حلقت وفاة الشاعر محمد الثبيتي في أجواء احتفاء إثنينية عبدالمقصود خوجة بالكاتب البحريني الدكتور إبراهيم غلوم مساء أول من أمس، وقدم الشاعر البحريني قاسم حداد تعازيه إلى الشعب السعودي بالنيابة عن كتاب وشعراء ومثقفي البحرين. فيما وصف عبدالمقصود خوجة في كلمته الشاعر الراحل محمد الثبيتي بأنه كان علامة فارقة في مسيرة الشعر المعاصر محلياً وإقليميا وأسهم في إثراء المكتبة العربية، مذكراً أن الإثنينية دعته منذ سنوات ليكون ضيفها لكن ظروفه لم تسمح بذلك. وخلال الاحتفاء كشف الدكتور غلوم عن عمق اهتمامه بالوعي الإنساني وشمولية الثقافة وقال "إن نصوصاً كثيرة توهمنا إنها تمثل إنجازات كبيرة، لكننا في تفحصها نقديا ندرك كم هي مرتهنة للنسق، مضيفاً أن نسيج النص الإبداعي في سلسلة غير نهائية لنصوص أخرى، تكمن فيها أنساق يجب مواجهتها، وتحتوي على أشرس ما ينتجه العقل البشري من أنانية وانغلاق. وقال إنه اكتشف المفصل الرابع في العملية الإبداعية الذي لخصه بقوله: ما أجمل أن تضع سلسلة من المسلمات السابقة وكأنها أوهام، فقد عدت إلى كتابي عن كُتاب القصة في البحرين لأكتشف أنني أنقض كل ما كتبت عنهم، وإن هذه التجربة التي أنقدها وأنقد وعيها، ثم أنقد وعيي بها، أوصلتني إلى أن كل هذه التجارب نسيج من الأوهام، فالقصة القصيرة هي تتابع سردي لا ينقطع بين كاتب وآخر ولا بين الكاتب ونفسه والقصيدة تجارب لا تنتهي، وأنا أقرأ اليوم قاسم حداد منذ بداياته كما لو أني أقرأ قصيدة واحدة. وانتهى غلوم إلى القول: إن ما نقرؤه هو في الواقع نص واحد رغم تعدد الأساليب والأشكال، وجاءت العبارات في سياق حديثه عن رجم الفجوات في الثقافة العربية التي بدأها بالكشف عن فترة الانقطاع الثقافي والحضاري الذي عاشته الجزيرة العربية بعد انهيار الدولة العباسية، حيث بدأ في البحث عن أي حضور ثقافي وحضاري في هذه الفترة متتبعاً خيطاً وحيدا هو الأسر المثقفة، وقاده البحث إلى الانتقال من سد الفجوات التاريخية إلى البحث في سد الفجوات الإبداعية بين الأجيال، وهذا ما دفع عبده خال إلى السؤال عن معنى ذلك هل تعني بأن الكاتب يكتب نصاً واحداً، أم حالات واحدة؟. وأجاب غلوم أنه من الصعب أن يقدم الآن أدلة نصية على ما يعتقده، ولكن كل التجارب الأدبية الرفيعة تشير إلى أن اللغة طاقة يتم تهشيمها وبناؤها مرة أخرى وإن الوقت لا يتسع لشرح هذه الفكرة. أما في إجابته عن سؤال "الوطن": كيف يمكن أن يستقيم أن يكتب الجميع نصاً واحدا وهم مختلفون في ثقافتهم وبيئاتهم ولغتهم، أليس هذا وهما؟، فقال: لماذا لا يكون وهماً، يمكن أن نبني على ذلك فكرة جديدة، ونكتشف عبر التناص والتداخل بين النصوص أشياء جديدة، وفي إطار التجربة التي أعمل في إطارها أجد عمقاً اكثر في سياق التجارب بمختلف مستوياتها، وأجد أنه يمكن الكشف عن عمق التجربة ضمن سلسلة النسق الذي يكتب فيه الكاتب، وهذا يعطي الناقد فرصة أن ينقد ثم ينقض ما ينقده، وأن يعي ثم ينقد ما يعيه وهذا في اعتقادي إثراء كبير للنصوص.