بريشتينا - رويترز - حظي جو بايدن نائب الرئيس الاميركي باستقبال صاخب لدى وصوله الى كوسوفو امس، بعد ساعات من مغادرته صربيا حيث أخلى آلاف من رجال الشرطة الشوارع لتجنب احتجاجات ضده. وتبرز التناقضات في الاستقبال خلال جولة في البلقان تستغرق ثلاثة أيام، كلا من المشاعر الدافئة التي يحملها سكان كوسوفو للولايات المتحدة التي ساندت استقلال الاقليم والعلاقات التي لا تزال متوترة بين بلغراد وواشنطن. وكتب في ملصقات علقت في أنحاء بريشتينا وحملت صور بايدن السناتور الاميركي السابق المعروف بتأييده لاستقلال كوسوفو: «مرحباً وشكراً لك». واصطف آلاف من تلاميذ المدارس على طول الطريق الذي سلكه الى المدينة وهم يحملون اعلام الولاياتالمتحدة وكوسوفو. وعندما مرت سيارته الليموزين السوداء حياه الجمع وهتف بعضهم «اميركا اميركا». وعند مدخل البرلمان رقصت مجموعة من الاشخاص كانوا يرتدون الزي الالباني الوطني. وقال شكري مورينا الذي قطع 30 كيلومتراً الى بريشتينا لتحية بايدن: « الله والولاياتالمتحدة انقذانا في عام 1999. بايدن رجلنا وحضرت الى هنا لأراه». وفي صربيا اخلت الشرطة الشوارع من اناس ما زالوا يتذكرون بمرارة قصف حلف شمال الاطلسي لبلغراد. واصطف مئات من رجال الشرطة على طول الطريق الذي سلكه موكب بايدن الى المطار وحتى على طول المدرج الى الطائرة. واعلنت كوسوفو التي يمثل الالبان أكثر من 90 في المئة من سكانها البالغ عددهم مليونان، الاستقلال العام الماضي، لكن صربيا رفعت دعوى امام محكمة دولية تزعم انه ليس من حق الالبان القيام بذلك. ولا تزال قوات دولية تقوم بدوريات في المنطقة بينها حوالى 1400 جندي أميركي. ولإظهار الدعم الاميركي لحقوق الاقلية الصربية في كوسوفو، كان بايدن يعتزم زيارة دير ديكاني الذي يعود للقرن الرابع عشر والذي يحظى بأهمية كبيرة لدى الكنيسة الأرثوذوكسية الصربية. لكن قادة الكنيسة الأرثوذوكسية في كوسوفو الذين يشرفون على الدير انتقدوا زيارته. وبزيارته كوسوفو، أنهى نائب الرئيس الأميركي جولته البلقانية التي بدأها في البوسنة حيث قوبل ايضاً بترحيب حار من المسلمين. وواجه بايدن تنديداً شديدا من الصرب على رغم المحفزات التي قدمها لهم، لذا تجنب التحدث في البرلمان الصربي في بلغراد أسوة بما فعل في البرلمانيين البوسني في ساراييفو والكوسوفي في بريشتينا . ورحبت وسائل الإعلام في ساراييفو بزيارة بايدن، واعتبرتها صحيفة «دنيفني آفاز» بأنها «ستفتح صفحة جديدة في استقرار البوسنة، وتمتين وحدتها». وتم تعطيل الدراسة في كوسوفو أمس لإتاحة الفرصة للطلاب في المشاركة في استقبال المسؤول الأميركي. وعانق الرئيس الكوسوفي فاتيمير سيديو بايدن وقدم له وسام استقلال كوسوفو شاكراً مساعداته في تحقيق هذا الإستقلال. في المقابل، تظاهر الصرب في كل من بانيالوكا ومدن كيان صرب البوسنة الأخرى وفي بلغراد والشطر الشمالي (الصربي) من مدينة ميتروفيتسا (شمال غربي كوسوفو) . وعلى رغم دعوة بايدن الى إجراء تغييرات في الدستور البوسني القائم على أسس اتفاق دايتون (المبرم أواخر 1995) الذي أنهى الحرب بين الأطراف البوسنية، فإنه أكد أن «الولاياتالمتحدة ملتزمة باتفاق دايتون، وترى أن هذا الإتفاق لا يمنع التغيير في القوانين بشكل يسهل للبوسنة دخول الإتحاد الأوروبي». ودعا بايدن عضو هيئة الرئاسة البوسنية (عن المسلمين) حارث سيلايجيتش إلى أن «يكون مرناً في تعامله مع الصرب، وأن يعلم ماذا تريد أميركا من القادة البوسنيين من خلال التفاهم بينهم في شأن مستقبل بلادهم». وفي بلغراد، أكد بايدن في محادثاته مع كل من الرئيس بوريس تاديتش ورئيس حكومته ميركو سفيتكوفيتش ووزير دفاعه دراغان شوتانوفاتس، أن الولاياتالمتحدة «لا تنتظر من صربيا الإعتراف باستقلال دولة كوسوفو، وليس هذا الإعتراف شرطاً مسبقاً لرغبتها بتعاون جيد مع صربيا التي تدعم الإدارة الأميركية انضمامها إلى الإتحاد الأوروبي، ذلك أن إدارة الرئيس باراك أوباما تشدد على العلاقات العميقة مع بلغراد من أجل أن تقوم بدور بناء في هذه المنطقة المضطربة» . ونقل تلفزيون بلغراد عن تاديتش قوله ان «محادثاته مع بايدن كانت صريحة وواضحة، وأن أميركا تعلم بأن صربيا لن تعترف أبداً باستقلال كوسوفو، ولكن لن تعود الحرب إلى هذا الإقليم الصربي لأننا سندافع عن حقوق بلدنا في وحدة أراضيه بالطرق الديبلوماسية والقانونية والوسائل السلمية، ولدينا الكثير من القضايا المهمة خارج خلافاتنا بخصوص كوسوفو كالتعاون الإقتصادي وعمل الشركات الأجنبية في صربيا ويمكن أن نتفاهم في شأنها مع أميركا».