خامسة آل فرحان الهياط كلمة ذات أصل في اللغة، وهي من الجلبة والشر والضجيج، والهياط فعلا هو جلبة وشر وضجيج بكل ما تحمله الكلمة من معان تتجاوز حدود المعاجم، وما يفعله المهايطون أسهم في خلق ظواهر اجتماعية غير محببة، بل ضارة. الهياط بمعناه الدارج الذي يعرفه الكل "وهو المبالغة" ضارب في القدم عند العرب، فالعرب تنافسوا في إظهار الكرم، وتنافسوا في اقتناء كل جميل، وتنافسوا في التفاخر بالأحساب والأنساب، وتنافسوا حتى في المنافسة، وهايطوا أيما هياط ليكسبوا ود ومديح الناس. فالهياط إذن عادة اجتماعية قديمة متجذرة ومتطورة مع الزمن، وتنوعت أدواتها وسبلها بتقدم الناس، وكان الهياط قديما ينتشر عبر القصائد، إذ كان في كل قبيلة شعراؤها الذين يحتلون مكانة اجتماعية عالية، لما يؤدونه من دور فاعل في نشر الهياط وتخليده بين الناس، وما وصلنا عن شجاعة وإقدام وكرم العرب ما هو إلا دليل على نجاح مهمة الشعراء. ولم يعد الاعتماد الآن على الشعر فقط في نشر الهياط، فمع تقدم التكنولوجيا وتنوع وسائل التواصل المختلفة، وجد الناس وسيلة سهلة للمفاخرة بمنتوجاتهم الهياطية، فهم تارة يقولون الشعر، وتارة أخرى يبالغون في الكرم، وتارة يمجدون فلانا أو فلانا لما فعله، والمتلقي في هذه الحالات إما أن يمر عليه الأمر مرور الكرام، أو يتحسر على ما يهدر من مال أو طاقات، إنه يحاول أن يغلب الهياط بهياط أقوى، والناتج أن الهياط أصبح أمرا مستفزا داعيا للبذخ والسفه والمباهاة بما يفيد وما لا يفيد. ما نشهده اليوم من مبالغة في إظهار الكرم نابع من ظاهرة الهياط والتنافس على إظهار، هذه العادة أفضت إلى عادات نبذها الدين ألا وهي الإسراف والتبذير الذي يؤدي بدوره إلى ضياع الثروات وتبديد الأموال، ومع تفاوت الطبقات الاجتماعية يؤدي التنافس على الهياط إلى ظهور مشاعر الامتعاض والحقد أحيانا على من يمتلكون الثروات ويبددونها عبثا أمام أنظار من قد لا يتمكنون من الحصول على أبسط سبل العيش، مما يجعل الهياط جريمة اجتماعية تستحق العقاب. هذه الجرائم الاجتماعية يجب أن تتوقف إما عبر تصنيف نشرها كجريمة إلكترونية أو ارتكابها كجريمة اجتماعية يغرم صاحبها، ليؤخذ ماله الفائض والذي يتباهى بتضييعه بطرق أفضل ويقدم لمن يحتاجه.