عثرت البعثة الأثرية الوطنية العاملة في "تل العبر 3"، الواقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات في محافظة حلب، على ألواح منحوتة، ولقيت أخرى تعود إلى الألف العاشرة قبل الميلاد. وهذه الألواح مصنوعة من حجر الكللوريت المجلوب من منطقة الأناضول، وقد نحتت عليها مواضيع مركبة ومتعددة، منها لوح عليه نحت غائر يمثل نسراً طائرا فارداً جناحيه ورأسه إلى الجانب الأيمن، وعلى أطراف اللوح من الجانبين نحت لشكل أفعى، أما اللوح الثاني فعليه نحت تجريدي لصور ثلاثة نسور فاردة أجنحتها، وتحتها قرص الشمس وأشكال أفعوانية. وتعكس هذه المكتشفات الأهمية الطقسية للمبنى الذي يشكل حفرة ضمن الأرض على عمق 130 سم، بقطر قدره 750 سم، ويحوي مصطبة على شكل أقواس زينت واجهتها بطين مزخرف، أما جدران الحفرة فهي مطلية بالكامل، وتميز السقف بوجوده على أعمدة أحاطت بحفرة المبنى. أما أهمية هذه الاكتشافات فتأتي من كونها تظهر للمرة الأولى الإنسان في نشاطين هامين هما الصيد والزراعة، وكونها تقدم فكرة عن نمط حياة إنسان القرى الزراعية الأولى، حيث استطاع الإنسان في منحوتاته دمج عناصر رمزية عديدة في لوحة صغيرة واحدة تعبر عن موضوع له مدلولات طقسية، متخذاً من الطبيعة الملهم الأساسي في التعبير عن مكنونات نفسه. ويشاهد في أحد الألواح الحجرية المكتشفة أنه مقسوم إلى قسمين، العلوي عليه نحت لسنبلة القمح، وبجانبها شكل يدين وأصابع مفرودة، أما القسم السفلي فعليه رأس ثور، وبجانبه أفعى. وأهمية هذه الألواح تكمن في الموضوعات التي نحتت عليها، فهي التعبير الأول في المشرق عن النشاط الزراعي الهام في حياة الإنسان الذي عاش على ضفاف نهر الفرات.