يعتقد بعض الأزواج أن بيت الزوجية لا بد أن يكون مثاليا، خاليا من العيوب، وأن يكون شريكه مطابقا له تماما، وهذا بلا شك خطأ كبير، وتصور ربما يؤدي إلى الطلاق «لا سمح الله»، إذ لا بد أن يؤمن كل طرف بوجود الاختلافات والمشكلات في كل بيت، حتى وإن كان اختيارك شريك حياتك خاطئا -كما تعتقد- وطريقة التفكير بينكما مختلفة، أو ليس هناك حب متبادل -وهو أهم أركان الزواج بلا شك- فهناك الاحترام والعشرة والأولاد، فقط حاول أن تنظر إلى الجانب الإيجابي في زواجك ولا تعالج خطأ -من وجهة نظرك- بخطأ أكبر منه، كطلاق أو تعنيف أو خيانة أو غيرها، لأن الحياة الزوجية تضحيات وتنازلات، وجمالها في عقباتها وتحدياتها كغيرها من شؤون الحياة، وهذا هو المعيار الحقيقي لإظهار قوتك وتأثيرك وإيجابيتك في مواجهة مواقف الحياة وصعابها، ومن رحم المحن تولد المنح كما يقال. وكذلك جمالها في اختلاف كل طرف عن الآخر في التفكير والمشاعر والاهتمامات. جمالها في تناقضاتها فلو أن كل طرف مشابه للآخر فسيغلب على هذه الحياة روتين ممل خال من الأحداث والمتغيرات، ولن يكون لها طعم ولا رائحة، وإن كنت سلبيا –رجل أو امرأة على حد سواء– فستخضع وستستسلم للواقع، ولن تستطيع أن تغير منه شيئا. ومن المهم أن يكون الشخص مؤثرا، ويستخدم كل قدراته للتأثير إيجابيا على الطرف الآخر، قدر الإمكان، لتستمر الحياة إلى الأفضل «كأن تجعله يشاركك هواياتك واهتماماتك الخاصة، أو تتأثر شخصيته بفكرك وأسلوبك فيتخلق بها أو بجزء منها، وما إلى ذلك»، حتى لو لم يتم التأثير فالمهم هو أن تكون إيجابيا في نفسك، ورضاك عن ذاتك، وقدرتك على إدراك وفهم نفسية الآخر، وكيفية التعامل والتعايش معه، ومعرفتك بأن نمط التفكير يختلف، فهذا في حد ذاته نجاح لأنك حولت واقعك من سلبي إلى إيجابي. وينصح المختصون بكتاب قيّم مناسب لهذا الموضوع بعنوان «الرجال من المريخ النساء من الزهرة - الدليل الرائع لفهم الجنس الآخر»، ومهما يكن بين الزوجين من إشكالات واختلافات جزئية فهذا أمر طبيعي ويحدث في كل بيت، والكمال لله عز وجل. وأقول لكل زوجة: بما أن زوجك صالح ويتقي الله فيك، فلا تفرطي فيه، وكذلك أقول لكل رجل: بما أن الله رزقك بزوجة صالحة ومقبولة ومنجبة فتمسك بها جيدا. قال صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر» رواه مسلم، وهذا الحديث ينطبق على الجميع، وفيه توجيه بأن ينظر كل طرف إلى إيجابيات الآخر، ويغض الطرف عن السلبيات وصغائر الأمور، ومن المستحيل أن يُعدم كل طرف من الإيمان والخير والمروءة والإنسانية، فبذور الخير والفطرة السليمة ما تزال موجودة في كل نفس.