أمير الشمالية يؤكد الاستعداد للعيد.. توفير جميع الإمكانيات والخدمات لأبناء المنطقة    سلمان بن سلطان يُدشن صالة "التنفيذي" الجديدة في مطار المدينة    3.8 مليون ريال غرامات على ناقلِين جويين ومسافرين    المنتخب الوطني ينتزع نقطة ثمينة من اليابان في تصفيات المونديال    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الهيلينية بذكرى يوم استقلال بلاده    الفيصل يشكر العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    لتسهيل نقل الحالات الطارئة للمستشفيات المرجعية.. تدشين مهبطين لطائرات الإسعاف الجوي بالمسجد الحرام    محافظ جدة يطلع على أنشطة "الهيئة"    نائب أمير مكة يترأس اجتماع لجنة الحج المركزية    الولايات المتحدة تعرب عن امتنانها لولي العهد لاستضافة المحادثات الروسية الأوكرانية في الرياض    ولي العهد أعاد الأكسجين    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على ارتفاع    محمد بن سلمان.. سنوات من التحول والتمكين    تعطيل المفاوضات نهج إسرائيلي ممتد    المملكة تدين وتستنكر بشدة قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية بلدة كويا في الجمهورية العربية السورية    شغف لا ينتهي    مسيرة الوطن وعز الأمّة    ضبط "طبيب وافد" لمخالفته أنظمة مزاولة المهن الصحية والجرائم المعلوماتية وإحالته إلى الجهات الأمنية    حماية الطفل تبدأ باحترام رأيه    القاضي الخرجي رمز من رموز العدالة    محمد بن سلمان وسنوات التجديد    شارع الأعشى كما نراه    عهد التمكين والتطور    ذكرى واستذكار الأساليب القيادية الملهمة    خطوات متسارعة تنقل الاقتصاد السعودي للتنوع والنمو    15.57% ارتفاعا في السفر الداخلي بالمملكة خلال عيد الفطر    نائب أمير مكة يترأس اجتماع لجنة الحج المركزية    سيكولوجية الصوم    الوعي الذاتي وتأثير الأفكار    صور مشرقة ل"كشافة تعليم الطائف" في خدمة المعتمرين بميقات السيل    «سلمان للإغاثة» يوزّع 1.300 سلة غذائية في مديرية الوادي بمحافظة مأرب    رمضان يجمعنا.. مبادرة إنسانية تُنير قلوب الأيتام وتوحد أطياف المجتمع ..    اصطدام طائرتين عسكريتين فرنسيتين خلال عرض جوي    "التجارة" تضبط مواطنًا وعمالة يغشون في منتجات الدواجن وتوقف تصريف 2,5 طن مغشوش في الأسواق    المركز الوطني للمسؤولية والدراسات ويلو علاقة مميزة لخدمة المجتمع    رينارد يعتذر.. ويعد بالتأهل    مشروع ولي العهد يُجدّد مسجد «الحصن الأسفل» بعسير    15 ملعبا جديدًا ومطورًا لاستضافة المونديال    رئيس مركز قوز الجعافرة يتوج بطل بطولة الساحل الرمضانية ويكرم الفائزين في المسابقة الأسرية    ختام 128 بطولة رمضانية لرابطة الهواة    روح الشباب وعطاء القيادة    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعًا صحيًا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    بعد اجتماعات الرياض.. اتفاق روسي أوكراني على تأمين البحر الأسود    تقلص فرصة قطر في التأهل المباشر لكأس العالم بالخسارة من قرغيزستان    المركز الوطني للعمليات الأمنية يشارك في معرض وزارة الداخلية    أمين الشرقية يتسلم شهادة "غينيس العالمية " لدعم الباعة الجائلين    لكبح قدرات الميليشيا المتمردة على استهداف الملاحة البحرية.. الطيران الأمريكي يواصل ضرباته لمراكز الحوثيين الإستراتيجية    مقترح مصري جديد لاستعادة التهدئة وإيقاف حرب الإبادة.. «حماس» وإسرائيل على مفترق طرق «وقف النار»    إحباط تهريب 108 كلجم من "القات " والإطاحة ب4 مخالفين    بادرة الوفاء في العيد لذوي القربى    النظرة السوداوية    «جرائم القتل» بطلة 5 مسلسلات في رمضان    تصاعد "احتجاجات أوغلو" وتوقيف صحافيين ومتظاهرين.. تظاهرات إسطنبول تعمق الانقسام السياسي في تركيا    محافظ ⁧‫خميس مشيط يرعى بطولة وادينا2 ضمن مبادرات ⁧‫أجاويد3‬⁩    صبيا تحتفي بنجاح بطولة كرة الطائرة الثانية الرمضانية بحارة الباصهي    الرئيس التنفيذي لتجمع عسير الصحي يدشن قسم الأشعة المقطعية بمستشفى تنومة    «شارع الأعشى» كتلة مشاعر    أمل علاج السرطان ما بين الحقيقة والشائعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«السرورية»... هل أفقدتها الثورات بوصلتها؟

الصحوة الإسلامية «أو الإسلاموية بحكم تسييسها» في ترجمتها السعودية التي تعد امتداداً طبيعياً للجماعة المصرية الأم «الإخوان المسلمون» التي يصطلح على توصيفها في السعودية «السرورية»، نسبة إلى محمد سرور زين العابدين، الداعية الإخواني السوري المنشق عن جماعة الإخوان السورية، الذي انتهى به الترحال إلى السعودية، وتحديداً مدينة بريدة القصيمية، معلماً في معهدها العلمي التابع للقلعة السلفية «جامعة الإمام»، ومن هذه اللحظة «لحظة عمله واستقراره في بريدة» كان التحول في نمط التدين السعودي التقليدي، وكان ذلك عبر نشر الأفكار والرؤى الدينية الإخوانية المستوردة التي استكمل توزيعها والتبشير بها تلاميذه ومريدوه الشباب الذين تحولوا في ما بعد لقادة ورموز تحويليين، كما هم تحولوا مشايخ مهمين على حساب المشيخة المدرسية السعودية التي تنتهج السلفية في كل تجلياتها.
لست هنا في مجال الحكي في قصة السرورية، فهي اليوم أضحت من الواضحات، ما يهمني هو استقراء مسار القاطرة السرورية وكيف انصدمت بالثورات التي حلت بالوطن العربي؟
كانت السرورية حتى حلول الثورات في سعة من أمرها وإمكان غموضها، لكنها عجزت عن مواصلة السيرورة غيرالمتساوقة التي تعتمد التوليفة التوفيقية التلفيقية ما بين الأيديولوجيات والرؤى والأضداد، والمتمثلة في الحركية والتنظيم والتسييس إخوانياً والسلفية النجدية عقيدةً، والراديكالية القطبية المشتملة حس التكفير والجهاد.
كافحت السرورية طويلاً كي تتماسك بثالوث مكونها الذي اشتمل المتضادات: الإخوانية/ السلفية/ القطبية الجهادية، ولعل ما أطال تماسكها في هذا التوليف التلفيقي عدم تماسها بصدمات تكشف تنافر بنيتها غير المتسقة حتى أطلت لحظة الربيع العربي تحديداً مع الثورة السورية الحارقة لكل المضمرات... لتوضيح مدى انكشاف التركيبة السرورية والحرج الذي أصابها في تكوينها.
أولاً: في الجانب العقائدي... مع تصاعد الطائفية التي تجلت على الأرض السورية من خلال انخراط القوى الشيعية في مؤازرة النظام السوري ضد الثورة التي تعد سنية بحسب «السرورية» انكشفت العلاقة العقائدية ما بين الإخوانية والسرورية التي تصف ذاتها بأنها سلفية المعتقد، وذلك من خلال موقف جماعة الإخوان المتذبذب والمراوح من التدخل الشيعي في ضرب الثورة السنية، كما تماهي الإخوان المكشوف من خلال التوجه لاستعادة العلاقات مع إيران، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يعتبر تجاهلاً لمشاعر السنة العرب، خصوصاً الخليجية، كل هذا التعاطي السلبي الإخواني تجاه تجاوزات الشيعية المسيسة كشف التباين العقائدي ما بين السرورية السعودية وحاضنتها جماعة الإخوان المصرية، نتج عن ذلك فصام داخل التيار السروري السلفي الذي وقع في حرج صنعته حاضنتها «الإخوانية» ليجد السروريون أنهم ما بين جحيم الشيعية التي تهاجم وتجرح مكونهم العقائدي السلفي، وجحيم مرجعيتهم الإخوانية التي تماهت مع الشيعية من دون مواربة لمشاعر فروعها التي من ضمنها السرورية السعودية السلفية، وذلك ما صدع العلاقة الحميمية بين الأصل والفرع ليدخل السروريون بسبب ذلك في تيه التبريرات والذرائعيات لرأب الصدع العقائدي مع الأم الإخوانية.
ثانياً: في الجانب الثوري والراديكالي القطبي... كانت السرورية لأكثر من عقد تواري أو تتوارى عن خطيئة التجييش والتعبئة الجهادية التي تورطت فيها من الثمانينات وتمظهر هذا التواري في خطابات رموزها الذين ظلوا يدسون ماضيهم في غيابات النسيان والتناسي لأجل الظهور بمظهر الدعاة العقلانيين اللاعنفيين لاكتشافهم أن المجتمع دخل في مرحلة من الوعي تهيؤه لمساءلتهم عن أفكارهم الجهادية العتيقة التي أودت بأبرياء وصنعت جيلاً لا يتقن سوى التكفير والقتل والكراهية والإقصاء... مع تناسي أو خفوت الخطاب الذي انشغل في ملاحقة الرموز السرورية عن مسؤوليتها في الأفكار الجهادية والثورية ومع تعقلن وإن ظاهراً خطاب الدعاة السروريون وإبداؤهم التخلي عن يوتوبيا الجهاد حلت ثورات الربيع العربي التي أبانت المسكون الجهادي الذي كان يختمر في لاوعي الرموز السرورية التي كانت تتجمل باللاعنف وبالسلام والعقلانية وبالتراجع عن راديكاليتها الماضية... ذلك أن السروريين كما لو أنه لاح لهم في أفق الثورات بارقة أمل لاستعادة أحلامهم التي أجلوا تفسيرها مستقبلاً وكأن زمن الثورات هو زمن تفسير أحلامهم الثورية الجهادية التي علقوها لأجل التوازن الميكافيلي النفعي... ليعلنوا مع الثورات، خصوصاً السورية، عن مسكونهم الجهادي لتعود لغونتهم التعبوية الجهادية القديمة، وها نحن أمام عود خطاب التعبئة للجهاد في سورية علناً من دون مواربة وأسهم في استعادتهم لخطابهم التحريضي ظرف المنطقة الحرج إن داخلياً وإن خارجياً. إذاً انكشف المكون الثاني للسرورية والمتمثل في القطبية الجهادية التي توهم الكثير أن السرورية كفرت به وتحول من ماضيها الذي لن يعود.
ثالثاً: مكون السرورية الإخواني... بسبب الفشل الذريع الذي منيت به الإخوانية مكون السرورية الحركي السياسي ما بعد الثورات، كما انكشاف علاقة الإخوان الرمادية بالوطن ومستقبل الوطن وتخبطها في السياسة وإدارة الدولة العبثية ما بين المشروع المدني الذي وصلت عبر صناديقه، وما بين المشروع الأممي الديني المتمثل في«يوتوبيا تطبيق الشريعة المترهل»، وجدت السرورية أنها تفقد قيمتها وإن نسبياً في موطنها الأصلي «السعودية»، إذ إن انكشاف حاضنتها الإخوانية انكشاف لمشروعها الرمادي الذي يعتمر الدين لأجل السياسة والهيمنة، إذ أعطى النموذج الإخواني المترنح ما بعد الثورة خريطة ذهنية عن ربيبتها السرورية «سياسياً» وذلك ما جعل أسهمها الأخلاقية والمعنوية والفكرية تتراجع كثيراً.
«الحصاد»: لست متحاملاً على تيار وإنما أتعاطى وصفه وسيرورته... التباين الثقافي ما بين خلفية مؤسس السرورية والثقافة التي استنبتت فيها السرورية جعلها تياراً مهلهلاً يفتقد إمكان الهيمنة المستديمة ذلك أنها تخلقت في بيئة «السعودية» تمتلك نموذجاً دينياً عريقاً لا يقبل المزاحمة أضف إلى أن الدين كان مشمولاً سياسياً بامتياز... حاول السروريون المشاركة في محفل الثورات والتقاطع معها لكنهم ارتطموا بضعفهم وتراجع ثأثيرهم لدى الرأي العام السعودي... يعود السؤال القديم: هل كانت السرورية ظاهرةً أم تياراً حقيقياً؟
* كاتب سعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.