ليس غريباً ما يحدث في إيران من مظاهرات واحتجاجات إذا ما نظرنا للطريقة التي تُدار بها هذه الدولة، التي تتمتع بثروات هائلة، وظّفها حكّامُها وعلى رأسهم خامنئي لدعم الميليشيات المتطرفة في عدد من الدول المجاورة، اليمن ولبنان والعراق وسورية، ما ساهم في تبديد ثروات الشعب. وفي حين يتمتع نخبة معينة، وهم المهيمنون من الحكام والملالي والتجار، بثروات طائلة فإن نسبة كبيرة من الشعب الإيراني تقبع تحت خط الفقر حيث تتفاقم نسب البطالة والتهميش والفساد وغلاء الأسعار، ما يدلل على فشل سياسة حكومة الملالي الداخلية وكذا الخارجية، بسبب دعمها اللامحدود للإرهاب والمتطرفين والميليشيات المتمردة، كالحوثي وحزب الله والحشد الشعبي، بمليارات الدولارات، ما كلّف دولتهم ديوناً ناهزت 18 مليار دولار، مع إخفاقهم في جذب استثمارات خارجية نتيجة فشل الاتفاق النووي، ووجود أكثر من ستمائة ألف معتقل في سجون النظام، ساهم كل ذلك في خروج تلك المظاهرات للمطالبة بالحقوق الشعبية، وللتعبير عن الرفض الشعبي للتدخلات الخارجية في دول المنطقة، فما تحقق لهذا النظام خلال سنوات العبث والتخبط السياسي والتدخلات ليس إلا الدمار والخراب وضياع الشعب وتبديد ثرواته، فالحنق والغضب الشعبي لا يضاهيه شيء، حيث شاهدنا هتافات تحدث للمرة الأولى تنادي بالإطاحة بالمرشد الأعلى. يبقى الدور على المنظمات الإنسانية والحقوقية العالمية في متابعة المشهد والضغط لكي يتحرر هذا الشعب من هذه الحكومة الظالمة، فالوعي الداخلي الإيراني أصبح كبيراً، فدعم ميليشيات متطرفة كالحوثي مثلاً أو حسن نصرالله أو الحشد وغيرهم ممّن ينشرون الظلام والطائفية والقتل أصبح فاضحاً، وما هو إلا حجة واهية للسيطرة والشوفينية الطاغية بهدف تضليل وقمع الشعب وسرقته، وهذا ما أصبح واضحاً للشعب، عندما صرّحت حكومة الملالي بأن هناك أطرافاً أجنبية تقف خلف هذه المظاهرات، فلماذا لم تعتبرها ربيعاً فارسياً كالربيع العربي الذي دعمته، ومن باب أولى أن تذعن للمطالبات وتتنحى استجابة للمطالب الجماهيرية، وهنا تتوافق بشكل تام مع قطر وجزيرتها التي حاولت جاهدة طمس الحقائق وإخفاء التحركات الاحتجاجية، وإبراز مظاهرات مصطنعة مؤيدة للنظام الإيراني، ولم نر ذلك عندما انطلقت شرارة ما يسمى بالربيع العربي، الذي أفردت له الجزيرة بثاً متواصلاً عبر شبكاتها، لا أجد تعبيراً أبلغ من أنها سقطت في وحل الخيانة وانكشف أمرها.