تبدو المعارضة الكويتية التي يقودها الإسلاميون السنة متجهة لتحقيق فوز كبير في الانتخابات التشريعية الخميس 2012/2/9 بعد حملة خاضتها تحت شعاري الإصلاح ومحاربة الفساد مشددة على الطابع ال"تاريخي" للاستحقاق في سبيل تحديد مستقبل الكويت. إلا أن نتيجة الانتخابات، وهي الرابعة في أقل من ست سنوات، لن تؤدي على الأرجح بحسب المراقبين إلى إنهاء التأزم السياسي الذي يشل هذا البلد الغني وثالث أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). وتضمنت حملات مرشحين من المعارضين مطالب تراوحت بين إرساء نظام متعدد الأحزاب وضرورة أن تكون الحكومة منتخبة مع رفع عدد أعضاء مجلس الامة، وصولا الى ارساء ملكية دستورية والحد من نفوذ اسرة آل الصباح التي تحكم الكويت منذ 250 عاما. وقال المحلل السياسي الكويتي المعروف سعد بن طفلة إن "جميع المؤشرات تدل على أن المعارضة ستسيطر على البرلمان المقبل وستدفع مباشرة نحو الإصلاحات الدستورية". إلا إن ابن طفلة الذي شغل في السابق منصب وزير الإعلام أضاف لوكالة فرانس برس "لست متفائلا بأن الانتخابات ستؤدي إلى استقرار سياسي ما لم يتم اعتماد إصلاحات ديموقراطية جذرية". والمعارضة الكويتية هي في الواقع مظلة لتحالف واسع وغير وثيق بين اسلاميين وليبراليين وقوميين ومستقلين، ويمكن أن يتفق أو يختلف أعضاؤها بحسب المواضيع المطروحة. وقال الناشط والمحلل السياسي أنور أعداء الديموقراطية لن يقفوا مكتوفي الأيدي بعد هزيمتهم". وأضاف الرشيد، وهو الأمين العام لمنتدى المجتمع المدني الخليجي لوكالة فرانس برس أن "خطتهم تقضي بإناع الكويتيين بأن الديموقراطية مضرة وبأن البرلمان هو من يعرقل مشاريع التنمية". وكانت المعارضة تشغل 20 مقعدا في البرلمان المؤلف من خمسين عضوا والذي حله أمير البلاد في ديسمبر في أعقاب أزمة سياسية حادة ومظاهرات شبابية غير مسبوقة استلهمت الربيع العربي. وقال طلال الكشتي المدير العام لمركز اتجاهات للدراسات والبحوث (مستقل) "إستنادا إى دراساتنا واستطلاعاتنا، فأنا أعتقد أن المعارضة ستفوز بما بين 26 و33 مقعدا". وحصول المعارضة على 33 مقعدا يعني سيطرتها بشكل كامل على قرار البرلمان إذ إن الوزراء غير المنتخبين (15 وزيرا) يتمتعون بحكم الدستور بحق التصويت في البرلمان. ويخوض 50 مرشحا معارضا الانتخابات من بين 286 مرشحا. وتخوض 23 امرأة الانتخابات. وتضم الكويت أكثر من 400 ألف ناخب، تشكل النساء 54% منهم. وتأمل النساء في تكرار فوزهن التاريخي في انتخابات 2009 عندما فزن بأربعة مقاعد للمرة الأولى بعد نيل المرأة الكويتية حقوقها السياسية في 2006. ووضع مرشحو المعارضة الحملة الانتخابية تحت شعاري محاربة الفساد والإصلاح السياسي، خصوصا بعد فضيحة فساد كبرى تشمل 13 نائبا سابقا على الأقل. وحققت النيابة العامة مع 13 نائبا سابقا في اتهامات بحصولهم على إيداعات بملايين الدولارات في حساباتهم المحلية، فيما أكدت المعارضة أن هذه الإيداعات هي رشى من جانب الحكومة. كما تأتي الانتخابات في أعقاب تصاعد كبير للتوتر الطائفي بين الغالبية السنية والأقلية الشيعية، وذلك على وقع التوترات الإقليمية. كما تاتي الانتخابات بعد حركة الاحتجاجات غير المسبوقة التي قادها الشباب والتي أدت في النهاية الى استقالة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح. واكد الشباب الناشطون مرارا وتكرارا انهم ليسوا ضد أسرة آل الصباح التي تحكم الكويت منذ 250 عاما، وإنما يريدون تغييرات جذرية في النظام السياسي. وشدد الشباب ايضا على ان نشاطهم غير مرتبط بالانتخابات فقط وانهم سيعودون الى الشارع اذا فشل البرلمان المقبل في تحقيق نتائج. وأكد المرشح المعارض فيصل المسلم خلال تجمع انتخابي ليل الاثنين أن "مستقبل البلد ومستقبل الأمة على المحك" في هذه الانتخابات متهما القوى الموالية للحكومة السابقة والتي تتهمها المعارضة بالفساد، بامتلاك "مشروع تدميري للبلاد". كما شن حملة على "القبيضة" الذي قال إنهم يقبضون الأموال ل"بيع الكويت". أما البرلماني المخضرم والمرشح للانتخابات أحمد السعدون فاعتبر خلال التجمع نفسه بان الانتخابات المقبلة هي "لتحديد مستقبل الكويت" معربا عن خشيته "من أن تبدأ المواجهة مع رئيس الوزراء المقبل منذ اليوم الأول". من جهته قال المرشح الليبرالي المستقل والنائب السابق عبدالرحمن العنجري إن"هذه الانتخابات مختلفة كليا عن الانتخابات الماضية" مؤكدا أنها "تحدد مستقبل الكويت". وبغض النظر عن نتائج الانتخابات، فإن صلاحية تعيين رئيس الوزراء تبقى حصرا في يد امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، كما أن رئيس الوزراء سيكون من الاسرة الحاكمة وكذلك الوزراء الرئيسيون في الحكومة.