فيما كان مشهد أكوام الأسماك النافقة، الثلاثاء الماضي، يعبّر عن حدث بيئيّ سلبي في جانب من جزيرة تاروت؛ كان هناك حدث بيئي آخر ولكنه إيجابيّ جدا يتكوّن في جانب آخر من الجزيرة. فاصل الزمن بين الحدثين أربعة أيام، وفاصل المكان ثلاثة كيلومترات. والفارق الكمّي يقول: إن 2000 شجرة منغروف تمت زراعتها في جزء من شاطئ تاروت، مقابل ظهور آلاف من الأسماك النافقة في جزء آخر. الحدث الإيجابيّ صنعته شركة أرامكو السعودية ضمن مشروع بيئي كبير دشنته بغرس هذا العدد من شجر المنغروف (القرم) في جزء من شاطئ جزيرة تاروت، ليكون بداية لغرس مليون و200 ألف شجرة في جميع شواطئ المملكة في خطة مدتها أربعة أعوام. وحسب ما أعلنته الشركة، في نشرتها هذا الأسبوع، فإن المشروع يمثل امتدادا لمشروع عمره 20 عاما، جنّدت فيه الشركة آلافا من الموظفين وأبنائهم تطوّعا لخدمة البيئة، والمساعدة على دعم الحياة الفطرية فيها، وقالت الشركة في تقريرها المفصّل: إن الإدارة وجهت تعليماتها لإدارة حماية البيئة بزراعة هذا العدد من الأشجار. وأضافت: أن من المقرر أن يتم إنجاز معظم العمل من خلال مقاولين وموظفين متطوعين، حيث بدأت الانطلاقة الفعلية الخميس الماضي، وشارك نحو 200 متطوع من مدارس رحيمة والخبر وصفوى في زراعة نحو 2000 شجيرة بطول شواطئ خليج تاروت القريب من مرافق أرامكو. وكان هذا الحدث الخاص بزراعة أشجار القرم ثمرة الجهود المشتركة لإدارة حماية البيئة، وإدارة خدمات أحياء السكن في رأس تنورة، وإدارة خطوط الأنابيب في المنطقة الشمالية لاستقطاب الطلاب المتطوعين لزراعة الشجيرات. وقال عالم بيئي في الشركة هو خالد الأصفهاني أن البيئات الطبيعية لأشجار القرم التي لم يتبق منها سوى 10% فقط من إجمالي غابات القرم الأصلية التي كانت تمتد بطول سواحل الخليج العربي. يذكر أن أرامكو بدأت برنامج إعادة زراعة أشجار القرم عام 1993 بزراعة أول مجموعة منها ضمن دراسة أجراها معهد البحوث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، في إطار مبادرة لإعادة غابات القرم بطول الشواطئ المطلة على الخليج العربي. ودخلت الشركة في شراكة مع الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها ووزارة الزراعة والثروة السمكية لتحديد أماكن زراعة أشجار القرم بمحاذاة شواطئ الخليج العربي، وتمخض البرنامج الناجح عن إقامة غابة مستقرة من هذه الأشجار في جزيرة أبوعلي، ومنذ ذلك الوقت زرعت الشركة نحو 600 ألف شجيرة بطول الشواطئ الشمالية المطلة على الخليج.
