يعرف من عاش في مجتمعنا فترة ما قبل عام 1979م بعض المواقف العالقة في الذهن من الطيبة والتسامح والبشاشة ورحابة الصدر والحب بين الناس حين كان إمام المسجد في الحي يقوم بالأمور الدينية والاجتماعية. وكانت المحبة والألفة والتسامح مع المامونيين في المسجد ومع الجيران في الحي وكانت وظيفة الإمام مقتصرة على معناها الحقيقي في إمامة الفروض وخطبة الجمعة وتعليم العلوم الشرعية. وكانت الخطب لا تتجاوز الأمور الدنيا وأهمية الاجتماع حول الحاكم والسمع والطاعة والدعاء له وحقوق ولاة الأمر ومحبة العلماء الربانيبن ومحبة الوطن والدفاع عنه والتضحية من أجله وتتناول الشأن الاجتماعي بالترغيب فيه كالحديث عن صلة الرحم والإحسان للجار وبر الوالدين والإحسان للزوجة والأبناء. بدأ التغيير في المجتمع السعودي لما حصل ما سمي بالصحوة الإسلامية بعد عام 1979م. بدأ النشاط الإسلامي السياسي بشكل واضح في تلك الفترة بعد لجوء الإخوان المسلمين إلى السعودية أبان أحداث مصر وبعد بقائهم لسنوات وجدت لهم الوظائف فعملوا في المدارس والجامعات أكثر ولم ينسوا ارتباطاتهم السابقة مع الجماعات الإرهابية في مصر فاخذوا يجندون الناس وينشئون التيارات وأصبحوا ضد السعودية التي احتوتهم ورحبة بهم فأساءوا إليها كثيراً وسببوا لها المشاكل. حيث ظهر آثار فكرهم الهدام ونتائج سلوكياتهم المنحرفة على عقول أبناءنا وبناتنا وعلى الوطن بالوقوف مع من يدعم الجماعة الإرهابية من جماعة الإخوان المسلمين وفرعها السروري خاصة بشكل واضح وجلي والوقوف ضد من يقف ضدهم. حيث تم التغير في المجتمع بعد أن دخلوا علينا وسببوا الفرقة بين أبناء الوطن الواحد. فأصبح الولاء للجماعة في الأسرة والمسجد والحارة والعمل وبين الأصدقاء وفِي المدارس والجامعات حتى صار الولاء والبراء للجماعة فقط . فإذا كنت تحب جماعة الإخوان وتنظيماتها القطبية والبنائية والسرورية فأنت معي وإذا كنت ضدهم وتدافع عن وطنك وولاة أمرك فأنت ضد الإسلام حتى أصبح اليوم منهم من يعيش على أرض المملكة العربية السعودية وينتقد وطنه ويدافع عن تركيا وقطر لدعمهما للجماعات الإرهابية من الإخوان المسلمين من مختلف التنظيمات والتيارات وكذلك الشيعة الصفوية. إن التصدي للصحوة السياسية هو التصدي للجماعات الحزبية والأفكار المتطرفة والعمل على استنقاذ الإسلام من تحريفاتها والعقول من مكائدها والدول من دسائسها والوزارات والمؤسسات من اختراقها وبسط الوسط والاعتدال والمفاهيم الصحيحة والسماحة في المجتمع. اليوم وفي ظل التحول الوطني وما يعتري العالم من متغيرات يتمنى الجميع أن يرى ما بشر به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – في حواره مع نيوم إذ قال : (سنعود إلى ما كنا عليه من الإسلام الوسطي المعتدل .. لن نضيع ثلاثين سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع أفكار متطرفة سوف ندمر المتطرفين اليوم وفوراً).
عضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية تويتر hamoudAlotabi@