بدر السماري، محمد السماري، بيولوجياً هما ابنا عم، لكنهما في الوقت نفسه هما صديقا عمر ينتميان لجيل واحد، مثّل الشغف بالسرد دافعا أولا لهما لخوض تجربة مشتركة، بكتابة عمل روائي واحد. يقول بدر ساردا ل "الوطن" كيفية تبلور العمل: الرواية بدأت بفكرة بسيطة في إحدى جلساتنا. تبلورت الفكرة فيما بعد لتصبح هدفاً، وضعنا سياق العمل المبدئي أو الحكاية، ومن ثم شرعنا في الخطوط العريضة للعمل وهي ما تشكل الحبكة الدرامية، و قبل البدء في الكتابة اتفقنا على الثيمات الخاصة بالعمل لمعالجتها وتطويرها، وبدأنا. كانت الكتابة أشبه برحلة طويلة يتناوب كل روائي على القيادة في فترة معينة ومن ثم يفسح المجال للآخر ليكمل القيادة. التناغم الذي قد يشعر به القارئ نتيجة الرؤية المشتركة نحو العمل. الرؤية المشتركة، تعني التطابق تماما، بما لا يتسق وطبيعة المبدعين، لكن بدرا يبدد هذا التساؤل المشروع بتوضيحه: من المؤكد أننا اختلفنا كثيراً، ولكننا دوماً نصل معاً إلى نقطة التقاء.. خصوصا فيما يتعلق بمصائر الشخصيات التي كانت تقودنا لمصائرها، ونمضي معها. باختصار، الكتابة المشتركة تصب لمصلحة النص الروائي وهي انتصار للرواية لا للروائي. يتوقف بدر ليتدخل محمد مضيفا: كتابة رواية مشتركة هي إحدى المغامرات في حياتي. التناغم بيني أنا وبدر غير مستغرب، فنحن أبناء جيل واحد واشتراكنا في الكتابة لصالح العمل، كنا نكمل بعضنا البعض، نختلف في بعض التفاصيل ونتفق مجملاً في الخطوط العريضة. الوسائل الإلكترونية ساهمت في تسهيل الكتابة المشتركة مثل البريد الإلكتروني والرسائل النصية، مع جلسة عمل نصف شهرية تقريباً لمراجعة ما كتبنا وقبل المضي في المرحلة التي تليها. والرواية الصادرة عن دار أثر بالتعاون مع الدار العربية للعلوم ناشرون، بعنوان "ابن طرَّاق" التي كتبها بدر السماري ومحمد السماري تتكون من 55 مقطعا توزعت على سبعة فصول في 432 صفحة، جاءت في غلاف حمل صورة للمصور مصلح جميل. وهي تعيد للأذهان تجارب مسبقة للفكرة، فكرة كاتبين ينجزان عملا واحدا. أسألهما: هل اطلعا على تجارب كهذه؟ فيجيبان: اطَّلعنا على تجربة "عالم بلا خرائط" لمنيف وجبرا، هذا على مستوى الرواية. في القصة والقصيدة، هناك عدة أعمال كُتبت بثنائي وثلاثي في بعض الأحيان. وإذا كانت تجربة منيف وجبرا قد قوبلت بفتور، وصل حد التحفظ عند بعض النقاد، فإن بدرا ومحمدا، لا يعولان كثيرا على الصدى، بيد أنهما يقولان: ما زلنا في مرحلة أولية بعد نشر الرواية، لكن لمسنا حماسة العديد من القرَّاء للاطلاع عليها تفاعلاً مع ثنائية التأليف.