يقترع الناخبون الكويتيون الخميس لاختيار مجلس جديد للامة في جو من الاستقطاب الحاد والقلق وبعد حملة انتخابية هيمن عليها موضوعا الاصلاح ومحاربة الفساد، فيما تشير التوقعات الى توجه المعارضة بقيادة الاسلاميين الى تحقيق فوز كبير. وتوافد المئات من الناخبين الى مراكز الاقتراع المئة ضمن الدوائر الانتخابية الخمس في الكويت، وتصاعدت وتيرة الاقبال مع تقدم ساعات النهار من اجل اختيار الاعضاء الخمسين في البرلمان الاعرق في منطقة الخليج والذي يتمتع بصلاحات تشريعية ورقابية. وفي مركز الجابرية الانتخابي، تجمعت المقترعات منذ الساعة الثامنة (05,00 تغ) للتصويت تحت اشعة شمس الشتاء الصحراوي البارد. وقالت المقترعة ام سعود وهي موظفة متقاعدة، لوكالة فرانس برس "نحن غير مرتاحين نفسيا والاوضاع لا تسر ونحن محبطون كثيرا" في اشارة الى استمرار التأزم السياسي بين الحكومة والبرلمانات المتتالية. واضافت "لست متفائلة بان هذه الانتخابات ستحل المشاكل لكن ارجو ان اكون مخطئة". بدورها اكدت الناخبة الشيعية فاطمة عبدالله اكبر، وهي مدرسة سابقة، انها "متفائلة بحذر". واضافت "نحن متضايقون جدا مما يحدث نريد ان تنتهي هذه الخلافات، لا اشعر بامان مثل السابق ونشعر بالقلق على ما يحدث في الكويت ... نريد ان تنتهي الخلافات خاصة الطائفية". وتضم الكويت اكثر من 400 الف ناخب، تشكل النساء 54% منهم. ويقترع الكويتيون للمرة الرابعة في اقل من ست سنوات على امل اخراج البلد من دوامة الازمات السياسية، فيما تشير التوقعات الى توجه المعارضة بقيادة الاسلاميين الى تحقيق فوز كبير. وفي منطقة كيفان التي تعد من معاقل السلفيين في الكويت، وقف رجال ملتحون في باحة المدرسة التي حولت الى مركز انتخابي للتحادث في ما بينهم والدردشة مع بعض المرشحين الذين زاروا المركز. وقال المرشح الاسلامي والنائب السابق وليد الطبطبائي لوكالة فرانس برس ان الاهم في الانتخابات هو انها اتت "بعد حراك شعبي وشبابي اسقط الحكومة واسقط المجلس السابق" متوقعا ان "ياتي الآن مجلس تركيبته معظمها من المعارضة". واكد تفاؤله بحصول المعارضة على اكثر من نصف المقاعد، وقال انه في هذه الحالة "سيكون لنا دور في قيادة دفة الحكومة ولن يكون هناك استجوابات لانهم سيعرفون انه سيكون هناك قوة للاصلاح والرقابة في وجه الحكومة". بدوره توقع المقترع عدنان سالمين ان "المعارضة ستفوز وسيكون هناك تغيير باتجاه الاصلاح" مؤكدا ان الاولوية للمواطنين هي "التنمية والرقابة ومحاسبة الفاسدين". وتأتي الانتخابات في اعقاب تصاعد كبير للتوتر الطائفي بين الغالبية السنية والاقلية الشيعية، وذلك على وقع التوترات الاقليمية، وبعد حركة الاحتجاجات غير المسبوقة التي قادها الشباب والتي ادت في النهاية الى استقالة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح في تشرين الثاني/نوفمبر. كما ينظم هذا الاستحقاق ايضا بعد تصاعد مفاجئ في الايام الاخيرة للتوتر على خط القبائل التي شدت عصبها لمواجهة هجمات كلامية تعرضت لها خلال الحملات الانتخابية لمرشح حضري موال للحكومة. واحرق شباب من القبائل ليل الاثنين مقر هذا المرشح كما هاجموا ليل الثلاثاء مقر قناة تلفزيونية كانت تستضيف مرشحا آخر. من جهتها، قالت المرشحة المستقلة ذات التوجهات الليبرالية رولا دشتي لوكالة فرانس برس "اليوم الناخبون يقررون مستقبل الكويت (...) انا متفائلة ونحن ندفع باتجاه تحقيق الاستقرار السياسي". ونتيجة الاقتراع لن تؤدي على الارجح بحسب المراقبين الى انهاء التأزم السياسي الذي يشل هذا البلد الغني وثالث اكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، حتى في حال فوز المعارضة التي وضعت حملتها تحت شعاري الاصلاح ومحاربة الفساد. وتضمنت حملات مرشحين من المعارضين مطالب تراوحت بين ارساء نظام متعدد الاحزاب وضرورة ان تكون الحكومة منتخبة مع رفع عدد اعضاء مجلس الامة، وصولا الى ارساء ملكية دستورية والحد من نفوذ اسرة ال الصباح التي تحكم الكويت منذ 250 عاما. والمعارضة الكويتية هي في الواقع مظلة لتحالف واسع وغير وثيق بين اسلاميين وليبراليين وقوميين ومستقلين، ويمكن ان يتفق او يختلف اعضاؤها بحسب المواضيع المطروحة. وكانت المعارضة تشغل 20 مقعدا في البرلمان الذي حله امير البلاد في كانون الثاني/ديسمبر في اعقاب ازمة سياسية حادة ومظاهرات شبابية غير مسبوقة استلهمت الربيع العربي. وتحتاج المعارضة للفوز ب33 مقعدا لضمان سيطرتها بشكل كامل على قرار البرلمان اذ ان الوزراء غير المنتخبين (15 وزيرا) يتمتعون بحكم الدستور بحق التصويت في البرلمان. الا ان حصولها على اغلبية المقاعد سيكون بمثابة انتصار ايضا للمعارضة. ويخوض خمسون مرشحا معارضا الانتخابات من بين 286 مرشحا. وتخوض 23 امراة الانتخابات. وتأمل النساء في تكرار فوزهن التاريخي في انتخابات 2009 عندما فزن باربعة مقاعد للمرة الاولى بعد نيل المراة الكويتية حقوقها السياسية في 2006. وللمرة الاولى في تاريخ الديموقراطية الكويتية، سمحت السلطات لمندوبين من خارج الكويت بمراقبة الانتخابات. ويقوم حوالى ثلاثين مراقبا من عرب واجانب بينهم اربعة مندوبين من مفوضية شفافية الانتخابات (منظمة اهلية دولية) بمراقبة هذا الاستحقاق، اضافة الى 300 مراقب من جمعيات داخلية تقودها جمعية الشفافية الكويتية. وفرض موضوع الفساد نفسه بقوة على هذه الانتخابات بعد فضيحة كبرى تشمل 13 نائبا سابقا على الاقل. وحققت النيابة العامة مع 13 نائبا سابقا في اتهامات بحصولهم على ايداعات بملايين الدولارات في حساباتهم المحلية، فيما اكدت المعارضة ان هذه الايداعات هي رشى من جانب الحكومة.