بعد ثلاث سنوات من المعاناة، لم يعد بمقدرة السوريين، إحياء شهر رمضان الكريم، إلا بالذكريات الجميلة، ممنيين أنفسهم بأن يكون رمضان المعظم هذا العام، أقل مرارة، من سابقَيه، وأن ينعموا بشيء من الأمن خلال أيامه المباركة. لم يمنع الدمار سكان دمشق من الاستعداد لاستقبال الشهر الكريم، وتزينت المحال بمستلزمات رمضان، من التمر هندي، الذي يعتبره الدمشقيون شيئا أساسيا فى الشهر الفضيل، سواء كان مشروبا ممزوجا بماء الورد، أو لإضافته لأكلة (الحرّاق بأصبعه) الشعبية، لإكسابها الحموضة المميزة لها، والتمور، ورقائق (قمر الدين) المصنوعة من المشمش، ومنقوع العرقسوس. يرى الحاج (أبو عبدو) الذي يدير مع إخوته، محل بيع العصائر، بسوق (التنابل)، أن شهر رمضان يمثل عودة الحياة له ولأخواته، لأنهم يوصلون خلاله الليل بالنهار، لإعداد أكثر من 500 لتر من العصائر لزبائنهم الصائمين، لافتا إلى اضطرارهم لرفع الأسعار، بنسبة 30%، خلال العام الماضي، بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية، وغلاء المواد المستخدمة في إعداد العصائر. وتشهد السوق تزاحم السوريين على محلات (البزوية)، لشراء البهارات، والمنكهات، وأنواع الأرز، والبرغل، والفريكة، ومحلات الأجبان والألبان، إضافة لإقبالهم على شراء البطيخ الأحمر، والأصفر بنوعيه (المعرّاوي)، والأناناس كما يحلو للناس تسميته، للتغلب على حرارة الجو. ويؤكد أحد البائعين، أن استقرار الأسعار هذا العام، ساعد على رواج الأسواق مقارنة بالعام الماضي، لافتا إلى أنه قدم من حمص، بعد أن فقد تجارته هناك، ليؤسس تجارة جديدة، في انتظار ما تحمله الأيام. رواج الأسواق، لم يعِد بهجة رمضان كاملة لسكان دمشق، الذين افتقدوا واحدا من أبرز معالم الشهر الكريم، وهو مدفع رمضان، الذي كان يطلق دويه ثلاث مرات يوميا، وقت الأذان، والسحور، والإمساك عن الطعام، إلا أن السوريين ما عادوا يسمعونه وسط دوي الانفجارات الممتدة منذ قرابة الأربع سنوات. اجتماع العائلة والموائد العامرة، مظهر آخر غاب عن دمشق، بعد أن تفرقت العائلات ما بين مهاجرين لدول أخرى، وبين ضحايا غابوا عن بيوتهم بسبب الحرب، وهو الأمر الذي يجسده حال (أم زهير)، التي استقبلت رمضان هي وزوجها وحيدين، بعد سفر ابنها الأكبر وبنتها الصغرى لدبي للعمل، والعيش مع عائلتيهما هناك، ولجوء ابنه الأوسط لألمانيا لاستكمال دراسته، لم يستسلم الدمشقيون للوضع، وتسابقوا للانضمام لمشروع (بادر) التنموي، لتوفير الطعام للعائلات المحتاجة، والتي تكاثر عددها، بسبب ظروف الحرب، من خلال أحياء عادة (السكبة)، التي تتمثل في تبادل الجيران أطباقا مما أعدوه على مائدة الإفطار، للعام الثاني على التوالى، بعد أن تراجعت هذه العادة مؤخرا، تحت ضغط الوضع الاقتصادي.
رابط الخبر بصحيفة الوئام: بالصور ..سكان دمشق يستقبلون رمضان بالذكريات والأمل في الأمان