يتناقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي "تويتر" مقطع لمحاكمة عرفية لأحد المتهمين من عشائر الأردن "تسمى البشعة" قبل أكثر من ثلاثة عقود يتم فيها إثبات أو نفي تهمة معينة موجهه من المدعي على المدعى عليه يستخدم فيها "المبشع" قطعة حديدية ساخنة محمرة توضع على لسان المتهم ثم يعطى قليلا من الماء للتمضمض به مع إخراج لسانه ليروه الحاضرون بعدها يصدر الحكم على ضوء ما تتركه من أثر من عدمه. ويعتبر ذلك ملزما لدفع الحق لصاحبه أو التعويض نتيجة التشهير والاتهام كذبا لكونه مكتسب الصفة القطعية ولا يقبل النقض أو الاستئناف؛ المتهم أصبح بريء في هذه المحاكمة وساد الفرح أبناء عشيرته وانتهى المقطع ولم نعلم عن آلية التعويض ! فالدراسات الوثائقية إشارة إلى دور هذا التقاضي العرفي في فض الكثير من النزاعات القبلية في المجتمعات التي لم يسودها القانون،لكونها قاعدة تحظى باتفاق الناس ومستخلصة من واقع الحياة الاجتماعية لهم إلا أنها لم تثبت صحة الأحكام من عدمها فيما بعد،لكن قواعد وإجراءات طلب المحاكمة واختيار "المبشع"تخضع لعدت اعتبارات،هي منافية تماما للتشريع الإسلامي وقد تبنت بعض الدول قوانين ضد من يلجأ لمثل هذه المحاكمة. إذن ماهي العلاقة بين اختيار "المبشع"للسان بالذات للكشف عن الحقيقة ؟ الأمر ليس سحرا فا الظاهرة التي يقاس عليها الحكم هي علامات نفسية وفسيولوجية فقط ؟ والسر في هذه العلاقة تم اكتشافها وإثباتها علميا من خلال ما قرأته عن دراسة أجريت على عدد من المتطوعين وذلك بأخذ عينة من "لعابهم" وطلب منهم حل اختبار رياضي وتدقيق نتيجته بأنفسهم ومن ثم تم مراجعته من قبل الباحثون وقد اتضح أن الذين ضخموا نجاحهم كان مستوى" هرمون التستوستيرون والكولسترول مرتفعا في أجسامهم نتيجة "الكذب" وقد أثبت العلم أن زيادة إفراز الجسم لمادة" الأدرينالين" لدى"الكذاب" يؤدي إلى تهيج الغدد اللعابية بصوره متواترة مما يسبب ابتلاع الريق بين حين وآخر. كما أن علماء النفس من خلال دراسة لغة الجسد اثبتوا إن التهرب من التواصل البصري مع المستمع والتعرق وكثرة الارماش ولمس الأنف من علامات اكتشاف "الكذب" أما في حالة الإصابة المرضية المزمنة بالكذب "الميثومانيا" فقد يصعب التدخل علاجيا لأنه أصبح يعلم أنه يكذب ويعتقد إن ما يقوله هو الحقيقة ذاتها لاستجداء عواطف الآخرين تجاهه حتى ينال رضاهم وكسب مشاعرهم ويسعد براحة عندما يؤثر الكذب على الحقيقة ويرى أنها سترسخ إلى الأبد؟ العرف "البشعي" اكتشف الظاهرة دون معرفة تفاصيلها والعلم أثبت علاقة وظائف الجسم في صحة هذا الاكتشاف . التساؤل الرئيس في هذا المقال هل يمكن الاستفادة من هذه الاكتشافات وإخضاع الرواة والمؤلفين ومفسري الأحلام ومبتكري الإشاعات ومن يدعي العلاج بالطب الشعبي لمعرفة سلامة أجسامهم من مرض جينات الكذب خصوصا في ظل الحراك الغير مسبوق للكسب من هذه المهن على حساب وحدة وتماسك المجتمع.