يثير الخطاب الديني في الجزائر قلقا بسبب تنامي الفتاوى، خاصة في البرامج الدينية التي تبثها القنوات التلفزيونية الخاصة، وترى الحكومة الجزائرية أنها غير معتدلة وتروج للفتنة وتشيد بالتطرف والإرهاب ولابد من مراقبتها، في حين يدعو آخرون إلى ضرورة إشراك مختصين لضبطها بعيدا عن سياسية تكميم الأفواه، نافين ترويج هذه القنوات للفتنة والطائفية؛ ومعتبرين ما يحدث مجرد تجاوزات. واتخذت الجزائر إجراءات لمراقبة الخطاب الديني في قنوات تلفزيونية خاصة، مما يعكس قلقها من تأثير تنامي الفتاوى التلفزيونية على المواطن الجزائري في ظل بروز تيارات دينية وإسلامية مختلفة.
الخطابات الهدامة دعا وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى إلى "ترقية خطاب ديني معتدل يحترم المرجع الديني للمجتمع الجزائري"، والمرجعية الدينية الجزائرية، مبنية على أساس أن الإسلام دين الدولة، بنص المادة الثانية من الدستور، وأنها تتبع المذهب السني المالكي. ودعا عيسى إلى محاربة الخطابات الهدامة في مختلف وسائل الإعلام، خاصة السمعية البصرية، وكذا في الوسائل الإعلامية الأخرى التي تدعو إلى التطرف العنيف والطائفية والأفكار الدخيلة على القيم الوطنية والهوية الجزائرية. وطالب الوزير المعنيين بتبني مسعى مشترك يهدف إلى تأمين الحياة الفكرية للمواطن الجزائري، ومواجهة التجاوزات والانحرافات على جميع الأصعدة، والمحاربة الفعالة لكل محاولة ما أسماه "غزو طائفي ومذهبي للجزائريين". ولم يذكر الوزير أي طائفة بعينها، لكنه يكتفي في كل مرة بالقول إن "الجزائر لها مرجعية دينية واحدة، هي المذهب المالكي (أحد المذاهب السنية الأربعة، والمنتشر في المغرب العربي) ولن تقبل الترويج لمذاهب وأفكار أخرى". ويعيد تصريح الوزير محمد عيسى، حول مراقبة الخطاب الديني، إلى الواجهة أزمة الخطابات السياسية والدينية التي شهدتها مساجد الجمهورية إبان الأزمة الأمنية أو ما يعرف ب"العشرية السوداء" في تسعينات القرن الماضي. وحذرت سلطة ضبط السمعي البصري (الهيئة العليا المخولة بمراقبة القنوات الخاصة)، وسائل الإعلام السمعية البصرية، من مضمون البرامج التي من شأنها زرع وتغذية التعصب والتطرف. ودعت جميع المؤسسات الإعلامية إلى "ضرورة التحلي باليقظة للقضاء على التشدد والكراهية".
فتاوى محظورة شددت الهيئة في بيانها على أنها لن تتسامح بشأن مثل هذه البرامج، "سواء المنتجة محليا أو المستوردة"، دون تحديد طبيعة العقوبات التي ستفرضها على القنوات المتهمة بارتكاب تجاوزات في هذا الخصوص. وأوضحت أن "محتويات بعض التلفزيونات الجزائرية ذات طابع انحرافي ظلامي، لأنها تحمل خطابات عن العنف والفتنة، ما من شأنه أن يؤدي إلى التفكك الاجتماعي وزعزعة استقرار البلد". ولم تذكر سلطة الضبط اسما لقناة أو برنامج يروج لخطاب عنيف، رغم أن عديد الفضائيات الخاصة يبث برامج للفتاوى الدينية. ورغم أن سلطة ضبط السمعي البصري بادرت مؤخرا بتنظيم لقاءات مع مسؤولي أعلى المؤسسات والهيئات في البلاد، والتي لها سلطة الإشراف والتأطير والديني، على غرار المجلس الإسلامي الأعلى، ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف، والعديد من العلماء والفقهاء، إلا أنّ مختصين يرون أن المبادرة غير كافية لمراقبة وتنظيم محتوى ما تبثه القنوات التلفزيونية من برامج دينية.