سبحان الله .. نضحك ونتسامر ، ونعيث في الأرض مغامرة بين السيول ، وكأننا لم نكن قبل شهر ونيف نتحاشى الخروج من المنازل بسبب الأشباح الأثيوبية التي شكلت رعبا لدى الكبير قبل الصغير ! كنا نسمع قصصهم المرعبة ، والتي يتناقلها أقرب الناس إلينا فقد قيل أنهم يحملون الفؤؤس في جيوبهم ، وأنهم يقتلون كل من لقيهم ، وأنهم قد اقتحموا دورا ومساكن آمنة فنهبوا وقتلوا واغتصبوا … ! روى لي أحدهم ، أنهم في حارتهم تسوروا بيتا فنهبوا ما فيه وكادوا أن يقتلوا أهله لولا لطف الله وحفظه … يا إلهي ! كم هم وحشيون أولئك الحبشيون ! ضج المجتمع كله بقصصهم ، حتى صاروا مقصدا لهجمات شبابنا الطائش فغدا الشباب يلاحقهم في كل مكان ، وصارت الأشباح مطاردة من المجتمع أجمع، أصبح رجال الأشباح مُطاردون في البراري والشوارع ، عُلّقوا في الأشجار ، وكُبلوا في الشوارع ، وحُوكموا شوارعيا من قبل بواسلنا الطائشين ، أما نساؤهم فلا تسأل عن حالهن ، فقد رُحّلن نهائيا لبلدهن ، فلم تعد تأمنهن نساؤنا . كيف لا ، واستخباراتنا الشعبية أثبتت أنهم تابعون لإيران ، ومدعومون من الصفويين وأنه تم تدريبهم على أيدي حزب اللات .. طلاب المدارس أصابتهم فوبيا خطيرة فكل مشكلة تحدث في المدرسة أو في العالم فإن سببها الأثيوبيون ! وبدأ الأطفال ينسجون قصصا خيالية تحكي مشاهد الأشباح ومجازر افتعلوها بسبب ما تكرس لديهم من غوغاء بيوتهم ومجتمعاتهم أين هي الآن تلك الأشباح المخيفة وأين اختفى خطرها ؟ الجواب : أنه لم تكن هناك أشباح و كل ما سبق من قصص وجرائم كان إشاعة ناتجة عن عمل فردي لشخص من تلك الجالية فعممه غوغائية المجتمع ، وصارت تلك الجالية الأثيوبية أشباحا مرعبة هم بشر كحالنا فيهم الصالح والطالح ، ويحصل منهم الخطأ كما يحصل من بقية الجنسيات والعمالة لدينا .. كم من خادمة إندونيسية ارتكبت مجازر ، لكنها لم تؤثر على الصورة الذهنية لدى المجتمع ولم تنشأ بسببها أشباح إندونيسية ، وهذا هو الصحيح فلا يجب أن نعمم حدثا فرديا على البقية فنأخذ عنهم صورة سيئة ونصمهم بالإجرام والعدوان وليت ذلك انطبق على الأثيوبيين شخصيا لا أفضل تلك العمالة الحبشية لأسباب عدة ليس من بينها إجرامهم فإني أتحفظ عليهم بسبب ديانتهم فأكثرهم نصارى ، وبسبب انتشار الأمراض المعدية بينهم وخاصة الإيدز ، وكذلك بسبب كسلهم في العمل ومزاجهم المتقلب لكن لا يعني ذلك أن أنشر إشاعة تصيب المجتمع بالهلع ، وتجعل الشباب يتسلطون على أولئك الضعفاء الذين استُجلبوا للعمل وكسب الرزق بموافقة حكومية .. ولا بد لنا من دراسة لأسباب انتشار تلك الشائعة والتي ما لبثت أن انطفأت بعد شهرين فقط ، وهاهم أشباح الأمس يعملون ويعيشون بيننا اليوم بسلام واطمئنان لعل أبرز سبب في انتشار الشائعة هو تأخر المسؤولين عن الإعلام والأمن في توضيح الأمر ونفي تلك الشائعة ودعوة الشباب للهدوء بدلا من الملاحقة و تشريس الأشباح واضطرارها للدفاع عن نفسها مما قد ينتج عنه حوادث تعزز إشاعة إجرامهم . والآن بعد أن هدأت الرياح وانشغلنا بغيرهم صار أصدق ما يمكن قوله : ( وطاااارت الأشباح … ) حمد المحيميد . @halmohaimeed رابط الخبر بصحيفة الوئام: احذروا الأشباح !