لم يعد خفيًا على أحد الآن، ما يمارسه الحوثيون من خداع للشعب اليمني، فكل صفقاتهم السرية مع أمريكا، باتت مكشوفة ومفضوحة، وتؤكد استعدادهم للتحالف مع الشيطان، مقابل تحقيق مصالحهم الشخصية، وأهداف أسيادهم في طهران، ومن يقومون بتوجيههم بالريموت كنترول من واشنطن. وبينما تحاول الأممالمتحدة إيجاد حل للنزاع المستمر قرابة عشرين شهرًا، ونزع فتيل الحرب، كشفت جماعة الحوثيين التي تقوم بمهمة "التخديم" على نظام الملالي، عن وجهها الكالح، وشعاراتها الزائفة، وإصرارها على المراوغة حتى تبقى اليمن مختطفة لصالح الأطماع الصفوية الفارسية، ومنظمات الإرهاب، ويظل اليمنيون يدفعون فاتورة الصفقات الحوثية الإيرانية الأمريكية. ورغم نفي قادة جماعة الحوثيين للقاءات السرية بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وبين رئيس وفد الجماعة التفاوضي، محمد عبدالسلام، إلا أن الزيارة الغامضة التي قام بها الأخير إلى سلطنة عمان، ولقائه بوزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك عن زيف شعارات "الموت لأمريكا" والتي ظلت الآلة الإعلامية الحوثية الكاذبة تبثها من حين لآخر؛ للتمويه على ما يجري في الخفاء من اتفاقات وتعهدات مع أمريكا من خلف ظهر الشعب اليمني، وهي الاتفاقات التي أسفرت عن صفقة تبادلية، أفرج فيها الحوثيون، وبوساطة عمانية عن عدد من الأمريكيين اعتقلهم الحوثيون في صنعاء. وبغض النظر عن التقارب الأمريكي الإيراني الملحوظ، فإن السلوك المتناقض للحوثيين، وسقوط قناع الشعارات، وعدم تطابق قولهم مع فعلهم، وما يظهرونه من نوايا خادعة على مائدة المفاوضات، يكشف كذبهم، ويبرهن على أنهم لا يبغون سوى مصلحتهم، ويتظاهرون بالخير ويبطنون الشر، ولا يهمهم هنا الأهداف غير المعلنة لحلفائهم الإيرانيين، ولا التكتيكات السياسية والعسكرية والمخابراتية التي تنتهجها أمريكا لحماية مصالحها في الخليج والمنطقة العربية، بقدر ما يهمهم استنزاف مقدرات اليمن، والكيد لأهل السنة، الذين يمثلون أغلبية في منطقة لا تخلو من معسكرات تابعة لتنظيم القاعدة الذى مثل إزعاجًا شديدًا، ويسبب قلقًا للأمريكان وحلفائهم في الشرق الأوسط. ويبدو أن هذا القلق استثمره الحوثيون جيدًا، ولعبوا مع الأمريكان، وطلبوا مقايضتهم بالقضاء على تنظيم القاعدة مقابل تمكينهم من اليمن، ورسم علاقة جديدة مع واشنطن، يتخذونها سندًا في أي مفاوضات خاصة باليمن، وتصبح شائعات الصفقات السرية على يد المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر حقيقة، مهما واكبها من نفي حوثي. فكل شيء الآن اتضح وانكشف، وسقطت كل الشعارات والتصريحات النارية التي كان يطلقها قادة جماعة الحوثيين ضد أمريكا، ودخل تعهدهم ووفاؤهم للأمريكان بمحاربة "القاعدة"، والقضاء عليها خلال عامين حيز التنفيذ، مقابل تمكين الحوثي وأنصاره من اليمن، وأن تدفع الإدارة الامريكية كل تكاليف الحرب على التنظيم بن لادن، ورعاية الجرحى وأسر القتلى، وأن يقوم الطيران الأمريكي بإسناد جوي للمقاتلين الحوثيين في اليمن. وقد تحقق هذا الخداع واقعيًا، عندما شاهد العالم كله، استئساد الحوثيين على مائدة المفاوضات، ورفضهم حكومة خالد بحاح، وخرقهم لكل اتفاق، ومراوغتهم وعدم التزامهم بأي تعهدات تنهي النزاع، وتعيد إلى اليمن الشقيق استقراره المفقود. إن سقوط قناع الحوثيين، وإن كان لا يضيف مكسبًا عسكريًا للتحالف العربي المنوط به إعادة الشرعية وإنقاذ اليمن من دوامة الطائفية والمذهبية والحرب الأهلية، إلا أنه ينبغي أن يستثمر سياسيًا لكشف أبعاد هذه اللعبة الدولية الجديدة التي يمارسها الغرب ضد العرب بشكل عام وأهل السنة بشكل خاص، عبر توافق حوثي إيراني أمريكي ينبغي أن ننتبه إليه جيدًا، قبل أن تمتد آثاره ونتائجه إلى بقية دول المنطقة، ولا سيما بعد زحف قوات "الحشد" الطائفية المدعوم من ايران إلى العراق، ودعم نظام الملالي لنظام بشار الأسد في سوريا، ضمن مشروع كبير ومخطط "جهنمي" لتفتيت المنطقة العربية، وإضعاف وتمزيق دول الخليج؛ حتى لا تبقى قوة اقتصادية كبرى بما تملكه من ثروة نفطية ستظل شبحًا مخيفًا يواجه أي أطماع توسعية غربية في المنطقة.