المتابع لوضع الأسر اليوم يُدرك تمامًا أن الانترنت هو أداة من أدوات التأثير في الأسرة، وليس هو العامل الوحيد، فهناك عدة مؤثرات تشكل مفصلًا في العلاقة الزوجية وتؤثر فيها بشكل كبير. فهل أتى هذا الاختراع ليؤثر في البيوت ويهدم الحياة الزوجية، أم أنه أداة لاكتساب المعرفة والعلوم والتواصل الاجتماعي؟ وكيف السبيل لاستغلاله بالصورة التي تبني ولا تهدم؟ وكيف هو الطريق؟ “الرسالة” طرحت قضية المؤثرات في الحياة الزوجية وكيفية المحافظة على اللبنة الأسرية دون أن تتأثر بمثل هذه المؤثرات والمشكلات التي تحيط بها، فإلى ثنايا هذا الموضوع: تعديل السلوكيات يبتدر المشرف العام على مركز التنمية الأسرية بالاحساء الدكتور خالد الحليبي على ضرورة المبادرة إلى التغيير في سلوك الزوجين إذا لم يرض أحدهما من الآخر خلقًا بدون أن يؤثر ذلك في العلاقة الزوجية فقال: من يستنكر من امرأته صفة لا يرضاها؛ خَلقية أو خُلُقية فليساعدها على التخلص منها، دون أن يجرحها، أو يقلل من قدرها، وإصلاح الوضع القائم - مهما كان - خير من تجربة جديدة قد تكون الضربة القاضية فإن الرابط الزوجي ميثاقًا غليظًا، لا يصح أن يستهان به، وما نراه من كثرة الطلاق والتسرع فيه دليل جهل استشرى بالمثقف قبل العامي. وأضاف الحليبي: من المهم جدًا الحديث عما طرأ على العلاقة بين الزوجين من مؤثرات خطيرة، أقلقت العش الهانئ، بل أحالته موقدًا من جهنم، هل يعقل أن تعيش امرأة مع زوجها وهو يقول لها: لست المرأة التي تمنيت؟ فماذا تبقى لها هذا الشريك “الجلف” من حسن العشرة؟ ألم يفكر أنه ربما لم يكن الرجل الذي تمنت امرأته؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل على كل من أحس بهذا الشعور أن يخبر الآخر به؟ يا للهول لو حدث ذلك، قنبلة لا يعرف أين ستتجه شظاياها! ثم أين المرأة التي لا عيب فيها؟ ألم يقل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: “لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر”؟ ومن قال ان سوء خلقها نابع منها؟ من يدري ربما يكون السبب هو سوء خلق الزوج الذي يستجلب ويثير سوء خلق الزوجة! واسترسل الحليبي فقال: “الكلمة المحبطة كالفأس لا تلوي على شيء، إنما تنتزع كفاءة الشعور الإيجابي في إحياء الخلايا التي تموت في شخصية الإنسان بسبب تطاول سفيه، أو جرأة صفيق، أو صفعة حاقد. كل من الزوجين معني بالآخر، بارتياحه وصحته النفسية، وكل منهما مستفيد من استقراره العاطفي، وثقته بنفسه، فالثقة في النفس أو في الآخر تغرس وتسقى وتتعهد، وإلا فإنها تتراجع، وقد تموت، وحين تموت يموت معها كل شيء، حتى تصبح الحياة الزوجية كهشيم محتضر، وهو أسوأ منظرا من الصحراء القاحلة، والبئر المعطلة! خلاصة تجربتي في الحقل الأسري الزوجي تقول: أسعد زوجك يسعدك.. والعكس صحيح. مؤثرات في الحياة من جهة أخرى يؤكد الداعية الإسلامي الدكتور صالح العصيمي أن لكلا الزوجين حقوقًا وواجبات فقال: على الزوجين أن يؤديا ما أوجب الله عليهما من الحقوق والواجبات لكن يجب أن التنبه أنه لا طاعة في أمر خارج الحقوق الزوجية فالمشكلة الكبرى التي تؤثر في العلاقة الزوجية أن تضاف حقوق لم يوجبها الله جل وعلا، فمثلًا تطالب الزوجة أن يستأذنها زوجها عند كل سفر أو أي خروج فمن الناحية الشرعية لا يجب عليه ذلك، أما من الناحية الأدبية عليه أن يخبرها لكن لا يتحول هذا إلى واجب. كذلك لا يجوز للرجل وليس له حق أن يطلع على الأسرار المالية لزوجته ولا يأخذ منها شيئًا فإن أعطته من عندها فذلك منها فضل وتكرم، فنجد مثلًا إذا أوجب الزوج أو الزوجة بعض الواجبات الشرعية التي لم يوجبها الله تعالى هنا تتأثر الحياة الزوجية. واسترسل العصيمي قائلًا: كذلك من المؤثرات في الحياة الزوجية الشك ومن الأمور التي تسبب الإشكاليات تداخل المسؤوليات فهذا أيضا من الأسباب التي تؤدي إلى الشقاق في الحياة الزوجية، فإضافة كثير من الالتزامات على الزوج أو الزوجة يسبب إشكالية كبيرة بينهما كذلك الانحراف الحاصل في القنوات والإنترنت، كما أن وسائل الإعلام من خلال الأخبار التي ترصدها تؤكد وجود تفكك أسري واضح وتفاقم هذه المشكلات نتيجة لما تبثه القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت. الحوار بين الزوجين وأضاف العصيمي فقال: التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هو الفيصل في قضايا الشقاق بين الزوجين، كما أن الحوار بين الزوجين والجلوس على طاولة النقاش يسهم في حل مثل هذه المشكلات من خلال النقاش الهادئ وتحكيم الكتاب والسنة، كذلك الاستشارة من أهل الخبرة وبخاصة في بعض المواقع الطيبة في الإنترنت والتي تسهم في بعض الحلول لبعض هذه المشكلات. الخيانة الزوجية وبدوره يشدد المستشار الأسري والنفسي الدكتور خالد باحاذق أن الخيانة الزوجية هي التي تؤثر اليوم في العلاقة الزوجية فقال: غالبية الشكاوى التي تصلني عن الخيانات الزوجية التي تحصل من الأزواج تجاه زوجاتهم وذلك من خلال التطلع لغير زوجاتهم وفي غالبية الأوقات تكون الخيانة الزوجية مخالفة للمبادئ والقيم مما يؤثر في العلاقة الزوجية وتبدأ العلاقة بينهما إلى شك وانتهاءً بالطلاق وانهيار الحياة الزوجية لأن الإنسان حينما يحب الطرف الآخر يحب أن يكون صادقًا معه لكن المشكلة أن بعض الأزواج يخون زوجته من أجل أن وجد أخرى تنافس زوجته من خلال التلفزيون أو النت ويتأثر بها ويعتقد أنه بسهولة يحصل عليها، ويبدأ يتعلق بها ويترك زوجته بالبيت، فأقول لكل زوجة عليك أن تنظري للميزة التنافسية التي لديك في قضية الخيانة، أما الخيانات النسائية فغالبيتها بصراحة هي مجرد ردة فعل لخيانة الزوج فكانت النتيجة أن الزوجة تقع في هذه الخيانة. واسترسل باحاذق: من الحلول التي تساهم في تقليل المشكلات الزوجية التعرف على الطرف الآخر واحتياجاته وتوفير ما يحتاجه، كما أن التفكير باحتياجات كل طرف وعمل وقاية من السقوط في فخ الخيانة الزوجية بتوفير متطلباته، تحفيز السلوكيات الإيجابية في الطرف الآخر فكثير منا لا يشجع السلوكيات الإيجابية وينتقد دومًا السلوكيات السلبية دون أن يمدح ما في الشخص من ايجابيات، فالتحفيز للسلوكيات الإيجابية يشعر الشخص بمتعة العلاقة الزوجية، والأمر الثالث: غض الطرف عن السلوكيات السلبية، والرابع: الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء فإن هذا سيكون له أثر واضح بإذن الله، فموضوع المعالجة لا يكون بعد وقوع الخطأ وبعد أن يقع الفأس في الرأس إنما يكون منذ البداية. وأضاف باحاذق: في قضية الخيانة الإلكترونية يجب أن تكون هناك رقابة ذاتية بحيث لا يمكث الشخص مع الحاسب الشخصي لوحده بل يكون في مكان عام، ويشارك الجميع في الانترنت، فالرقابة الذاتية ليست للزوجة فقط بل حتى للأبناء بحيث يكون الإنترنت في مكان عام ويتابعه الكل، وفي ظل غياب مسؤولية الزوج أو الزوجة قد تحصل الخيانة لأن المرأة تقتات المشاعر من عاطفة زوجها وقد يلجأ زوجها إذا لم يجد العواطف من زوجته إلى المحادثات في النت، فإذا كان هناك وقت للإنترنت فالأفضل أن يكون وقتًا محددًا ويكون للأسرة بأكملها في مجلس واحد، فيكون لسان الأسرة دعونا شركاء في الترفيه لأجل نستفيد من بعض ونغرس الكثير من القيم.