هل تذكرون الخط الذي كنا نخطه على رقاب الكائنات الحية المرسومة في المقررات حين كنّا على مقاعد التعليم الابتدائي بعد أن نتلقى أمراً من المعلم بحجة أنها تحمل أروحاً، وبكل براءة نشرع نحن في قطع تلك الرؤوس بهذا الخط دون أن نكلف أنفسنا مهمة السؤال؟! ذلك الخط البسيط في رسمه العميق في دلالاته - حسب اعتقادي - هو النقطة الأولى لامتداد خط أفكارنا وتصوراتنا والذي تم رسمه بشكل تلقيني فج، بل هو الخط الذي بدأ رسمه على رقاب الكائنات الحية وتضخم يوماً بعد آخر حتى استحال إلى ثقافة طمس ليس للوجوه فحسب، بل لكل الأسئلة التي لها أن تقول لنا إجابتها بأن ثمة فكرة في الوجود اسمها "الاختلاف"، وأن ثمة ما أراه أنا وأنت صورة محرمة، يراه غيري وغيرك فناً لا يمكن له أن يُخل بعلاقته مع الله، فضلاً عن كونها - أي الرسومات - كانت للتوضيح والتعليم. هذا الخط كغيره من الخطوط الأخرى التي رسمت لنا اتجاهات حياتنا التي لم نستشرف نهايتها التي قد نصل إليها، بل إننا لم نحاول أن نغير مساره عله يتقاطع مع خط الزمن الذي حتماً أنه سيحرضنا على النظر إلى الاتجاهات الأخرى التي تصالحت مع ضجيج الأسئلة دون أن تنحاز إلى فكر الإجابة الواحدة. ليست هنا الإشكالية وحسب... بل إن الإشكالية الكبرى هي أننا حين ركض بنا الزمن ووجدنا أن هذا الخط فعلا يتقاطع مع إجابات متعددة تحتمل الصواب والخطأ... كنا أضعف من أن نستوعب هذه الاختلافات، بل إننا غير مستعدين لتفكيك أي إجابة تتعارض مع الإجابة التي نحملها والتي حفظناها عن ظهر قلب. وغراراً على ذلك وبعد امتداد هذا الخط إلى ما هو أبعد من رسمه على رقاب الكائنات الحية وبعد وجود أنفسنا مكرهين على العيش مع كل العالم عبر نوافذ مواقع التواصل امتدت - في علاقة طردية - كافة خطوطنا الفكرية المعلبة وأصبحنا الأكثر صراخاً في هذه النوافذ المليئة بكثير من الآراء والأفكار المختلفة في دلالة صارخة على ضعف حججنا وهشاشة قدراتنا في استيعاب الاختلاف، مكتفين برحمته التي استقيناها هي الأخرى من الأثر القائل: "اختلاف أمتي رحمة"، وأيضا دون نسأل أنفسنا إن كان حديثاً أو أثراً!.