ساهمت المخططات الباكرة لإدارة نادي الشباب في اعتلاء فريقها الأول لكرة القدم، ترتيب دوري زين بكل جدارة، ونال على إثرها لقب "الأفضل" من بين ال14 فريقاً حتى نهاية الدور الأول على الأقل. وجاءت هذ الأفضلية نتيجة لنجاح الإستراتيجية التي عملت فيها الإدارة برفقة المدرب البلجيكي برودوم قبل انطلاق الموسم، وواصلت تطبيقها مع "حمى" المنافسة، حتى تحقق النجاح مع مرور منتصف المشوار، وحتما سيتواصل إلى أبعد من ذلك بكثير، بفضل دعم مالي ومعنوي لا محدود من الرئيس الفخري للنادي الأمير خالد بن سلطان. كما حرص رئيس مجلس الإدارة خالد البلطان على تلافي سلبيات المواسم الماضية، وأجاد إلى حد كبير في إبرام صفقات محلية وأجنبية لها وزنها الفني ظهرت بصماتها على نتائج الفريق ، وقبل ذلك طرح الثقة في البلجيكي برودوم وجهازه المعاون لتحمل المسؤوليات الفنية وجزء كبير من المسؤوليات الإدارية. "الإعداد" أولى الخطوات يعتبر إعداد الشباب أهم الخطوات التي ساهمت في البداية المثالية، وألغت معها مخاوف أنصار النادي من تكرار تعثر الفريق مع أولى مباريات الدوري، كما حدث في مواسم ماضية، حينما تحسر الشبابيون كثيراً على التفريط في نقاط يرون أنها "أضعفت" من منافستهم على اللقب في الأمتار الأخيرة من الدوري، محملين الإعداد المتأخر بجميع برامجة مسؤولية ضياع النقاط، التي تقاسمها مع فرق أقل منه إمكانات، فتلافي أولى "المعضلات" حينما أجادت الإدارة التعاقد مع جهاز فني متكامل اختيار المعسكر الملائم في ألمانيا، وهو ما يبرهن أن الإدارة استوعبت الدروس الماضية رغم مجابهتها لظروف قاسية. اللائحة جلبت "الانضباط" تعاملت إدارة الشباب بكل احترافية مع موجة الانتقادات، التي مورست عليها من مختلف وسائل الإعلام عقب كشفها عن لائحة العقوبات الداخلية، التي أجازتها لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي لكرة القدم، بل باركت هذه الخطوة التي تدعم مسيرة الاحتراف، وترسخ مفاهيمه الغائبة لدى الغالبية العظمى من اللاعبين، لذلك استطاعت الإدارة تجاوز عراقيل البداية كما هو متوقع مع هذه اللائحة "الانضباطية"، وأصبحت الإشادات تصل إدارة النادي نظير ما قدمته من نموذج. وبتعاون الجهازين الفني والإداري، بسط النظام سيطرته على أحوال الشباب، حتى أصبح للدقيقة ثمنها في زمن الفريق، وتحقق العدل ما بين لاعبيه المحليين والأجانب. أجواء مثالية "تحيط" بالفريق حرصت الإدارة منذ أشهر عديدة على تنفيذ مشاريع تطويرية لملاعب النادي، تغلق بها معاناة السنين كزراعة الملعب الرئيسي التي كان تشكل هاجساً أمام الإدارة والجهازين الفني والإداري، مع بدء كل موسم. وسارعت إدارة النادي في تهيئة الأجواء المثالية التي تحيط باللاعبين قبل وعقب أداء التدريبات، وهم يتمتعون باستقلالية مع جهازهم الفني والطبي قل أن تتوفر لدى الأندية الأخرى، وانعكست مثل هذه المتطلبات إيجاباً على شخصية ونفسية اللاعب. برودوم "بدد" المخاوف سياسة فرض النظام أولا وأخيراً من قبل إدارة النادي بالتعاون مع برودوم، لم تشكل لدى الفريق أية اشكالات رغم انتقال مدير الفريق لسنوات خالد المعجل لمنصب مدير المنتخب الأول، والاستقالة المفاجئة لبديله عبدالعزيز الخالد وسط زحمة المنافسة، وأعطت هذه المؤشرات دلالة واضحة على أن "الاستقرار" و"الانضباط" المطبقين من أول تدريب للفريق، أصبحا يشكلان دعماً حقيقياً للفريق. تحقيق الأهم وتنازل عن المهم مع أن فريق الشباب ظل يحصد النقاط من جولة إلى أخرى، ولم يتذوق طعم الخسارة طوال ال13 جولة الماضية، محققاً 33 نقطة من أصل 39 ، إلا أن هناك من أوصل، أو حاول إيصال "عتبه" على غياب المستوى الفني المقنع للفريق، وتخوفه أن لا تخدم النتائج الفريق مستقبلاً متى ما غاب المستوى الفني في بعض المباريات. ونال هنا برودوم المسؤولية الكبرى عن غياب المستوى الفني الممتع، في الوقت نفسه حصل على إشادات عديدة من خبراء التحليل الفني نظير تركيزه على حصد النقاط؛ معتمداً على مثالية المخزون اللياقي لدى لاعبيه ومهاراتهم وسرعتهم، كصفات تميز جل لاعبي الفريق الأساسيين والبدلاء، ملغياً مبدأ "المجازفة" مع جميع الفرق الصغيرة أو الكبيرة.. هذه المنهجية التي سار عليها برودوم، جلبت للفريق صدارة الترتيب، وأبقته دون خسارة طوال القسم الأول. الكل "هداف" رغم المعدل التهديفي للفريق الذي وضعه في المركز الثالث خلف الاتحاد والهلال، بتسجيل لاعبيه 28 هدفاً في القسم الأول من الدوري، إلا أن تمسكه بمركز الوصافة خلف الاتفاق بولوج 9 أهداف في مرماه، يعتبر إيجابياً، ويمنح الفريق أفضلية من الناحيتين، ولعل من أخطر مميزات الفريق الشبابي أن جميع خطوط الفريق بإستثناء حراسة المرمى، مهيأة أن تزور شباك المنافسين، كما حدث في أهداف الفريق المنوعة، فالخطر قد يحدث من لاعب الدفاع ولاعب الوسط، في ظل التركيز على لاعبي الهجوم. وحتما ستتضاعف ميزة تنوع التهديف في القسم الثاني، متى ما صحت أخبار قرب مسيري نادي الشباب من انتداب مهاجم ذو قدرات تهديفية. الهدوء "سلاح" الضغوطات استمرار الشباب في تحقيق الانتصارات المتلاحقة وتمسكه بالصدارة في أسابيع عديدة، وسط ملاحقة الاتفاق والهلال والأهلي، حتما ستتسبب في ضغط نفسي على الجميع، إلا أن تركيز إدارة النادي على تهيئة الأجواء الملائمة أمام اللاعبين، يعطي دليلاً آخر على استفادتها من دروس المواسم الماضية، بعدم الانجراف وراء ما يثار عبر وسائل الإعلام، كما هي قصة عبده عطيف وعبدالعزيز السعران، أو في أخبار توتر العلاقة بين إبراهيما يتارا والمدرب برودوم، فردة الفعل أصبحت محسوبة بدقة متناهية، حتى تميز البيت الشبابي بهدوئه وتركيزه على العمل وحده، دون التدقيق على ما يطرح وينقل من هنا وهناك، بالذات أن الوسط الرياضي يعيش موجة تلاسن وتشابك ما بين منسوبي أندية تنافس "الليث" على الصدارة. صفقات "الكيف" وليس "الكم" من الإيجابيات التي طبقتها الإدارة في الموسم الحالي تحديداً، ترويها كثيراً قبل إبرام أي صفقة محلية رغم إمكاناتها المالية، التي "تسهم" بقوة في حسم أي مفاوضات، إلا أنها اكتفت بالمهاجم مختار فلاتة، ولاعب الوسط خالد عزيز، والأخير "رفض" فرصة إنقاذ مستقبله، كما أعلنت الإدارة مؤخراً تعاقدها مع لاعب الوسط عبدالمجيد الرويلي. ولا يستبعد ان تشهد فترة الانتقالات المقبلة، إبرام الشبابيون صفقة أو اثنتين، على المستوى المحلي متى ما كانت القناعة قائمه بأن الاستفادة الفنية ستكون حاضرة مع وجود أي من اللاعبين. "تزايد" المدرج الشبابي من المكاسب الحقيقية في تمسك الشباب بالصدارة، الحضور المتزايد لأنصار الفريق في المدرجات، وتفاعلهم الإيجابي مع مجريات المباريات، فسواء لعب الفريق في الرياض أو جدة أو الأحساء أوالمدينة المنورة، تلحظ تزايداً ملفتاً لأنصاره، ما يعطي مؤشراً حقيقياً أن للشباب جماهيرية تسير بشكل تصاعدي، تحتاج مزيداً من البطولات ووجوداً للنجوم، من أجل أن يكون هذا الصعود أقوى بكثير عما هو عليه الآن.