(شرق)- الجزائر - تعتزم الجزائر إطلاق قناة "القرآن الكريم" الدينية في 18 مارس/آذار الجاري، في خطوة ينوي القائمون عليها محاربة "الفتاوى المستوردة" عبر الفضائيات والإنترنت، في وقت لم يحسم النقاش فيه بعد حول تاريخ إنشاء دار الإفتاء الجزائرية. وبرأي مراقبين، فقد كان نجاح قناة القرآن الكريم الإذاعية في إقناع عدد كبير من المسلحين بالتوبة وتطليق العمل المسلح، دافعا قويا للسلطات لإطلاق قناة تلفزيونية دينية، يعول عليها لإعادة جمع الجزائريين حول "مرجعية وطنية واحدة تقوم أساسا على الاحتكام لمذهب الإمام مالك من ناحية الفقه وللأشعرية من حيث العقيدة"، بحسب ما كشف عنه مصدر مسؤول بوزارة الشؤون الدينية ل"العربية نت". وقال المسؤول الجزائري، الذي رفض الكشف عن هويته، إن "الهدف الرئيس من وراء إطلاق قناة تلفزيونية دينية هو التصدي للفتاوى المستوردة عبر الفضائيات وشبكة الإنترنت، وهي فتاوى شاذة وخارجة عن الإجماع، لكنها للأسف أثرت بشكل سلبي في وعي الجزائريين خصوصا إبان الأزمة الأمنية". وعمليا، وجدت كل شرائح المجتمع الجزائري نفسها في مواجهة الموت باسم الدين والجهاد، ويتذكر الجزائريون كيف تبنت الجماعة الإسلامية المسلحة المعروفة باسم "الجيا" -عام 1996م- فتوى "أبو قتادة المصري" الشهيرة التي أفتى فيها بجواز قتل المدنيين والأطفال الصغار، وتحث هذه الفتوى على أمرين؛ الأول: "جواز رمي المرتدين والكفار بآلات فيها مواد متفجرة تقتلهم هم وأبناؤهم ونساءهم، وذلك إذا تترسوا في الحرب بالنساء والصبيان ومن لا يجوز قتله، بالإضافة إلى حرق السفن وإغراقها بمن فيها من المقاتلين الكفار ونسائهم وصبيانهم.. والأمر الثاني: "جواز القصد إلى قتل النساء والذرية عمدا؛ دفعا لهتك أعراض المسلمات أو قتل المسلمين". قناة لمعاجلة مشاكل المجتمع أما بالنسبة لكاتب الدولة المكلف بالاتصال، عز الدين ميهوبي، فقال -ل"العربية نت"- إن "إطلاق قناة القرآن الكريم يهدف إلى إظهار صورة الجزائر المسلمة بدون إسفاف أو تطرف"، مضيفا أن "القناة ستنطلق من بيئتها الجزائرية، وهي تستجيب لحاجة وطنية أمام ملاحظة إقبال الجزائريين على ما تبثه فضائيات دينية من فتاوى تصلح لبيئة معينة؛ لكنها لا تراعي بالضرورة خصوصية المجتمع الجزائري". وكشف ميهوبي عن مضمون القناة التي ستنطلق يوم 18 مارس/آذار الجاري بطاقة بث تصل إلى ثماني ساعات يوميا، ويرأس إدارتها الإعلامي محمد عوادي، بالقول إن "قناة القرآن الكريم يشرف عليها جزائريون، وتضم عدة برامج دينية تفاعلية، وهناك برامج للفتوى سواء عبر الاتصال المباشر أو رسائل الأس أم أس"، وبحسب ميهوبي"فسيجيب على أسئلة المشاهدين شيوخ وأئمة جزائريون معروفون في الساحة باعتدالهم، لكن هذا لا يمنع من اكتشاف أئمة جدد يقدمون خطابا دينيا متزنا ومقنعا". وحرص وزير الاتصال على التأكيد بأن القناة الدينية الجديدة لن تكون كلاسيكية ولا مملة، بل ستركز على مشاكل المجتمع، وستعمل على ملأ الفراغ الذي كان موجودا، موضحا أن "برنامج فرسان القرآن الذي انفردت ببثه القناة التلفزيونية الأرضية ولقي نجاحا باهرا على الصعيدين الوطني والعربي، يمكن مشاهدته على قناة القرآن الكريم، لكن ملكيته ستبقى للقناة الأرضية". وتجدر الإشارة إلى أن إطلاق قناة القرآن الكريم سيشهد كذلك إطلاق قناة ناطقة بالأمازيغية تهدف -بحسب وزير الاتصال- إلى "إبراز الثقافة الأمازيغية بمختلف ألسنتها المتداولة في الجزائر"، ويحدث هذا في وقت تذكر إحصائيات غير رسمية كون الجزائر أكبر بلد عربي يحوز على الهوائيات المقعرة (الدش) بما يفوق مليون هوائي.