إستدل الكاتب أحمد العرفج في مقال (شدّ العزم في تحريم كرة القدم )المنشور بجريدة ” الحياة ” بعدد من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والتي تحرم لعب ورؤية كرة القدم وتعتبر جوائزها ضرب من القمار بل أعتبرها البعض اللهو و اللعب المنهي عنه . وأبدى العرفج حزنه على طفل صغير يعشق الكرة بفطرته حين يقع ضحية لمثل هذه الفتاوى ما يؤدي إلى حالة إنفصام في شخصيته مشيرا إلى تأييد الكاتب جميل فارسي (شيخ الجوهرجيه ) لهذه الفتوى والذى قال: “ليتنا سمعنا وأطعنا هذه الفتوى، لأن ذلك سُيوفّر لنا عشرات المليارات من المال العام، الذي أُنفق على كرة القدم، وبلايين الريالات التي ذهبتْ لإقامة ملعب هنا، وتعاقد مع مدرب هناك، والله يرزق من يشاء بغير حساب» .. وهذا هو نص المقال كاملا ً : كرة القدم هذه المستديرة التي سحرتْ النّاس، واستحوذتْ على أفكارهم وأوقاتهم، بدلّتْ المفاهيم والمقولات، وحوّلتها من منحوتة «الأرض بتتكلّم عربي» إلى «الأرض بتلعب كرة قدم»! لكن – وما بعد لكن غريبٌ أحيانًا– مع تنامي هذا الاهتمام بها، يستيقظ السّؤالُ المركزي: ما رأي المؤسّسة الدّينية، ليس بكرة القدم فحسب، بل بمسابقاتها ومشاهدتها وحضورها داخل أسوار الملعب؟! أسئلة كثيرة، لم تُغفل الفتاوى الإجابة عليها، فقد جاءت الفتوى من اللّجنة الدّائمة للبحوث العلميّة والإفتاء لتجيب على سؤال يقول: (ما الحكم في رؤية مباريات كرة القدم التي تُلعب على كأس، أو على منصب من المناصب كاللّعب على دوري أو كأس مثلاً)؟ وكان الجواب على النّحو التّالي: «مباريات كرة القدم حرام، وكونها على ما ذُكر من كأس أو منصب أو غير ذلك منكر آخر، لذا كانت الجوائز من اللاعبين أو بعضهم لكون ذلك قمارًا، وإذا كانت الجوائز من غيرهم، فهي حرامٌ، لكونها مكافأةٌ على فعلٍ مُحرّم، وعلى هذا فحضورُ هذه المباريات حرامٌ)! وفي سؤال آخر للّجنة نفسها، يستفسر أحدهم قائلاً: ( ما الحكم في الدّخول إلى ملعب كرة القدم لمشاهدة إحدى المباريات)؟ وكانت الإجابة: «الدّخول في الملعب لمشاهدة مباريات كرة القدم، إن كان لا يترتّب عليه ترك واجب كالصّلاة، وليس فيه «رؤية عورة»، و«لا يترتّب عليه شحناء ولا عداوة» فلا شيء فيه، والأفضل، ترك ذلك لأنه «لهو»، والغالب أنّ حضوره يجر إلى تفويت واجب وفعل محرّم»! ولا يخفى على القارئ أنّ الفتوى مقيّدة بشروط من المستحيل توافرها في عالم (الملاعب)، وكان الله في عون (جمهور الاتّحاد)، لأنّه أكثر الجماهير حضوراً! أمّا الإمام ابن تيمية، فقد أعطى أمراً مجملاً ،حمله المحبّون له على تحريم اللّعب بالكرة؛ فقد قال ابن تيمية: «ما يتلهّى به البطالون من أنواع اللّهو وسائر ضروب اللّعب ممّا لا يستعان به في حقّ شرعي كلّه حرام»! ثمّ يعلّق الشّيخ/ حمود التّويجري- رحمه الله – على هذا النّص بقوله: «ومن هذا الباب – الذي ذكره ابن تيمية – اللّعب بالكرة، لأنّه مجرّد لهو ولعب ومرح وعبث، وأعظم من ذلك أنّه يصدّ عن ذكر الله وعن الصّلاة، ويُوقع العداوة والبغضاء بين اللاعبين، وليس هو ممّا يُستعان به في حقّ شرعي»، ثمّ يستدرك الشّيخ التّويجري ويقول: «ومن العجيب أنّ هذا اللّعب الباطل قد جُعل في زماننا من الفنون التي تُدرّس في المدارس، ويُعتني بتعلّمه وتعليمه، أعظم ممّا يُعتني بتعلّم القرآن والعلم النّافع وتعليمهما». راجع كتاب (الإيضاح والتّبيين) ص196. وقد توسّع الشّيخ التّويجري في ذمّ الكرة والاهتمام بها وبجوائزها وحوافزها ومسابقاتها وكلّ ما يتعلّق بها؛ إذ مبحثه – هناك – يتجاوز العشر صفحات، فليرجع لذلك من ينشد المزيد. وبعد – سيّدي القارئ – وأنا أغوص في «لُجّة البحث عن الرّأي الشّرعي حول كرة القدم» حزنتُ بحرقة حمراء، ومرارة صفراء – لا تشبه شعار نادي الاتّحاد طبعًا – حزنتُ على طفل صغير يتربّى على حبّ الكرة واللّعب بها ومتابعتها، حتّى إذا كبر صفعته الفتاوى وأربكته الأحكامُ والآراءُ؛ ليصبح رأسه بعدها مشطوراً نصفين، نصف يحب الكرة ويفرح بها، ونصف يصفعها ويزدريها و«يركل فكرتها» «ويشوت حبها»؛ الأمر الذي سيصيبه- حتماً – بحالة من «الانفصام»، التي لا أظن كثيراً من الرّؤوس سلمتْ منها! وللأمانة العلمية، عندما رأى الشيخ الصديق القريب جميل فارسي شيخ الجوهرجية في جُدة – بضم الجيم – إكراماً لروح العلامة عبدالقدوس الأنصاري -، عندما رأى هذه الفتوى، قال لي: «ليتنا سمعنا وأطعنا هذه الفتوى، لأن ذلك سُيوفّر لنا عشرات المليارات من المال العام، الذي أُنفق على كرة القدم، وبلايين الريالات التي ذهبتْ لإقامة ملعب هنا، وتعاقد مع مدرب هناك، والله يرزق من يشاء بغير حساب»!