على الرغم من شهرته الكبيرة منذ القدم إلا أن فن "المحاورة" الشعرية الشعبي يواجه تحديات منها اتهام الشعراء بإثارة النعرات القبلية، كذلك اتهام بعض الشعراء بالاتفاق المسبق على موضوع معين وتمثيله أمام الصفوف والجمهور، لإثارة الجمهور، إضافة إلى اتهام الشعراء الحاليين بتشويه الصورة "الأصيلة" لهذا الفن عندما أدخلت عليه أشياء مثل "الموال" "الطبل"، بل ذهب البعض إلى أن "الشيلات" الإنشادية كادت تلغي المحاورة التي تعتبر من أكثر الفنون تحديا للشاعر وإثباتا لموهبته. وقال الإعلامي المهتم بالتراث الشعبي بدر العتيبي: لا شك أن هناك بعض شعراء المحاورة يتفقون فيما بينهم لإثارة موضوع معين والهجوم على بعضهم البعض وتهييج الجماهير وعند الخروج تجدهم أصدقاء، وهذا يغيب عن بعض المتابعين. انحراف عن الأسس يؤكد شاعر المحاورة "سابقا" عوض الهجلة أن فن المحاورة هذا لم يثبت على قواعده الأساسية منذ مئات السنين، حيث طرأت عليه الكثير من التغيرات التي أدت في مراحلها الأخيرة إلى الانحراف عن مبادئه المعروفة، وكثرت تحالفات الشعراء، وذاب المعنى وتغيرت رقصات الصفوف وانتشر الاحتراف للشعراء فيه. وأضاف الهجلة "هو من تراث العرب وانتشر مع الفضائيات لكل القبائل". وفي حديثه إلى "الوطن" يسرد الهجلة بعض أسس هذا الفن قديما ومنها عدم اشتراط معرفة الشعراء محاوريهم، عدم الاتفاق على المعنى بين الشعراء، أن يستخدم الرمز واللغز وعدم المباشرة في الهجاء، وألا يشترط الشاعر مقابلا ماليا. يمرض ولا يموت ينفي شاعر المحاورة تركي الميزاني اتهام هذا اللون الشعبي بإثارة النعرات القبلية، ويقول: هو تراث قبلي في الأصل، ومن يتهمه بذلك يجهله ويجهل ارتباط قبائل الجزيرة العربية مع بعضها وفق قوانين عرفية، وموروثها هذا يعتمد على الفتل والنقض في الميدان بذكاء، ومبني على حقائق لا غبار عليها، ويطرح قضايا اجتماعية أيضا، وعلى الرغم من حدوث بعض التغييرات على ساحة المحاورة لكنها لا تزال مطلوبة عند محبيها وعشاقها. ويرى الميزاني أن "تذبذب" مستوى شعراء المحاورة "أمر طبيعي وليس جديدا على هذا الموروث، حيث مر بسنين عجاف في الماضي، وهو مثل العقار الذي يمرض ولا يموت". وعما يقال عن خطر الشيلات على هذا الفن يرى الميزاني أن "الشيلات الإنشادية لون جديد في الحفلات، ينتهي مع انتهاء الحفل ولا خطر منه على شعر المحاورة ولا يدخل في مجاله، وله وقت محدد، ومما لا شك فيه أن المجتمع في الغالب يتوجه للشيء الجديد أكثر مما هو متعارف عليه بين أفراده، والشيلات لون جميل نحبه كلنا ولا يؤثر على أي فن من الفنون الأخرى، ولا يهدد مستقبل المحاورة نهائيا، لأنه ثانوي مضاف للشعر، والمحاورة فن أساسي من ثوابت الشعر وله مئات السنين وليس جديدا". خطر القنوات الشعبية يعتقد الكثيرون أن القنوات الفضائية الشعبية أسهمت في عزوف جماهير المحاورة عن الحضور، يقول الميزاني "في الماضي وقبل القنوات الشعبية كان جمهور المحاورة يحضر من كل مكان، فإذا أقيمت الحفلة في الرياض مثلا تجد جمهور الدوادمي أو القويعية أو المجمعة يحضر الحفلة في الرياض لأنه لا يراها إلا مباشرة، والآن هناك قناة تسجل وتبث شاشتها على مدار ال24 ساعة إعادة للمحاورات المسجلة، مما أصاب الجمهور بالملل منها، وهذا عامل مؤثر جدا، لذلك اعتمد الجمهور على مشاهدتها في تلك القنوات"، وعن تهمة الاتفاق المسبق بين الشعراء لإثارة الجمهور يرد الميزاني "الاتفاق المسبق غير وارد نهائيا بين الشعراء المعروفين، وغير صحيح، لأن المحاورة يحكمها الوقت ولا يحكمها الشاعر، وهي نقض، فتل، تحاور ولعبة ذكاء، وإذا دخلت الاتفاقية المسبقة فيه فسد الطاروق لا ذوق ولا طعم ولا شعر ولا إبداع فيه". أهم مبادئ شعر المحاورة قديما * عدم اشتراط معرفة الشعراء محاوريهم * عدم الاتفاق على المعنى بين الشعراء * أن يستخدم الرمز واللغز وعدم المباشرة في الهجاء * شعر المحاورة ليس محسوبا على قبائل الشعراء، بل نوع من المسامرة وتنافس الشعراء * ألا يشترط الشاعر مقابلا ماليا