أصبحت صناعة النشر والطباعة في مصر من أصعب الصناعات التي يتم الاستثمار فيها من كافة النواحي، بسبب ارتفاع أسعار الورق والخامات، في ظل حالة الكساد التي يشهدها القطاع حالياً مع ارتفاع الأسعار وأزمة الدولار، حيث وصلت تكلفة النشر إلى ضعفي التكلفة خلال شهر بعد قرار تعويم الجنيه أمام الدولار، وهو ما اضطر دور النشر والطباعة إلى تقليص العمالة والإنتاج، بل توقف العديد من دور النشر بسبب هذه الأزمة، ما سيؤثر بدوره على معرض القاهرة الدولي للكتاب وصناعة النشر والطباعة وسوق الثقافة المصرية. تهديد المعرض قال صاحب دار أوراق للنشر هشام أبو المكارم ل"الوطن"، إن "آثار ارتفاع سعر الدولار ستمتد إلى معرض القاهرة للكتاب، والذي من المعتاد أن يبدأ التحضير له خلال الفترة الحالية، حيث تسود حالة من الحذر لدى الناشرين لعدم المجازفة خلال المعرض بما لا يضمن مردودا إيجابيا لها في ظل موجة ارتفاع الأسعار، خاصة أن صناعة النشر في مصر تعتمد على المواد الخام المستورة من الخارج، وأهمها الورق إلى جانب الأحبار وآلات الطباعة وقطع الغيار لها، واستمرار الارتفاع سيدفع الناشرين إلى تقليل الإصدارات الجديدة المشاركة بالمعرض بالدورة المقبلة، كما أنه يمكن أن يحد من مشاركة دور النشر العربية المحلية، والتي يبلغ عددها سنوياً نحو 800 دار نشر، رغم كون المعرض يعد أحد أهم معارض الشرق الأوسط، والعالم العربي وله رواج عالمي كبير". زيادة التكلفة يؤكد صاحب دار إبداع للنشر والتوزيع والترجمة الدكتور عيد إبراهيم، أن "ارتفاع سعر الدولار أدى لارتفاع أسعار الخامات والورق والطباعة، حتى أن تكلفة إنتاج الكتاب حاليا تعادل تكلفة 3 كتب منذ 6 أشهر بعدما ارتفع سعر طن الورق من 7 آلاف جنيه إلى 18 ألف جنيه، ما أثر بشكل كبير على صناعة ومعدلات النشر وأسعار الكتب، واضطر العديد من الناشرين إلى تقليص حجم الإنتاج، بل وصل الأمر أحيانا إلى التوقف عن الطباعة تماما، حيث تشير تقارير اتحاد الناشرين المصريين إلى أن 60 ناشراً من بين 500 عضو بالاتحاد عجزوا عن دفع الاشتراك السنوي الذي لا تزيد قيمته عن 600 جنيه، والحل يتمثل في ضرورة أن تدعم الحكومة دور النشر عن طريق إعادة ميزانيات شراء الخامات والبحث عن تنظيم مشروعات ثقافية تدعم الناشر، وبدون ذلك فإن مهنة النشر في مصر ستأخذ طريقها إلى الاحتضار". زيادة الأعباء يقول أيمن عيد، صاحب مطبعة، في تصريحه ل"الوطن"، إن "ارتفاع سعر الدولار أدى لارتفاع كبير في أسعار الخامات، حيث ارتفع سعر رزمة الورق التي يبلغ وزنها 70 جراماً من 140 جنيهاً إلى 360 جنيهاً، وارتفاع سعر علبة الحبر من 70 جنيهاً إلى 150 جنيهاً، وشيكارة الغرة من 625 إلى 900 جنيه، وارتفاع سعر علبة الماستر من 140 إلى 220 ثم 280 جنيهاً في أسبوع واحد، وطقم الزنكات من 70 إلى 110 جنيهاً، وكلها عوامل أدت لارتفاع سعر الكتاب بأكثر من 100%، حيث إن الكتاب الذي كان يباع ب50 جنيهاً في العام الماضي وكان يراه البعض غالي الثمن، سيباع هذا العام ب110 جنيهاً، ما يزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الناشر المصري الذي يعاني أصلاً من فقر سوق التسويق".