تجمع مئات من المتظاهرين في طهران وفي مدن عدة في محافظات اخرى بينها مشهد (شمال شرق) في ذكرى حركة الاحتجاج الضخمة، التي تلت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في 2009. وفي منطقة كيانشهر بمدينة الأهواز، سمعت أصوات إطلاق النار مع حلول الظلام. ورفع المواطنون شعارات «الموت للدكتاتور»، و«لا للغلاء»، و«الشعب يتسوّل والسيد يتألّه»، و«استقلال، حرية، جمهورية إيرانية»، و«ويل لكم عندما نتسلّح»، و«الأهوازي يموت ولا يقبل الذل». إنهم خرقوا صفوف قوى الأمن المكثفة وواصلوا تظاهرتهم. وأما في مدينة رشت، فجلس المواطنون وسط شارع «مطهري» مفترق «حاجي آباد» وهي من المناطق القديمه في المدينة، ومهما حاولت قوى الأمن تفريقهم لكنها لم تنجح. وشنت ميليشيات البسيج أكثر من مرة حملات على تجمعات المواطنين واعتقلت أفرادا منهم، إلا أن المواطنين وبالاتحاد والتضامن، أنقذوا المعتقلين من أيدي عناصر الحرس والبسيج. واستخدمت قوات القمع الغازات المسيلة للدموع ضد المواطنين. وتلعب النساء الباسلات دورا متميزا في الحركات الاحتجاجية. ورفع المواطنون الأبطال في مدينة رشت في تظاهرتهم الليلية شعار «الموت لخامنئي»، و«نموت ولا نقبل الذل»، و«نموت ولا نقبل حكم الملالي»، «الموت للدكتاتور»… وفي مدينة ساري، احتج المواطنون على اختطاف شاب 25 عاما على أيدي أزلام النظام المتنكرين بسيارة صالون. كما تعرض المأمورون على شاب عاطل عن العمل وضربوه غير أن المواطنين دافعوا عنه واشتبكوا مع أزلام النظام. ورفع المواطنون في مدينة ساري شعار «غادروا سوريا- فكّروا فينا». وفي مدينة همدان، شنت قوات الحرس وميليشيات البسيج ورجال الأمن المتنكرون، حملة عنيفة على المواطنين المحتشدين في ساحة بوعلي الذين كانوا يهتفون «الموت لمبدأ ولاية الفقيه»، و«خامنئي قاتل وحكمه باطل»، و«لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران»، وأصابت عددا منهم بجروح. ورد المواطنون على هذه الحملات الهمجية، بالقاء الحجارة وحطموا واجهة مصرف الزراعة وتعرضوا على المباني الإدارية الأخرى. كما رفعوا شعار «إما الموت إما الحرية»، و«الموت لروحاني»، و«غادروا سوريا- فكروا فينا»، و«الملا جالس خلف الطاولة، والشباب عاطل وتعبان». وأما المواطنون في مدينة قم، فأقاموا مظاهرتهم الليلية في وقت انطلقت قطعان الحرس والميليشيات الباسيج الراكبة على الدراجات النارية في الشوارع بسرعة لإثارة الضوضاء بهدف خلق أجواء الرعب والخوف، ولكن الشباب الأبطال في المدينة تظاهروا ورفعوا شعارات «الموت لخامنئي»، و«خامنئي قاتل، وحكمه باطل»، و«سيد علي استح واترك الدولة»، و«أيها العسكري الغيور، التحق بالشعب»، و«أيها الإيراني الغيور، المطلوب دعمك»، و«لا نريد ملا انجليزي»، رغم أن عناصر الحرس وميليشيات البسيج قد هاجمت المتظاهرين. وفي مدينة سبزوار، رفع المواطنون شعار «لا نقبل الذل حتى لو علقت أعناقنا على المشانق» وهاجموا المباني الحكومية واشتبكوا مع عناصر القمع. وطوقت ميليشيات البسيج المواطنين وأرادت الاشتباك معهم إلا أن المواطنين بالاتحاد والتلاحم تمكنوا من ردعهم. الشباب المتحمسون في مدينة إصفهان، هتفوا شعار «الموت لخامنئي»، وسخروا من الولي الفقيه الدموي للنظام المعروف بين الناس ب «علي المتسوّل» ورفعوا شعار «عذرا سيد علي، عليك أن تترك الكرسي!». وفي مدينة قزوين، انتهت مداهمة ميليشيات الباسيج المواطنين في تقاطع خيّام إلى مواجهة وهتف المواطنون «لا غزة ولا لبنان روحي فداء إيران»، و«استقلال، حرية، جمهورية إيرانية»، «اخرج أيها المواطن، واطلب حقك» وتمكنوا من إنقاذ بعض الشباب من أيدي ميليشيات البسيج. أهالي مدينة بجنورد هم الآخرون واصلوا تظاهرتهم مع حلول الظلام، بشعار «تسلقوا بالإسلام وعملوا لإذلالنا»، و«أيها الإيراني الغيور، المطلوب دعمك» واحتجوا واشتبكوا مع عناصر النظام. وفي مدينة قوجان انتهى هجوم عملاء النظام على المواطنين لمنع تظاهرتهم الليلية إلى مواجهات حيث تمكن المواطنون من ردعهم. وفي مدينة شيراز، رفع المواطنون شعار «الموت لخامنئي»، و«يجب قتل الملا». وأما في مدينة زاهدان، فتواصلت احتجاجات المواطنين بشعار «غادروا سوريا- فكّروا فينا» و«الموت لروحاني». كما وفي مدينة قائم شهر، واصل المواطنون تظاهرتهم بشعار «الإيراني يموت ولا يقبل الذل». وأشار التلفزيون الايراني للمرة الاولى السبت الى تظاهرات الخميس والجمعة ولكن من غير الدخول في التفاصيل ولا نقل شهادات، بل اكتفى بعرض صور مع التأكيد على ضرورة الاستماع الى "المطالب المشروعة" للسكان. لكنه ندد في الوقت نفسه بوسائل الاعلام والمجموعات "المعادية للثورة" المتمركزة في الخارج والتي تحاول استغلال هذه التجمعات. ولم يتجاوز عدد المتظاهرين بضع مئات لكنها المرة الاولى التي يشهد فيها هذا العدد من المدن منذ 2009 تظاهرات اجتماعية. وبدأت التظاهرات في مشهد، ثاني أكبر مدن البلاد، حيث تم توقيف أكثر من خمسين شخصا خلالها. ونددت الادارة الاميركية بشدة بعمليات التوقيف. وكتب الرئيس الاميركي دونالد ترامب على تويتر "يجدر بالحكومة الإيرانية احترام حقوق شعبها، بما في ذلك الحق في التعبير عن أنفسهم. العالم يراقب". أظهرت تسجيلات فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي متظاهرين في مدينة قم (شمال) يهتفون "الموت للدكتاتور"، وطالبوا ب"الافراج عن المعتقلين السياسيين". كما أطلق بعض المتظاهرين هتافات مؤيدة للملكية التي أطاحت بها الثورة الاسلامية في 1979. وظهر في بعض التسجيلات المصورة متظاهرون يهتفون "لا غزة ولا لبنان، حياتي لايران"، في ما يؤشر إلى غضب حيال تركيز السلطات على القضايا الاقليمية بدلا من تحسين الظروف داخل البلاد. وأظهرت الصور التي تم تداولها أيضا عبر تطبيق تلغرام، متظاهرين في مدن رشت (شمال) وكرمنشاه (غرب) وحمدان (غرب) وقزوين (شمال). وتدخلت الشرطة في أماكن عدة، مستخدمة خراطيم المياه، بينما ظهر بعض ضباطها في أشرطة فيديو وهم يحاولون تهدئة المتظاهرين عبر النقاش معهم. وعنونت صحيفة "آرمان" الاصلاحية السبت صفحتها الاولى "جرس إنذار للجميع"، فيما برزت دعوات الى الحكومة لاتخاذ تدابير من أجل حل المشاكل الاقتصادية في البلاد. كما ارتفعت اصوات في المعسكر المحافظ من اجل التنديد بقيام جهات "معادية للثورة" باستغلال تظاهرات اليومين الاخيرين. وكان الوعد بإنعاش الاقتصاد الضعيف في إيران نتيجة العقوبات الدولية وسوء الإدارة، في قلب الحملتين الانتخابيتين اللتين خاضهما روحاني الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية في مايو. وإن كان نجح في الابقاء على نسبة التضخم أدنى من 10 في المئة، لكن البطالة تبقى مرتفعة وتصل الى 12 في المئة، بحسب الارقام الرسمية. يقول رئيس تحرير منصة "نازار" (محافظة) بيام برهيز على شبكات التواصل الاجتماعي "من الصعب التكهن حول استمرار هذه التظاهرات لانها شكلت مفاجأة تامة". اما المستشار الثقافي للرئيس روحاني حسام الدين اشنا فكتب على تويتر ان "البلاد تواجه تحديات كبرى من بينها البطالة والتضخم والفساد ونقص المياه والفروقات الاجتماعية"، مضيفا "الناس لديهم الحق في اسماع صوتهم". ودعا متظاهرون الحكومة الى الاهتمام بشكل اكبر بالمشاكل اليومية للايرانيين. وقال المرشح المحافظ الى الانتخابات الرئاسية ابراهيم رئيسي والذي خسر امام روحاني في مايو الماضي ان "الشعب وخصوصا الفقراء يعانون من ضغوط. الاولوية بالنسبة الى البلاد هي تسوية المشاكل الاقتصادية". وتابع رئيسي "اذا ابدى اعضاء الحكومة تصميما على تسوية المشاكل الاقتصادية فان الشعب سيدعمهم".