هناك في حي بني مالك صورة لطالما التصقت باسمه.. عكست حاله العشوائي الذي أكل عليه الزمان وشرب، إنه واقع لا مفر منه أخذ يترنح يمنة ويسرة على أمل أن تطاله يد التطوير والالتفات من الجهات المعنية لتعتقه من أسر العشوائيات وأوكار المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل. في ظل غياب الخدمات والمرافق العامة، يخيل للمارة أن حي بني مالك لا يتعدى كونه صناعية قديمة تغص بأرتال الحديد والمخلفات الصناعية، بعد أن طوع المخالفون واجهات الحي إلى مرمى للسيارات التالفة والخردة المتناثرة في مشهد استحال إلى مرمى للنفايات، التي بدورها فرخت أنواع المايكروبات من خلال انتشار الصراصير والقوارض السامة بين أزقة الحي، حتى أهالي الحي لم يجدوا بدا من الاستسلام والتعايش مع الواقع المر والمخيف، في انتظار لفتة حانية من قبل المسؤولين بعد أن أخذت الوعود والآمال من سنين أهالي الحي ما أخذت. من جهته، علق مصدر مسؤول في أمانة محافظة جدة قائلا «إن الوعي بتفاقم الظواهر السلبية ومدى خطورتها يحتاج إلى مزيد من التكثيف، لاسيما أن السكان هم من يتواطأون مع العمالة المخالفة لنظام الإقامة والعمل، ويساعدونهم على فتح المحلات التجارية بعد إقفالها بسبب المخالفات الصريحة التي يرصدها مراقبو الأمانة، ولم يتغير في الأمر شيء يذكر». يقول عادل المطيري من سكان بني مالك «الحي أصبح بيئة خصبة لتكاثر الباعوض والقوارض لدرجة أن أهالي الحي اعتادوا وجودها، وانتشارها بهذا الكم الملفت ينذر بكارثة صحية على مستوى جدة، وقد يكون مرض الطاعون أحد هذه الكوارث، في الوقت الذي تتقاذف فيه الجهات الحكومية المسؤوليات وتقاعسها عن أداء عملها». ويضيف محسن الحربي «لا بد من الجهات المعنية أن تباشر أوضاع الأحياء العشوائية، وتضع الحلول النهائية لها، إما بالتطوير وإما بالتنظيم، خاصة أننا لم نعد نشعر بالأمان في منازلنا التي تحوطها البيئة الضارة وأنواع المخالفين». أما حمود الصاعدي، من سكان بني مالك فعبر عن امتعاضه من المشاهد اليومية التي أضحت هاجس قائلا «من أراد مشاهدة العشوائية بمعناها اللفظي والمعنوي فما عليه سوى زيارة بني مالك، ليشاهد قبل الدلالة اللفظية معنى العشوائية في أحياء المقيمين المجاورين وداخل شوارعهم والأزقة، خصوصا في فترات الليل التي يكثر فيها ترويج المخدرات والمسكرات والسرقات». يذكر أن عدسة «عكاظ» رصدت مركبات عائدة ملكيتها إلى مكاتب تأجير السيارات المجاورة للحي مكومة داخل الحي وفي الشوارع الضيقة، أغلقت بعض الشوارع، إلى جانب استغلال الأراضي الفضاء كمراكز لصيانة السيارات، وهناك مخالفون يقطنون منازل شعبية شبه متهالكة يعملون ضمن ما هو متوفر لكسب لقمة العيش، ورصدت كذلك مستودعا للأخشاب.