فن الشيلة يلقي بحضوره الطاغي كفن جديد رغم إنه قديم وله جذوره، وتحضر الشيلة بنص عامي مغنى يخضع للألحان مثله مثل الأغنية وبمؤثراته الخاصة التي ترافقه بديلا للموسيقى لكنها تحضر موسيقيا باللحن والإيقاعات والمؤثرات البديلة. وليست الإشكالية في الموسيقى وغيابها بل في المضامين التي بدأت تصدرها وتنشرها الشيلة فقد جنحت لتكون صوتا للقبيلة بحميتها وعنصريتها فصرنا نسمع ونشاهد(شيلة) لكل قبيلة تبرز تاريخها وأمجادها وتلغي القبائل الأخرى والعائلات والمكونات المجتمعية لتؤثر بالوعي بالذائقة وتلقى الرواج لأنها تأتي من بعد شعبي، فتجنح للفخر بالأنساب والغناء بعصبية للقبيلة جعلها في دائرة الجدل والمطالبة بسن قوانين خاصة بها لمواجهة فوضى هذا اللون المتجدد بتسطيحه للذائقة والوعي وهو الذي يقف منه المثقفون أيضا موقفا آخر بشيء من التعالي والاختلاف عليه. «عكاظ» طرحت القضية على عدد من النقاد وفناني الشيلات والمنشدين، فيقول الشاعر الدكتور أحمد الهلالي: الشيلات فن شعبي، ازدهر اليوم بديلا للأغاني لأنها تخلو كما يزعم أصحابها من الموسيقى التي يحرمها فقهاء المملكة، ولعلها أيضا تتوسط بين الأناشيد التي كانت منتشرة، وبين الأغاني، إذ يعمد صناعها إلى التحايل بمؤثرات صوتية إلكترونية قريبة جدا من الموسيقية، ويأخذون أيضا بهمهمات الأناشيد، ولها جمهور عريض في الوطن، إذ تؤثر عميقا في الذائقة الشعبية، ولا أعدها تسطيحا للوعي ولا إساءة للذائقة؛ لأنها في النهاية فن تعبيري شعبي يجب أن يدرس ويدعم ويصحح مساره إذا خالف، وهي أيضا صدى للشعر الشعبي الحاضر بقوة، وبعض الشعر الشعبي يحمل خطابا عنصريا يغذي النعرات القبلية، لذلك يجب أن يبدأ التصحيح في فكر الشاعر الشعبي، ثم تثقيف صناع الشيلات إلى رفض كل شعر يوحي بالعنصرية أو الطائفية أو ما ينافي الآداب المرعية شرعا وعرفا، ومعاقبة الخارجين. أما الناقدة إيمان الحازمي فتقول: ما يحدث في كثير من الفنون هو لجوء بعض المؤدين للشيلات إلى الاستهانة والوصول بها إلى معان لا تليق مع الحياة الحديثة بدون ضابط، إضافة إلى أن بعض فئات المجتمع وجدت فيها مايعبر عن وجدانها القديم الذي أخفت معالمه الحياة العصرية، والبعض وجد فيها متنفسا للطرب في ظل إيمانه بحرمة الموسيقى فمن شيلات وجدانية تعبر عن حالات الهوى والفراق إلى أخرى إخوانية إلى تلك التي تعزز المفاخرة بالقبيلة، ومكاسبها من مزايين الإبل، ولاشك أن هذه الأخيرة تعد مخالفة للذوق الحضاري والشعور المدني، إذ تعود بالمتلقي إلى مستوى متدن وسابق في الوعي الذي تسعى الدولة بكافة مؤسساتها الخروج منه إلى مستوى أعلى، من جانبه، يقول المنشد وفنان الشيلات محمد الصيعري: فن الشيلات فن جميل وممتع، ويزداد جماله لأنه يلامس كثيرا من تراثنا وتراث الأجداد بلهجته النبطية البسيطة وألحانه الطربية واختيار الكلمة المناسبة وانتقاء اللحن بشرط عدم التعدي على حقوق (الغير) وضرورة امتلاك الصوت الجميل. وعن واقع الشيلات قال الصيعري: أنا مستاء من الواقع حاليا لأن ثلاث أرباع الشيلات تفتقد للجودة الفنية، سواء من مكس أو لحن أو توزيع أو صوت منشد، وهذا الأصل.