عندما هتفت التظاهرات المؤيدة للعراق والمعارضة لتوجيه ضربة اميركية الى هذا البلد العزيز استنتج المثقفون في كل انحاء العالم ان تلك التجمعات الهادرة ليست من قبيل الاعداد وانما هي قناعات تنم عن واقع حقيقي وملموس تمارسه الصفوة في اوروبا وحتى في اميركا. ان كل حركة في شوارع العالم من اجل نصرة العراق هي اكثر من رسالة للادارة الاميركية وفي الوقت نفسه هدية تضامن مع العراق وبعدها مع العرب اجمعين. فما يخص العراق يخص العرب، ومايحزن العراق يبكي العرب. ومع المعادلة العالمية تلك سوف تكبر الصورة وتتعاظم. وما هو مطلوب الان اكثر بكثير مما برز في الآونة الاخيرة. والتظاهرة سلاح مفهوم خصوصا في المجتمعات الاوروبية التي يعنيها التعبير كما يعنيها الشأن الديمقراطي في اختيار الهدف والتحرك من اجله والدفاع عنه اذا لزم الامر. ويرى الاوروبيون ان ماتجاهر به الولاياتالمتحدة الاميركية ضد العراق معاكس لمفهوم الحرية والعيش بسلام. وان ماتقوم به هي من تظاهر ليس مجرد دعم محدود بقدر ماهو تعبير لمنع الحركة الاميركية من اخذ مداها. ومع ان الاوروبيين وغيرهم ممن تظاهروا لم يزوروا قبلا العراق ولا رأوه حتى في منامهم ولا تمكن احد من رشوتهم.. لقد ارادوا ان يكونوا دعاة سلم وسلام لانهم يعرفون ماتسببه الحروب وما تخلفه من مآس وما تفعله من اخطار على الانسان والمكان. ثم ان العراق لم يبرز طوال اوقاته شيئا من التحدي، بل هو قبل الكثير مما اشير له فيه من عودة المفتشين والتفتيش حتى داخل القصور وغيره. ومع هذا التحرك العالمي ثمة حاجة للمثقفين الاميركيين الذين ادلى بعضهم بدلوه ضد منطق تلك الحرب. لكن اطار هذا الموقف يجب ان يتسع ليشمل كل مرافق الحياة الاميركية او معظمها فيتشكل بذلك السد المانع لخطوة ادارتها التي يبدو عليها الاستماتة من اجل تحقيق الضربة.. ولو ان المجتمع الدولي كان أبدى تجاوبا مع تلك الادارة في خطواتها لكان العالم قد رأى كيف هي عذابات العراقيين واحوالهم وكيف تمكنت الضربة ابدى من شل شؤون الحياة العراقية وبعثرة واقعها الوطني. ان كل اميركي مطالب الآن لقول كلمة الحق ضد آلة بلاده العسكرية. فليس من قوى يمكنها لجم العدوان العراقي سوى التحرك الداخلي الاميركي الذي له وحده القدرة على ايقاف المذبحة. نجحت اكثر الدول الاوروبية في التعبير عن رفضها للحرب والمطلوب ان يهتف كل اميركي حر ضد هذه الحرب ايضا . ولعلها قد تكون الحماية الهامة في ظل الرفض العالمي ايضا الذي ترجم بأشكال مختلفة. المطلوب مجددا من الاميركيين الاحرار ان لايسهلوا الطريق امام افكار رئيسهم. @ الوطن العمانية @