لفتت جولة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في دول البلقان، لمدة ثلاثة أيام، الأنظار إلى عودة اهتمام الولاياتالمتحدة بالدول التي ظهرت بعد انهيار يوغسلافيا، حيث اعتبر أنه ليس على صربيا أن تعترف باستقلال كوسوفو، لتحصل على دعم واشنطن لها في محاولتها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. بل وذهب إلى أن واشنطن ستساعد بلجراد على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في حال "سمعت كلام واشنطن"، وأن العلاقات الأميركية - الصربية رغم بعض الخلافات يمكن أن تتحسن، واعدا صربيا بلعب دور كبير في منطقة البلقان المضطربة. وعدت تقارير روسية أن بايدن نسي أن الاضطراب القائم في منطقة البلقان حدث بعد تدخل الناتو عسكريا في يوغسلافيا وتفتيتها، وبالتالي، يتولد انطباع بأن زيارة بايدن ليست بالضبط للم شمل دول البلقان، أو توحيدها في شكل أو منتدى، وإنما لأهداف أخرى تماما تتعلق بتوسع الناتو من جهة، وسعي واشنطن لضبط الإيقاع مع روسيا في المنطقة من جهة أخرى. وعلى الرغم من دفء الزيارة والاستقبال ووصف الرئيس الصربي بوريس تاديتش للمحادثات بأنها كانت "صريحة ومثمرة"، إلا أنه أعرب عن أمله في "سياسة أميركية جديدة إزاء صربيا وغرب البلقان تهتم بمصالح صربيا أكثر من ذي قبل"، مكررا أن بلاده لن تعترف باستقلال كوسوفو، ومشددا على أن صربيا لها الحق القانوني في الدفاع عن وحدة أراضيها باستخدام الوسائل السلمية والقانونية. المصالح الأميركية وربط المراقبون بين زيارة بايدن وإجرائه مباحثات في البوسنة كمحطة أولى له في البلقان، وبين أحد أهداف واشنطن من الجولة، والذي يدور حول إنعاش المصالح الأميركية في المنطقة، تمهيدا لسيناريوهات جديدة تتعلق بروسيا، وربما أيضا بتركيا الغاضبة من الولاياتالمتحدة وحلف الناتو. وفي كوسوفو، طالب بايدن سلطاتها بتنفيذ الاتفاقات مع صربيا حول تشكيل رابطة المجتمعات الصربية والجبل الأسود "مونتينيجرو" وترسيم حدود الدولة. وفي الوقت الذي أشار فيه بايدن إلى ضرورة مواصلة الحوار بين بريشتينا وبلجراد بوساطة بروكسل، وعد بمواصلة تقديم المساعدات إلى كوسوفو لكي تصبح في النهاية عضوا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي. لكنه شدد على أنه ينبغي إشراك السلطات المحلية في مكافحة الفساد والجريمة المنظمة. اتفاق تاريخي ونجح الاتحاد الأوروبي في مساعدة صربيا وكوسوفو في التوصل إلى اتفاق "تاريخي" في عدة مجالات، وذلك في خطوة تشكل تقدما كبيرا على طريق تطبيع العلاقات بين البلدين منذ الحرب وإعلان استقلال كوسوفو. ووقع رئيس الوزراء الصربي ألكسندر فوتشيتش ونظيره الكوسوفي عيسى مصطفى اتفاقا في عدد من المجالات، بينها الطاقة والاتصالات. ونصَّ الاتفاق على إقامة نظام قضائي في شمال كوسوفو يكون مقبولا من الأقلية الصربية والكوسوفيين. واتفق الجانبان على إنشاء رابطة المجتمعات الصربية في كوسوفو من أجل تعزيز دور الأقلية الصربية في شمال كوسوفو وفي غيره من مناطق الدولة.