مناخ مطايا الراحلين، والمحطة الأولى لزائري جدة من أهل الشام، حي مثل تاريخ جدة بين حقبتين، جدة القديمة ومرحلة التطور التي رسمت بلا ملامح، نشأ متطوراً وبقي عشرين عاماً يصارع البقاء دون أن ينمو، حي بني مالك وسط جدة الذي كان من أفضل أحيائها يقبع الآن بين أحياء وسط جدة مشوه الملامح منتظراً أن تطاله يد التطوير. الحي الذي كان محطة البداية لطلاب العمل والدراسة القادمين من خارج جدة، بدأ تطوره سريعاً على أطراف جدة القديمة، وانطلق النمو سريعاً قبل أن تحيط به معالم جدة الرئيسية مثل شارع فلسطين والهيئة العامة للطيران المدني، وإسكان الحرس الوطني والمطار القديم، وتتوسع جدة من حوله، فأصبح الحي مقصداً للكثير من الناس لتبدأ رحلة العشوائية بتزايد أعداد السكان، وبناء العشوائيات في أطرافه. جمع حي بني مالك في السابق العديد من أعيان مدينة جدة، الذين باتت بيوتهم الشعبية ملجأ لحماية المهاجرين ومخالفي نظام الإقامة، أصبح ما يشبه " حي الغرباء " بعد أن كثرت العمالة الوافدة التي سكنت في منازل الحي الشعبية والعشوائية، نظراً لتدني أسعار السكن، وغياب الرقابة عن المنازل التي هجرها أهلها بحثاً عن أحياء أكثر تطوراً. ويرى إمام مسجد النور ببني مالك أحمد المالكي أن المناطق العشوائية تنامت بشكل مخيف وعلى رغم ثقته بأن العشوائيات مكان لنشر الأمراض والأوبئة والحشرات والقوارض إلا أنه يرفض تسمية بني مالك بالحي العشوائي بسبب القواسم المشتركة التي تجمع سكان الحي ببعضهم البعض، ويؤكد على هذا أن الحي شملته جميع الخدمات ويحظى باهتمام شركة الكهرباء، وبه خطوط تليفونات وكثرة محال البيع في شارع سوق بني مالك وتنوعها والتي يردها المشترون من جميع أطراف جدة لتنوع ما تبيعه تلك المحال التجارية. عمدة الحي عوض المالكي يقول إن المشاكل المشتركة التي يعاني منها أكثر السكان هي تدني مستوى التعليم للوافدين من الأفارقة، وانخفاض معدل الدخل واختلاف الظروف المعيشية التي تجعل بعض النسوة يمتهنون أعمالا مخالفة لنظام الإقامة ومنها العمل "خادمات" بالمنازل مقابل أجور بسيطة. ويشير المالكي إلى أن هذا يخلق نوعا من الاختلال السكاني والمعيشي وقد يضطر بعض أبناء تلك الفئات لتناول أدوية منتهية الصلاحية والتسول أو العمل في غسيل السيارات. موضحاً بأنه يسكن حي بني مالك ما يقارب 70 ألف شخص، 30% منهم أسر سعودية وتمثل الجالية الإفريقية أغلبية السكان ويليها اليمنيون والمصريون. وأشار المالكي إلى أن الحي تنقصه السفلتة والإنارة ووجود مركز صحي بعد نقله منذ 5 سنوات، وأن الحي يعج بعدد كبير من الورش بداخله وانتشار المقاهي والأحواش المؤجرة لتخزين الأخشاب، مشيراً إلى أنه تم إبلاغ الدفاع المدني من قبل بعدة خطابات رسمية دون جدوى. وأضاف أن ورش تصليح السيارات تؤرق السكان وكذلك وجود السيارات المعطلة في الحي التي باتت وكرا للأطفال من المخالفين، إضافة لظاهرة عدم وجود ضوابط لتأجير البيوت القديمة، وغياب الملاك، وانتشار مكاتب العقار في الحي وتوظيف بعض المقيمين. كما أشار إلى قلة المدارس، بحيث لا توجد في الحي سوى مدرسة ابتدائية ومدرسة ثانوية و3 مدارس أهلية ومتوسط وواحدة للبنين وواحدة للبنات. صالح الرويثي (أحد السكان) يضيف أن سكان الحي يعانون من جملة مخالفات منها ما يتعلق بالسلامة ووجود مستودع للإسفلت وكثرة المخابئ والمساحات الترابية التي يستغلها المتسولون بالاختباء، والأحواش غير النظامية لجمع الأخشاب، وقال إن الحديقة الوحيدة التي تعد متنفسا للحي أصبحت مأوى للباعة والمنحرفين، وباتت ملتقى للعمالة المخالفة والغرباء ومقرا للمشاجرات اليومية. وفي رد الأمانة على شكاوى سكان حي بني مالك قال مدير العلاقات بأمانة جدة الدكتور عبد العزيز النهاري أن حي بني مالك مصنف ضمن الأحياء العشوائية التي ليست لها مقومات استثمارية وتقوم الأمانة بإعادة هيكلة تخطيطه وتنظيمه والبحث عن فرصة للاستثمار فيه، والرفع المساحي للحي، ووضع دراسات للأعمال التجميلية للمخطط. وعن إهمال النظافة بالحي أفاد أن مهمة تنظيف الأحياء أوكلت لشركات تشرف عليها الأمانة وتعمل الورديات الخاصة بتنظيف الأحياء الشعبية بالمرور اليومي لمرتين أو أكثر لتلافي انتشار القمامة والذباب.