وليد آل مساعد لا أرفضُ فناً ما وأحبُ آخر دونما التعريج على الفنون الجميلة الأخرى، فالفن روح وحياة زاخرة بالمحبة، والوئام ما بين الفنون والإنسان قديم منذ القدم، والتاريخ مليء بقصص الفن وأنواعه وعازفيه ومغنيه منذ مئات السنين، فلا مناص ولا حياد عن لغة الفن التي لا تعرف جنسية أو جواز سفر. في خضمّ التواصل الاجتماعي بحلته الجديدة قد يبدو أن الأذواق المستهلكة للغثاء الأحوى باتت كثيرة مما جعل فنّ الشيلات - ويُؤسفني تسميته فناً في سياق المقال - قد حدا به إلى منزلة فنية رفيعة لدى شريحة ليست بالقليلة عند من ينتمون إلى بحر الشعر! ولا أجد أسوأ من شاعرٍ يمقت نغماً موسيقياً آخاذاً من أجل فن "مقيت" مُحتقن بصنوف القبيلة والتمجيد بها والمفاخرة بهذا الازدراء الذي أوقع بالشعر إلى درجة دنيئة من الهجاء والمباهاة والاعتزاز بقبائل عن غيرها! ولا يزال هذا الخطر المحدق بنا إزاء هذا الفن المتوّج بأشكال "الهياط" المشين مهدداً هذا النسيج القوي لمجتمع كان - ولا يزال - يحترم الفن الحقيقي ولا يتخلى عنه، والإحصاءات الفنية شاهدة على أن الذوق الفني العام لم يهبط بعد إلى سفاهة الشيلات، وأولئك الذين لا يجدون حرجاً في ترديدها ممن يُحسبون من فئام مثقفي المجتمع! لا أفهم كيف يُنمّى هذا الفن، وكيف أصبح قريباً وملاصقاً للفن الأصيل الذي ألفته القلوب، وليس بشيلة تأنفها أسماعنا وهي تجوب شوارعنا ولا تخلو منها مركبات المراهقين بأصواتها النشاز! وما هي إلا وصمة دخيلة في فن سعودي ذي إرث كبير وعظيم، حيث كان اللحن يُدرس والكلمات تُكتب بماء الذهب بأقلام شعراء لهم كل مقوّمات الشاعر المُلهم الذي لا يكره الموسيقى! يقول الشاعر والإعلامي فهد عافت في تغريدة قديمة: الشيلات عشق جبان للأغنية وليغضب من يغضب! وأقول صدقت أيها الشاعر الجميل.. فللهِ درك.