من التدريس إلى الدبلوماسية فكيف كانت بدايات هذا المجال ؟
بشارة : اتجهت الدولة عام 1962 لاختيار المتميزين من الشباب ليكونوا واجهتها أمام الدول الأخرى، وبتوفيق الله كنت واحداً منهم وكان نصيبي أن أكون في السفارة الكويتية بتونس وقد اخترت تونس دون غيرها لأتعلم اللغة الفرنسية.. في تونس قضيت سنتين فقط.
دبلوماسية القمم العربية
@ اليوم: ثم ماذا بعد دخول الدبلوماسية من أوسع أبوابها ؟
بشارة: بعد مغادرة تونس ظللت بمكتب الشيخ صباح الاحمد حتى عام 1964. وما بين عامي 1964و1971 كنت في دبلوماسية القمم العربية حيث الأحداث ساخنة والكوارث تتوالى وهناك حرب باردة تدور رحاها.. وفي اليمن ثورة تنفجر وفي سوريا انفصال.. والعراق أتخذ منحى مخالفاً لسياسة القاهرة، ثم تجاوز الحد بتعزيز وجوده في اليمن وانتهى بحملات إعلامية مغرضة ضد المملكة العربية السعودية والاردن !
@ اليوم: بم تصفون تلك الفترة ؟
بشارة: فترة سيئة حقاً قادت العرب إلى أزمات متلاحقة ولا تزال تبعاتها السلبية تلاحقنا.. كانت هناك قمة عربية في يناير 1964م لتنقية الاجواء، وفي سبتمبر 1965م كان من المفترض أن تكون هناك قمة دولية لكنها لم تحدث. ومما أذكره انني كنت اكتب محاضر هذه القمة التي كان فيها الشيخ صباح يكثف مساعيه الطيبة مع المملكة في وقت كان فيه التباعد والتشنج يسيطران على لغة الحوار.
نزاعات وخلافات .. ومساع
@ اليوم : هل كنت تتوقع أو تتصور أن تصل الخلافات والنزاعات السياسية بين العرب الى مرحلة الهجوم الإعلامي ؟
بشارة : ما توقعت ولا تصورت ولا تمنيت أن يحدث ما شاهدت وعايشت ! وقد ادخلت مدرسة أحمد السعيد المصطلح السياسي العربي إلى مرحلة السوقية اللفظية! لم تكن هناك مساع كويتية بين المملكة والقاهرة بل كانت المساعي مبذولة من الشيخ صباح لتقريب وجهات النظر بين موريتانيا والمغرب مع مساع بين إيران والبحرين لحل المشاكل القائمة بينهما.. فالمساعي الخيرة لم تتوقف من المملكة أو الكويت أو قطر أو البحرين لاحتواء كل ما يعكر صفو الخليج أو العرب عموماً. وقد رأس الجانب السعودي في هذه المرحلة صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبدالعزيز بينما ترأس الجانب الكويتي الشيخ صباح الأحمد.. وفي هذه الفترة العصيبة كانت نكبة يونيو 1967م.
قمة الخرطوم بعد النكسة
@ اليوم: إلى أي مستوى وصلت قمة الخرطوم عقب نكسة 1967م في حل النزاعات؟
بشارة: في قمة الخرطوم المعروفة بلاءاتها الثلاث مع إسرائيل تجلت حكمة المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي وصل إلى أعلى مستوى لنزع الخلافات.. وفي هذه القمة وطرحت لأول مرة إزالة آبار الأموال والتركيز على الضفة الغربية وسيناء، كما التزمت القاهرة بدفع الملايين.
صوت في الأمم المتحدة
@ اليوم: من أي منطلق كان دوركم في الأمم المتحدة، منطلق سياسي أم غيره ؟
بشارة: كنت في خدمة القضية الفلسطينية إذ لا توجد لدينا لائحة كويتية. وقد كنت أدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني من منطلق اقتناعي الشخصي بأن هذا الشعب من أكثر شعوب الأرض تعرضاً للظلم، وبهذا يستحق منا الاهتمام وكل المساعدة.
@ اليوم: هل كان لكم دور ملحوظ وصوت مسموع في تلك الفترة ؟
بشارة : في عام 1971م التحقت بالأمم المتحدة كمندوب دائم لدولة الكويت وخلال السنوات العشر التي قضيتها في هذا الموقع كان أكبر همنا كخليجيين نقل صورة حقيقية تبرز معاناة الشعب الفلسطيني. في هذه الفترة تم لقاء سري بين مندوب منظمة التحرير الفلسطينية والسفير الأمريكي المشهور (أندرو يونغ) وهو رجل إنساني الفكر والنزعة وقد تأثر كثيراً بما شاهده من معاناة الشعب الفلسطيني.
إلى مجلس التعاون
@ اليوم: عند صدور قرار تعيينكم أميناً لمجلس التعاون الخليجي لم يكن هناك دور ملحوظ يقنع طموحات وتطلعات شعوب دول المجلس.
بشارة: بعدما تركت الأمم المتحدة توجهت للكويت حيث تم ترشيحي في نفس العام مايو 1981م كأول أمين عام للمجلس مرشحاً من دولة الكويت. وكان أول قرارين إقرار وتوثيق النظام الأساسي واختياري أميناً عاماً.
قضيت في مجلس التعاون قرابة (12) سنة حافلة بالعطاء رغم الأزمات المتداخلة والقضايا الكبيرة من حرب عراقية إيرانية استنزفت (8) سنوات من الجهد والمال والأنفس.. في دول الخليج ومن خلال أمانة المجلس بذلنا المال والجهد والأعصاب وواجهنا الحرب بالدبلوماسية والنطاق العسكري حتى لا يسقط العراق صريعاً أمام إيران فيحدث خلل في ميزان القوى بالمنطقة خاصة أن إيران هي التي كانت ترفض نداءات وقف إطلاق النار.. وهذا الموقف المتصلب من طهران حول الأنظار إلى ضرورة دعم العراق وحمايته حماية دولية وتم بالفعل تنفيذ ائتلاف خليجي عراقي دولي بما في ذلك الولايات المتحدة، لاحبا في صدام ونظامه بل للحفاظ على التوازن.
نهاية حرب العراق إيران
@ اليوم: وكيف وصلت الحرب الإيرانية العراقية إلى محطتها الأخيرة ؟
بشارة: قضى الأسطول الأمريكي على مظاهر القوات الإيرانية في بحر الخليج فانهارت القوة الإيرانية ثم تلا ذلك انعقاد قمة عربية في بغداد، وهذه القمة كانت عجيبة وغريبة بكل المعايير لأنها كانت موجهة ضد دول الخليج !!
الكويت ضحية غدر الصديق
@ اليوم: وكيف انتقل العراق من حرب إيران إلى غزو الكويت ؟
بشارة: القمة كانت خاتمة الحرب العراقية الإيرانية ولكني قلت انها عجيبة وغريبة لأن العراق اتجه لغزو من أنقذوه من ويلات الحرب التي استمرت ثماني سنوات !! في المؤتمر المشار إليه خرج العراق بتعريفات جديدة للحرب بانها قطع الأرزاق مطالباً بتسوية مزعومة بينه وبين الخليج وتحديداً الكويت.. وفي حالة عدم إذعان الخليج لهذه التسوية وفق شروط العراق فإنه سيتصرف!! في اجتماعنا بجدة (يوليو 1990م) لاحظ الجميع أن الوفد العراقي يريد فرض إملاءات ثم يطلب من الكويت تنفيذ طلباته دون مفاوضات أو نقاش.. وتوتر الوضع حتى ان الوفد العراقي انسحب من جدة بعد بدء الاجتماع بربع ساعة. ولم نجد في اللوائح مسوغاً واحداً لقبول وتنفيذ طلبات العراق.. عدنا بعد ساعتين من جدة لنجد القوات العراقية داخل الكويت!!
@ اليوم: ماذا عن وجهة نظركم فيما حدث ؟
بشارة: نصحنا القادة العرب والجامعة العربية والأصدقاء بعدم اللجوء للتصعيد العسكري واستنفار الجيش الذي سيربك العراق ويزعجه .. نفذنا ما رأيناه نصيحة لنجد الكارثة في ديارنا مما يجعلني أقول أن الكويت كانت ضحية غدر الصديق.
نعم نحن نعترف: لقد أخطأنا
@ اليوم: أتعتقدون أن سياسة التهدئة وراء الغزو والتمادي فيه ؟
بشارة: سياسة التهدئة تناسب خصما يحكم عقله احياناً فقد يعود إلى رشده.. أما مع صدام العراق فمن الخطأ اتباع سياسة التهدئة لانها عقلانية جداً.. منذ يوم الغزو وكل من في مجلس التعاون يحذر الكويت من الرد بالمثل مرورا بشعار (سلماً إن كان ذلك ممكناً أو حرباً إن كان ضرورياً) وتلاحظون أن الشعار بدأ بالسلم لا الحرب.. هذا الشعار رفع في قمة الدوحة في ديسمبر 1990م .
@ اليوم: هل كان لابد من التدخل الدولي لتحرير الكويت ؟
بشارة: لا ننكر مواقف الدول العربية والصديقة والمتحالفة ودورها في التحرير والتصدي للمعتدي ولكن لا ننسى الموقف الخليجي في أرض خليجية وسماء خليجية واتصالات خليجية وتضحيات خليجية.. ولولا كل ما ذكرت لما تحررت الكويت وبالتالي نرى أن مجلس التعاون هو الركن الأول والأهم استراتيجياً ولابد من المحافظة على ذلك.
الأمم المتحدة .. هضبة بانوراما
@ اليوم: أيامكم في الأمم المتحدة ذات نكهة ومذاق خاص، ماذا في الذاكرة الآن ؟
بشارة : كنت في الأمم المتحدة كأني على هضبة بانوراما.. أطل على العالم، قادته يجتمعون في مبنى واحد وتستمع الوفود لخطبهم السياسية والإقتصادية.. الاجتماعات لا تنتهي ما بين جمعية عامة ومجلس اقتصادي ومجلس أمن ....الخ الدبلوماسية الجماعية هي المهيمنة ..قضايا العالم يتم تحليلها من رؤى وزوايا متعددة ..القوة هي الركيزة والأساس للحفاظ على الأمن والاستقرار هذا هو منطق الأمم المتحدة وأنا مقتنع به وأميل لقبوله وتيقنت منه أكثر بعد غدر الجار.. وارى أن الاستعداد للحرب هو أفضل سبل تأمين السلام في أي مكان من العالم! قد يكون منطقاً غريباً لا يستسيغه البعض لكنه الواقع والأصوب في عالم اليوم.
@ اليوم: وماذا أعطتك الأمم المتحدة أيضا غير منطق القوة الذي أوردته في إجابتك السابقة؟
بشارة: منحتني البعد أعني بعد النظر وسعة الأفق والنظرة الشاملة غير المبتورة للأمور.. وأعطتني الأمم المتحدة فرصة نادرة للوقوف على بعض خبايا الصراعات بين الدول من أجل طموحات وأطماع، لا توجد دولة تضحي بأبنائها وتدفع بهم إلى الحروب حباً في دولة أخرى مهما كانت.. هذا شيء لا وجود له ولكن هناك مصالح مشتركة تتطلب حماية مستمرة.
في بداية عملي بالأمم المتحدة كنت شاهداً على الحرب الباكستانية الهندية عام 1971وشاهدت كيف قدم الروس كل الدعم والحماية للهند التي كانت تسعى إلى عزل بنجلاديش وباكستان كما كنت شاهداً على اختفاء دول بكاملها في ظل الحرب الباردة.. أعطتني الأمم المتحدة حقائق الحياة في عالمنا وكيف تسير الأمور لابد من الواقعية في تقدير النتائج ولابد من حلفاء مستعدين للنجدة عند الحاجة.. وأقول بكل حسرة أن مبنى الأمم المتحدة هو المبنى المثالي الذي تمارس فيه الدول المسيطرة متاحة القوة بكل صورها وأشكالها ضد الضعفاء!.
@ اليوم: هناك حقوق للقوة! ما مدى اقتناعك بدور الأمم المتحدة في إقرار هذا المنطق وتعميمه عملياً على دول العالم؟
بشارة: ستصاب بالصدمة لو كنت مغرقاً في المثالية عندما تنظر للأمم وأنت خارجها.. ومتى ما دخلتها سترى العالم على حقيقته..ستجد للقوة مكاناً وزماناً مع الكثير من المكافآت أحيانا!! الأمم المتحدة مدرسة تجعلك تفكر دولياً بأسلوب واقعي.. عندما تلتصق بقيادات العالم ستجد منها الجيد والعظيم كما ستجد من لا يصلح لاي شيء.. وبعض قيادات العالم تستحق الإعانات!! ألم أقل لك أن الأمم المتحدة تختلف كثيراً عن نظرتنا المثالية إليها من البعد؟
نريد توطين التكنولوجيا والاقتصاد
@ اليوم: نعود إلى مجلس التعاون الخليجي، ما تقويمك لوضع المجلس في المرحلة الراهنة؟
بشارة: لا أرى مبرراً لعدم تحقيق المجلس ما يسمى بتوطين الاقتصاد أو المواطنة الاقتصادية التي تحققت في كل مكان. نريد توسيع نطاق الاستثمارات الأجنبية.. نريد توطين التكنولوجيا لا نقلها واستخدامها دون أن تكون لنا يد في إنتاجها.. والأهم من كل هذا أن نتعود على اتخاذ القرارات الصعبة ونتعود على تحمل تبعاتها ونتائجها.
@ اليوم: القرارات الصعبة الواردة في إجابتك السابقة بحاجة لشيء من التفصيل للقارىء غير المتخصص:
بشارة: أعني ان تصدر دول المجلس قرارات جريئة مفيدة لا تضر بامنها ومصالحها العليا، ثم تمضي قدماً في التطبيق دون أن تتأثر بمقالات أو موجات حماسية.. مثلا على دول المجلس المسارعة بتحقيق المواطنة الخليجية التي تكفل لأبناء الخليج جميعاً حق الانتقال والامتلاك والاستثمار في أي مكان بدول المجلس مع تقديم كافة التسهيلات المتاحة..الخليجي الآن لا يستطيع بيع أو شراء أرض إلا في حدود دولته فأين التعاون الخليجي، والبيروقراطية تعمل على وأد كل مقومات العمل الاجتماعي ؟
القرار السياسي مطلوب
@ اليوم : ما أسباب عدم وجود وحدة اقتصادية بين دول المجلس؟ وما مدى إمكانية إيجادها ؟
بشارة : البيروقراطية التي تحدثت عنها في أكثر من إجابة سابقة تعد من أسوأ معوقات كل أنواع الوحدة المفترض تواجدها بين دول المجلس.. والحل الوحيد للخروج من نفق البيروقراطية المظلم هو اتخاذ القرار السياسي الجرىء والجماعي الذي يحرك دول المجلس ويزيل مظاهر الجمود المسيطرة.. ونحن متفائلون بالغد الآتي برداً وسلاماً إن شاء الله.
دور قيادي للمملكة
@ اليوم: كيف ترون دور المملكة العربية السعودية داخل مجلس التعاون الخليجي ؟
بشارة: المملكة العربية السعودية مؤهلة تماماً لقيادة مجلس التعاون ويجب عليها أن تأخذ زمام المبادرة وأنا من هذا المنبر أدعوها لذلك. وأذكر أن سمو ولي العهد - حفظه الله - زار الهيئة الاستشارية في مجلس التعاون ومما قاله لنا قبل سنتين (أنتم برلمان الخليج فتحركوا وبادروا) وأنا هنا أقدر لسمو الأمير اعتزازه بالهيئة وثقته بالمجلس ثم أضيف: نحن نريد أن تأتي المبادرة من المملكة لأنها قادرة على جر القطار البطيء حتى لو تثاقلت عربات القطار المحملة بالآخرين.. وهذه المبادرة السعودية مطلوبة بصورة أكبر في تحقيق المواطنة الاقتصادية التي كنت ومازلت انادي بها.
@ اليوم: ودورها في تحرير الكويت ؟
بشارة: لم يتم تحرير الكويت إلا بالدور الفعال للمملكة والأمن الخليجي في نظري هو استقرار المملكة.. ليس الخليجي فحسب بل العربي أيضا لأن القرار العربي العام معظمه خليجي ولا يوجد قرار خليجي أو عربي فعال مالياً ودبلوماسياً إلا بمشاركة المملكة.
بيروقراطية دول الخليج !
@ اليوم: للحرب دور مباشر في عدم تفعيل الشعارات ولكن ألا تعتقدون أن هناك أسباباً غير الحرب؟
بشارة: نعم أولها البيروقراطية الموجودة بيننا بدرجة كبيرة، كذلك الفهم الخاطىء لمفهوم السيادة في وقت تلاشت فيه السيادة الكاملة من قاموس الحياة في العالم أجمع.. تمسكنا بسيادة لا وجود لها لا ينسجم مع مسيرة مجلس التعاون في عالم يصعب فيه أن تنغلق دولة على ذاتها وتتحصن وراء حدودها وتصيح باعلى صوتها (أنا حرة ولا شأن لي بأحد) هذه الدولة المنكفئة على نفسها ليست موجودة في عالم اليوم الذي يتحدث فيه الناس عن حقوق الإنسان في كل مكان.
@ اليوم: هذا يعني أن الأجهزة الخليجية لم تصل الى مستوى نكران الذات والذوبان في العمل الجماعي !
بشارة:نعم.. وبمعنى أدق لم تستوعب الأجهزة الخليجية مفردات العمل الجماعي.. لابد من شروط في العمل الجماعي ليحقق أهدافه وعلى البيروقراطيين في مراكز صنع القرار العمل على أن تكون الأهداف منسجمة مع الاستراتيجية الموضوعة مع العمل على تذليل العقبات.
الشعارات ضرورية للتحفيز
@ اليوم: وأنتم خارج أمانة مجلس التعاون ما رسالتكم لمواجهة الأوضاع الراهنة؟
بشارة: مجلس التعاون هو الركن الأول والأهم استراتيجياً لكل ما يتعلق بدول المجلس.. لا أحيد عن هذا المبدأ ان كنت أمين المجلس أو خارج الأمانة.
@ اليوم: يقال أن فترة تواجدكم في أمانة المجلس حفلت بالشعارات الكثيرة.. ما صحة هذه المقولة؟
بشارة: الشعار لا نضعه للاستهلاك اللفظي بل ليكون فلسفة ومنهج عمل.. والشعارات بصفة عامة ضرورية لتحفيز الناس وغرس المبادئ وتحديد الأهداف والسعي الدؤوب لتحقيقها من شعارات ونظريات مجردة إلى واقع ملموس وسلوك معاش.. هذا ما كنا نأمل إلا أن ما وجدناه كان مغايراً تماماً إذ أن الحربين المتتاليتين كما أسلفنا أمتصتا الجهد والمال والوقت والعنصر البشري على مدى كل سنوات عملي تقريباً وهي (12) سنة لذا لم نحقق الكثير مما كنا نود تحقيقه.من أهدافنا- أو شعاراتنا- ما تحقق رغم الظروف الحرجة التي أحاطت بنا ومنها ما لم يتحقق بسبب هذه الظروف كما أن بعضها كان سابقاً لأوانه عندما طرحنا أول مرة، فمثلاً مفهوم الأمن الجماعي عسكرياً لم يتم استيعابه كما أردنا، ففي عام 1982م بدأت إيران تهدد الكويت، ثم تم طرد العراقيين، تلاه احتلال الفاو، ثم انتقل الوضع إلى تهديد السفن.. هذا الخطر كان بحاجة لتعاون عسكري لمواجهته إلا أن البحرين وقطر رفضتا أي تعاون عسكري ورفضتا مد المجلس بأي أفراد ما لم تحل الخلافات التي بينهما أولاً لأنها الأهم لديهما من الخطر الخارجي المتمثل في إيران.
العراق يتبنى أيدلوجية خطرة
@ اليوم: أزمة العراق.. استمرار المشكلة.. استمرار المعاناة.. تداعيات الضربة العسكرية الوشيكة.. هاجس حرب جديدة في المنطقة .. الخ كيف ترون هذه الأمور؟
بشارة : العراق دولة غير عادية , يتبنى أيدلوجية خطرة مربكة مهددة مسببة لقلاقل لا حصر لها لكل من حوله مع تعميق مسببات الاستقرار واشارتها بين الفينة والأخرى ليظل التوتر مستمرا في مناخ يصعب فيه التنبؤ بالخطوة القادمة .. ماذا يريد العراق؟ أيدلوجيته تريد ان تجعل من العراق دولة امتيازات اقليمية على حساب وأعصاب دول الخليج العربي , وهذا المبدأ مرفوض تماما من كل عقلاء العالم .. اما الحل فيكمن في ضرورة أن يتغير نظام بغداد ليعود الى العراق رشده ويصبح دولة عادية كغيرها من الدول بالمعايير الدولية.
اما النظام الإيراني فقد رفع شعارات الثورة الإسلامية منذ البداية وحاول تصدير ما سماه بجذوة الثورة مع رغبة في التوسع وعدم الاعتراف بشرعية الأنظمة المحيطة وما الى ذلك مما نادى به وروج له .. والحل في هذه الحالة هو تكاتف دول المنطقة والتزام نظام امني جماعي يعود خيره على جميع دول الخليج.
@ اليوم: ما ذكرته يمثل تحليلكم للماضي والحاضر فما تصوركم للمرحلة القادمة؟
بشارة: النظام العراقي سينتهي خلال الشهور الخمسة القادمة كحد أقصى وسيحل محله نظام فيدرالي عراقي منسجم مع جيرانه ومع المجتمع الدولي بلا استثناء .. ومتى ما حدث هذا فسيحدث نوع من التحالف الإقليمي بين العراق ودول الخليج والأردن. هذا التحالف الإقليمي لن يكون دفاعيا بل سيسعى جادا لحل مشكلة فلسطين حلا لن يرضى شارون ... ولعل من الواضح جدا ان النظام العراقي هو المعوق الأساسي لأي تحالف اقليمي او تفاهم دولي او تعاون امني مبني على قواعد السلوك الدولي ومتى ما زال هذا النظام فسيحدث الانفتاح والتعاون وتوظيف المستجدات لخدمة المنطقة وأبنائها جميعا.. هذا هو تصوري وتوقعاتي للمستقبل.
الأسرى الكويتيون في العراق
@ اليوم: وماذا عن اطلاق النظام العراقي سراح عدد من المسجونين وهل بينهم كويتيون؟
بشارة: هذه دعاية وشعارات سياسية يطلقها صدام من وقت لآخر لأهداف لا تخفى على المتتبع لمجريات الاحداث.
ومصير المسجونين لم يأت في هذه الموجة الدعائية التي أطلقها صدام وكان هناك (650) أسيرا عراقيا.
@ اليوم: هل تتوافر لديكم معلومات مؤكدة؟
بشارة: لا
@ اليوم: ألا توجد لديكم اتصالات مع الولايات المتحدة الأمريكية؟
بشارة: أمريكا لا تخبرني ولكن الكويتيين هم الذين يخبرونني .. واختصارا أقول لك سوف نذهب إلى البصرة في شهر مارس المقبل إن شاء الله.
مع الملوك والسلاطين
@ اليوم: الحديث معكم ذو شجون ويحتاج لاكثر من وقفة واكثر من حوار .. فاسمحوا لنا بالانتقال الى عالمكم الخاص بعيدا عن العمل وهمومه .. أين عبد الله بشارة من الصحافة والنشر؟
بشارة: اكتب بانتظام في جريدة (السياسة) كل أربعاء وفي الطريق الى القارئ قريبا كتاب بعنوان (عبد الله يعقوب بشارة مع الملوك والسلاطين) والعنوان يدل على مادة الكتاب.
@ اليوم: .. ولماذا لم تفكر في اصدار صحيفة يومية؟
بشارة: لا أملك من الوقت ما يكفيني لإصدار جريدة لأنني دائم الانشغال كثير المشاركات في مختلف المجالات وقد تشرفت مؤخرا بالمشاركة في مؤتمر الفكر العربي بالقاهرة وكتبت مقالاً أشيد فيه بسموه وأعيد هنا ما قلته وهو أعجابي بالامير خالد الفيصل يبادر بطرح فكر واقعي لا يلوثه خيال.. فكر إنساني لا نازية فيه ولا عنصرية..فكرواقعي لانه إسلامي
@ اليوم: أين عبدالله بشارة الآن ؟
بشارة : في الدواوين
@ اليوم : وزملاؤك ؟
بشارة: موزعون في دروب الحياة ما بين سكة نجاح وصالون تقاعد ومنهم من هاجر.. ومازلت أحب أصدقاء طفولتي التقي بهم صباح كل جمعة، استعيد معهم ذكريات السنين ونقضي أجمل الأوقات حتى ينادى للصلاة فنفترق على أمل اللقاء في الاسبوع التالي.
المرأة .. النجاح .. الفشل
@ اليوم : ماذا تقول في المرأة ؟
بشارة: هي الحياة وبدونها لا تساوي الحياة شيئاً.. أما في الكويت فقد نالت المرأة الكويتية حقوقاً اجتماعية وسياسية تستحقها وأحسنت توظيفها.
@ اليوم : النجاح والفشل، ماذا يعنيان ؟
بشارة : النجاح بهجة وسرور، ونشوته في تحقيق الهدف الذي تسعى إليه . اما الفشل فيمكن تجاوزه بالعزيمة قبل أن يصبح إحباطاً.
@ اليوم:... وهل ذقت الفشل في حياتك؟
بشارة: ومن من البشر لم يذقه؟ أنا بشر ذقت حلاوة النجاح ومرارة الإخفاق، ومن يدعي أنه لا يعرف طعم الفشل فعليه أن يقرأ تاريخ العظماء.
قرارات كثيرة ندمت عليها
@ اليوم: هل أتخذت قراراً وندمت عليه؟
بشارة: ندمت على اتخاذ قرارات كثيرة.
@ اليوم: يكفينا مثال واحد..
بشارة: الغزو الغاشم لم يكن قراري ولكنه ظل سؤالاً بلا إجابة.. هل كان بالإمكان تجاوز الغزو؟ سؤال آخر بلا إجابة ثم تتوالى وتتوالد الأسئلة الحائرة المحبطة.. ثم من هو صدام في نظر التاريخ؟ هل هو في مستوى رئيس يغزو الكويت؟ لا أعتقد أنه أهل لذلك بل لا يستحق أن يكون رئيس دولة أصلاً ولا حتى مجرد محافظ في منطقة نائية أو مؤسسة متواضعة.
@ اليوم: كلمة أخيرة
بشارة: أشكركم.. وأشكر جريدة اليوم المتميزة دائماً حتى أصبحت مع القارئ ..
عبدالله بشارة في حواره مع اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.