شرعت باكستان التي تعد من ابرز البلدان المستوردة للشاي عالميا وتقدر نفقاتها السنوية على مشروبها الوطني ب 300 مليون دولار، بتنفيذ ثورتها الخضراء التي يفترض ان تساعدها على تأمين جانب من احتياجاتها في هذا المجال على الاقل. وتنبع اهمية هذا المشروع من واقع ان باكستان لم تعرف اي تقليد لزراعة الشاي بل تعتمد كلية على الاستيراد من منتجين كبار مثل كينياوسريلانكا وحتى الجار والخصم الابدي الهند، لتؤمن ل 145 مليون مواطن شرابهم اليومي المفضل بيد ان هذا الواقع قد يتغير في وقت قريب. فقد بدأ المعهد الباكستاني الجديد للابحاث المتعلقة بالشاي بتشجيع المزارعين عبر تقديم الاعانات على ترك زراعة الخضار والقمح وابدالها بزراعة الشاي التي قد تدر عليهم ربحا اكبر. وفي هذا الاطار اقام المعهد في قرية شيكياري الخلابة التي تبعد 90 كلم الى شمال اسلام اباد، اول مصنع للشاي في البلاد دشنه الرئيس برويز مشرف في ايلول/ سبتمبر 2001. ويتوقع ان ينتج هذا المصنع، الصيني الصنع، ثمانية ملايين كلغ من الشاي هذا العام وهو انتاج يبقى مستواه متواضعا لكنه يعتبر مع ذلك مشجعا. وفي هذا الصدد يؤكد احد علماء المعهد مشتاق احمد لوكالة الأنباء الفرنسية: هناك طاقات هامة لزراعة الشاي على المنحدرات الجبلية في المنطقة الحدودية في الشمال الغربي. واضاف ان مساحة القطاع المزروع بالشاي ستتوسع اكثر من الضعف لتبلغ 120 هكتارا العام المقبل، مشيرا الى ان حوالي 68 الف هكتار من الاراضي في المنطقة الحدودية في الشمال الغربي قد تخصص لاحقا لهذه الزراعة. وقد ابدت منطقتا مانسيهرا وباتغرام على طول طريق الحرير ووادي سوات بشمال باكستان اهتماما في هذا الخصوص. وتتلقى باكستان في هذا المجال مساعدة من الصين، الارض التي نشأت فيها نبتة الشاي بتسميتها العلمية (كاميليا سينينسيس) لتنطلق منها وتنتشر في بلدان اخرى بجنوب آسيا عبر المستعمر البريطاني في اواسط القرن التاسع عشر. وتستخدم التكنولوجيا الصينية في المصنع الباكستاني لانتاج الشاي الاسود والاخضر بنوعيتيه العادية والعالية. وتعد سريلانكا حاليا اول مصدر عالمي للشاي وقد باعت العام الماضي 295 مليون كلغ بينما كانت الهند اول منتج في العام العام 2001 اذ بلغ محصولها 7.853 مليون كلغ خصص القسم الاكبر منه للاستهلاك الداخلي. غير ان قسما من الشاي الهندي يباع في باكستان في عمليات تهريب عبر بلدان اخرى مثل افغانستان بحسب مصادر تجارية. اضافة الى ذلك تستورد باكستان سنويا بشكل قانوني ما يعادل 12 الى 13 مليار روبية (200 الى 216 مليون دولار) بينما يدخلها بشكل غير قانوني ما يوازي 5 الى 6 مليار روبية (83 الى 100 مليون دولار). وهذه الارقام تبرز الاهمية التي توليها باكستان لتطوير زراعاتها الخاصة للشاي. لذلك قررت وزراة التغذية والزراعة وتربية المواشي في ايار/ مايو 2001 اعتماد مزيد من التدابير لحث المنتجين على زراعة الشاي. ولتخفيف حجم المستوردات وتشجيع الزراعات، اطلق بنك التنمية الزراعية في باكستان برنامجا للتسليفات في قطاع الشاي كما قال مسؤول حكومي. وهكذا منح هذا المصرف قروضا بقيمة 17،2 مليون روبية (36 الف دولار) ل 22 مزارعا لزراعة 16 هكتارا من الاراضي. كذلك اطلقت مبادرة مماثلة في العام 1991 كما اكد احد مسؤولي المصرف ر.أ. مظهر لكن قلة من المزارعين ابدوا انذاك اهتماما في هذا المشروع الذي اعيد طرحه لكن بنجاح هذه المرة. فضلا عن ذلك اقامت شركة (ليفر براذرس) العالمية بدورها مصنعا للشاي في باكستان وبدأت في تطوير هذه الزراعة في مناطق جبلية.