الحديث عن جامعة أم القرى كمؤسسة أكاديمية علمية عريقة تتأقزم في ثناياه الكلمات والعبارات المعبرة عن هذا المؤسسة العريقة، باعتبارها النواة الأساسية للتعليم العالي في المملكة العربية السعودية، حيث تم تأسيس كلية الشريعة في عهد المؤسس -طيب الله ثراه- في عام 1369، وهو امتداد طبيعي لحركة الفكر والتربية والتعليم التي انطلقت من العاصمة المقدسة بعقد أول اجتماع تربوي تعليمي برئاسة الملك عبدالعزيز وعضوية العلماء ورجال الفكر في مكةالمكرمة، بعد ضم الحجاز مباشرة، ليصبح ذلك الاجتماع نقطة تحول وخارطة طريق للتعليم الرسمي المنظم، وأعقب ذلك كلية للمعلمين في مكةالمكرمة عام 1372، ثم تحولت عبر تاريخها الطويل إلى كلية التربية وتخرج فيها آلاف من رجال التربية والتعليم وأعداد كبيرة ممن تسلموا مناصب قيادية في الدولة. وقبل أيام قامت الجامعة باستضافة مؤتمر المعلم الخامس، واجتماع عمداء كليات التربية على هامش المؤتمر، لتؤكد ريادتها الحقيقية للتعليم العالي خاصة في الدراسات الشرعية والتاريخية والتربوية، بالإضافة إلى أدائها المميز في التخصصات الأخرى. وقبل الإشارة إلى بعض الإضاءات اللافتة في المؤتمر واجتماع العمداء، أذهلني الإعداد والتخطيط للمؤتمر، واجتماع عمداء كليات التربية قبل موعده بوقت كاف، واحترافية العمل وأداء المسؤولين والعاملين في مختلف لجانه بطريقة غير عادية، وبمهارات عالية جداً، وبروح وأخلاق مكية أصيلة، لا يمكن أن تجدها إلا في مكةالمكرمة. أعود للإضاءات الجميلة حول مؤتمر المعلم الخامس واجتماع عمداء كليات التربية؛ حيث عقد اجتماع العمداء على هامش المؤتمر، وقدم فيه بعض العمداء أوراق علمية متعلقة بتطوير الكليات التربوية ومستقبلها، وأقروا إنشاء الأمانة العامة لمجلس عمداء كليات التربية في المملكة ومقره الدائم جامعة أم القرى، ثم اجتمع العمداء مع معالي وزير التعليم بناء على طلبه وحرصه وذلك بحضور معالي مدير الجامعة ومعالي رئيس هيئة تقويم التعليم العام. تحدث في بدايته الوزير عن أهمية وضرورة وحتمية تطوير أداء كليات التربية بشكل عاجل وتداول المجتمعون الآراء والأفكار الهامة لتطوير كليات التربية، وانتهى الاجتماع بعدد من التوصيات أهمها تشكيل لجنة سداسية من عمداء كليات التربية، وفريق عمل وزير التعليم، تتولى إعداد خطة لتطوير أداء كليات التربية ضمن محاور رئيسية، منها معايير القبول في كليات التربية، ونظام الكليات التعليمي، وأعداد المقبولين في الكليات، وإعادة تأهيل أعضاء هيئة التدريس والقيادات، والبحث التربوي، والبرامج الأكاديمية، والتنوع، والميزة التنافسية بين الكليات، والمعايير المهنية للمعلمين وحقوقهم، ودور مؤسسات المجتمع الأخرى في تطوير الكليات. وأما مؤتمر المعلم، فقد كان أنموذجاً في كم وكيف أداء المؤتمر واللجان العاملة فيه، وجلساته وورشه العلمية، واستقطابه لعدد كبير من خبراء التربية والتعليم، وبعض مدراء الجامعة السابقين، وبعض أعضاء مجلس الشورى، ومدراء التعليم في إدارة الجلسات العلمية، وإثراؤهم للحوار والنقاش، وبحضور أعداد كبيرة جداً من المعلمين والمعلمات، وطلاب الكلية. وإتاحة الفرصة لعدد من طلاب الدراسات العليا في تقديم بحوثهم ذات العلاقة، وقد كان -وللأمانة- حراكاً تربوياً فريداً من نوعه، أسفر عنه عدد من التوصيات المميزة منها -على سبيل المثال لا الحصر- تغيير معايير القبول في الكليات التربوية، ووضع استراتيجيات عملية لتحقيق التكامل بين التعليم العام والكليات التربوية، والإعلان عن المعايير المهنية للمعلمين، واستحداث سنة امتياز لخريجي الكليات التربوية، وتطوير المناهج والمقررات بطريقة عصرية، وتفعيل مفاهيم إدارة المعرفة، واقتصاد المعرفة، وتطبيقاتها، وتطوير الأداء الإداري، والقيادي، وإعادة صياغة أنظمة الحقوق، والامتيازات الاجتماعية للمعلم وغيرها. واللافت للانتباه طوال أيام المؤتمر الثلاثة حضور معالي مدير الجامعة الدكتور بكري عساس، في معظم جلسات المؤتمر، ومشاركته ومداخلاته وتعليقاته وذكاؤه العاطفي الفريد؛ ليؤكد أهمية هذا المؤتمر، وأهمية ودور المعلم على وجه الخصوص، في إحداث نقلة نوعية لتطوير النظام التعليمي، والذي أتمناه على معاليه البحث عن رعاة لإنشاء كراسي علمية بحثية تربوية على غرار الكراسي العلمية المميزة في الجامعة. وأخيراً، أود الإشارة إلى الأب الروحي والخبير التربوي المحنك الدكتور علي المطرفي، عميد كلية التربية بجامعة أم القرى، على جهوده المباركة في نجاح المؤتمر، وإدارة اجتماع العمداء بكفاءة ومهنية عالية، والشكر موصول لفريق عمله من الوكلاء، وأعضاء هيئة التدريس، والموظفين، والطلاب متمنياً لهم التوفيق والسداد. عميد كلية التربية بجامعة شقراء