تستعد المعارضة الليبية التي سيطرت على شرق ليبيا وعدد من مدن الغرب لمسيرة إلى طرابلس حيث يواصل الرئيس الليبي معمر القذافي الذي يتجاهل الضغوط الدولية، التقليل من أهمية العصيان الدموي الذي يهز نظامه. وفي اليوم الرابع عشر من تمرد لا سابق له تحول إلى عصيان، لم يعد القذافي والقوات الموالية له يسيطرون إلا على طرابلس ومنطقتها، بينما أكدت واشنطن أنها مستعدة لمساعدة المعارضين على إنشاء "مجلس وطني مستقل" يكلف تمثيل المدن المحررة، وهو ما اعتبرته الخارجية الليبية تدخلا في الشؤون الداخلية، ودليلا على التورط الأميركي فيما تشهده البلاد. وفيما أغارت طائرات ليبية أمس على مخازن ذخيرة في أجدابيا والرجمة القريبة من بنغازي، أعلن معارضون عن إصابة مروحية عسكرية أمس بالقرب من مدينة مصراته شرق طرابلس بعد قيامها بإطلاق صواريخ على هوائي البث التابع لإذاعة محلية. وقال ناطق باسم المعارضة من مصراته إن قوات "كتيبة حمزة الأمنية" التابعة للقذافي قامت مساء أول من أمس "بخطف أكثر من 400 طالب من طلبة الكلية الجوية" الواقعة في ضواحي مصراته واقتادتهم إلى مقرها المجاور للكلية. وأضاف "لا ندري غرضهم من هذا الأمر وإن كنا نعتقد أنهم ربما يعمدون إلى استعمالهم كدروع بشرية لصد أي هجوم محتمل من الثوار لتطهير المكان وطردهم خارج المدينة أو تجنيدهم للقتال معهم". كما أكد وصول "دعم يتمثل في عتاد وجنود من المرتزقة إلى كتيبة حمزة الأمنية، الأمر الذي يعني أنها تستعد لشن هجوم آخر على المدينة في محاولة السيطرة عليها لكن الجنود والضباط الأحرار من الجيش الليبي والذين انضموا إلى الثورة إضافة إلى بعض شباب الثورة سيكونون لهم بالمرصاد". وكشف الناطق أن القوات التابعة للقذافي قامت "بإطلاق عشوائي للنار على السيارات المارة بالقرب من مقر الكلية الجوية والبيوت القريبة منها فأوقعت إصابات كثيرة إضافة إلى استشهاد أحد السكان الذي أصيب بعيارات نارية وهو خارج من بيته". وعلى بعد أكثر من ألف كيلومتر غربا، حول العاصمة تؤكد المعارضة أنها سيطرت على عدة مدن. وقال أحد وجهاء اللجنة الثورية في نالوت (230 كلم غرب طرابلس) إن مدن الرحيبات وكاباو وجادو وزنتان ويفرن وككلا وغريان والحوامد أصبحت "بأيدي الشعب". وأضاف شعبان أبو ستة "نضع أنفسنا تحت سلطة المجلس الوطني في بنغازي ونعد العدة للقيام بمسيرة إلى طرابلس لتحرير العاصمة من نير القذافي". وفي مدينة الزاوية الواقعة على بعد ستين كيلو مترا غرب طرابلس يبدو أن المتظاهرين يسيطرون على المدينة لكن القوات الموالية له تسيطر على مداخلها ومحيطها، حسب شهود عيان. وقال الثوار في الزاوية إن نحو 2000 جندي من الموالين للقذافي يحاصرون البلدة ويستعدون للهجوم عليها. ويبدو أن مدينتي مصراته (شرق) وغرين (جنوب) الاستراتيجيتين تحت سيطرة المعارضة أيضا. وفي طرابلس وحدهم أفراد القوات الخاصة الموالية للقذافي يتجولون بسيارات رباعية الدفع. وأقيمت مراكز تفتيش في العاصمة وحولها بينما يتم تقنين الخبز والوقود، حسبما ذكر أحد السكان. وتوقع محللون أن يستولي الثوار على العاصمة الليبية في نهاية المطاف وأن يقتلوا أو يعتقلوا القذافي، لكنهم أضافوا أنه يملك قوة نيران تمكنه من إحداث فوضى أو إشعال حرب أهلية وهو ما هدد به هو وأبناؤه. وحول الضغوط الدولية، أعلن البيت الأبيض أمس أن المنفى هو "أحد الخيارات" التي ترضي مطالبته بتنحي الرئيس القذافي. كما دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس المجتمع الدولي إلى العمل معا لاتخاذ خطوات لإنهاء الأزمة في ليبيا، مضيفة أن واشنطن تبقي جميع الخيارات مطروحة. وأضافت في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف "يتوجب علينا العمل معا لوضع مزيد من الخطوات لمحاسبة حكومة القذافي ودعم الشعب الليبي في سعيه إلى الانتقال للديموقراطية". وتابعت "سنستمر في بحث جميع خيارات التحرك. ولا نستبعد أي خيارات طالما استمرت الحكومة الليبية في التهديد بقتل مواطنين ليبيين". ومن جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" الكولونيل ديفيد لابان أمس إن الجيش الأميركي أعاد نشر قواته البحرية والجوية حول ليبيا. وأضاف "لدينا مخططون يعملون وخطط طوارئ مختلفة، وأعتقد أن من المؤكد القول إنه في هذا الإطار نحن نعيد نشر قواتنا كي نتمكن من توفير قدرات مرنة بمجرد اتخاذ قرارات. كي نتمكن من توفير خيارات ومرونة". إلى ذلك، وافق الاتحاد الأوروبي أمس على فرض عقوبات على القذافي و25 من عائلته والمقربين منه تشمل تجميد أرصدتهم وحظر سفرهم. وقال دبلوماسي أوروبي إن "حظرا عن السفر وتجميدا للحسابات المصرفية وحظرا لبيع الأسلحة وكل ما يمكن استخدامه في أعمال القمع" تقرر بالإجماع خلال اجتماع السفراء ال27 في بروكسل. وأوضح أن قائمة الأشخاص الممنوعين عن السفر والذين ستجمد أرصدتهم "أطول من تلك التي وضعتها الأممالمتحدة" والتي شملت 6 و16 اسما على التوالي. وأضاف أن هذه التدابير دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من أمس. كما تفكر الأسرة الدولية حاليا بعد فرض عقوبات أممية على القذافي ونظامه أول من أمس، في فرض حظر للطيران فوق ليبيا لمنع أي عمليات لقصف السكان. وما زال من الصعب تقدير حصيلة ضحايا أعمال العنف. فقد تحدث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن سقوط ألف قتيل. وفي بنغازي وحدها قتل 256 شخصا وجرح ألفان آخرون حسب أطباء نقل الصليب الأحمر الدولي تصريحاتهم. وحذرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة من "وضع إنساني طارئ" فيما فر آلاف الأجانب من ليبيا خلال نهاية الأسبوع في حركة نزوح كثيفة برا وجوا وبحرا هربا من أعمال العنف. وغادر حوالي مئة ألف شخص معظمهم من العمال المصريين والتونسيين البلاد عبر الحدود حتى الآن، بينما ينتظر حشد هائل الرحلات الجوية في مطار طرابلس.