أكد السفير الإيراني المنشق عضو مجلس الشورى السابق، عادل الأسدي، أن سفارات طهران تمارس أدوارا تجسسية متعددة على الدول العربية الموجودة فيها، مشيرا إلى أن السفراء لا يستطيعون رفض تنفيذ توجيهات عناصر الاستخبارات. وأضاف في تصريح إلى "الوطن" أن استقطاب العملاء مهمة أساسية يوليها الدبلوماسيون أولوية قصوى، إذ تحرص السفارات على تجنيد من يبدون ميلا نحو تأييد النظام الإيراني، وتنظم لهم رحلات إلى طهران عبر بريطانيا، ولإبقاء الزيارة طي الكتمان يسافرون دون أن يتم ختم جوازاتهم، ومن ثم يعودون لتكوين خلايا إرهابية ببلادهم. كشف عضو المجلس الأعلى للخليج العربي، ونائب رئيس لجنة السياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، السفير المنشق عادل الأسدي، بأن عمل السفارات في دول الخليج ذو طبيعة استخبارية أكثر من كونها دبلوماسية، مشيرا إلى أنه أثناء عمله سفيرا لإيران في الإمارات كانت هناك تحركات لنقل الأموال إلى حزب الله في لبنان، عبر تلك العناصر الاستخبارية، مشيرا إلى أن السفارات الإيرانية تخضع للاستخبارات، وأن دور السفير مهمش، وتستعين الاستخبارات بالقنصليات نظرا لارتباطها المباشر بالمواطنين. أشار الأسدي إلى أن الاستخبارات الإيرانية لها نشاط كبير في دول الخليج، وتقوم بأعمال تجارية بأسماء تجار وشركات خاصة، تحت لافتة السياحة وفتحت مكاتب كثيرة، وكان الوجه الظاهر تجاريا ولكنه استخباراتي، والمسؤولون عن هذه القطاعات هم عناصر استخبارات رفيعة، وقال "عمل الاستخبارات يستمر في السفارة إلى التاسعة مساء، بينما ينتهي عمل الطاقم الدبلوماسي والقنصلي في الرابعة عصرا، وكان دور الاستخبارات مفروض علينا، وكنت قد وجهت بإغلاق السفارة عند انتهاء العمل، إلا أن مساعد وزير الاستخبارات، أكبري، قام بتهديدي بسبب ذلك القرار، ومرة قال لي إن لديهم تقارير بأنني ضد ولاية الفقيه ولديهم في كل دولة مندوب خاص بخامنئي، ويجب على السفير أن يصلي كل يوم جمعة خلف هذا المندوب".
رحلات بلا جوازات "من ضمن أعمال السفارات البحث عمن يجدون لديهم ميلا نحو الجمهورية الإيرانية في الدول التي تعمل بها، والمتأثرين بشعاراتها الرنانة ضد أميركا وإسرائيل، حيث يتم الاتصال بهم ويتم ترتيب سفرهم إلى دول أوروبية، مثل بريطانيا، ومن هناك يسافرون إلى إيران، ويكون ذلك بتنسيق في غاية الدقة، بحيث لا يتم وضع ختم إيران على جوازات السفر، إنما يتم إعطاؤهم تصاريح دخول لطهران من السفارة الإيرانية بلندن، وعندما يرجع هؤلاء إلى بلادهم لا تكون أختام الدخول الإيرانية موجودة على جوازات سفرهم، إنما توضع أختام الدخول والمغادرة على تصاريح العبور، وإيران استغلت شعارها ضد أميركا وإسرائيل وضربت على وتر العاطفة الإسلامية، وتلك الشعارات الرنانة هدفت بالأساس لكسب ولاء أهل السنة، وإقناعهم بأن حكام الخليج يتبعون لأميركا، ويعادون الإسلام، بينما هناك علاقات كبيرة لإيران مع الأميركيين واليهود، ونعرف كسفراء سر هذه العلاقة". أضاف الأسدي "عند وصول العناصر المستهدفة لإيران يتم تدريبهم في مجالات متعددة ومختلفة، في جوانب سياسية ومذهبية وأمنية، ويدربونه كذلك على طبيعة الأعمال العسكرية، وهذه التدريبات تتم بمعسكر في طهران، يسمى معسكر "عشرة اباد" وهذا المعسكر معروف، وبعد اكتمال التدريب والتجهيز يتم إرسالهم إلى بلدانهم، حيث يقومون بتشكيل خلايا داخلية، وتدريبها لإحداث فتن وقلاقل، وهناك مخطط وعناصر وتنظيمات سنية مخترقة، يطلبون منهم تنفيذ بعض المخططات، والشخص الذي تثق فيه الاستخبارات الإيرانية من الدول المجاورة يمنح أموالا طائلة، وتكون له ميزانية مفتوحة، ونظام طهران يصرف مبالغ كبيرة لعملائه في الدول العربية، فقد أنفقت المليارات على حزب الله، وكذلك بعض العملاء في بلدانهم، وهناك تقسيم للعملاء على درجات متفاوتة، حسب الدور المناط إليه، ويدفعون مبالغ للعملاء سقفها الأدنى لا يقل عن 15 ألف دولار لمن يقدم معلومات مفيدة لهم".
صفعة عاصفة الحزم كشف الأسدي أن سياسة النظام الإيراني تقوم على اللجوء إلى جانب اللين والمسالمة، عندما يواجه بنوع من الشدة والقوة، وأضاف "لا شك أن قطع المملكة للعلاقات مع إيران شكّل ضغطا كبيرا على طهران، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تقوية الصوت الإصلاحي، وكثير من السياسيين الإصلاحيين والمثقفين ينتقدون أسلوب خامنئي، وللعلم فإن جميع القرارات التي تتخذ في إيران تتم بواسطة الحرس الثوري، فليس هناك وزير الخارجية ولا مجلس وزراء له القدرة على اتخاذ القرار، كل شيء عند خامنئي والحرس الثوري، وهذا الأسلوب أدخلها في عزلة دولية". ومضى الأسدي بالقول "الإيرانيون كانوا يعتقدون أن العرب ليسوا رجال حرب أو مواجهات، وكنت أسمع ذلك بأذني، لذلك لم يكن قرار المملكة بشن عاصفة الحزم متوقعا، بل فاجأهم بشدة فقد صعقوا تماما بالعمليات التي كانت الضربة الأكثر إيلاما لهم منذ 30 عاما. لدرجة أشاع بينهم عددا من الخلافات، دفعت مساعد وزير الخارجية المسؤول عن البلدان العربية والأفريقية للقول في أحد الاجتماعات إن مخطط الانقلاب على الحكومة الشرعية في اليمن كان خطأ، ما أشاع حالة من الجدل.
الدور الاستخباري للسفارات يشير الأسدي إلى أن السفارات التي كانت على علاقة قوية مع إيران هي سفارة سورية وهي حليف قوي، وهناك اجتماعات مستمرة وتم عن طريقها تنفيذ المخطط الإيراني بالمنطقة، وهناك دبلوماسيون يحضرون إلى بعض الدول الخليجية ويمكثون لأيام عدة، وبعضهم يتمكن من إدخال ملايين الدولارات، ويقومون بتهريبها إلى دمشق، باستخدام الحصانة الدبلوماسية وحزب الله أيضا لديه تنظيمات في الدول العربية يقوم بدعمها ولها شبكات إرهابية في العالم، ومن الملاحظات أن أموال تمويل هذه الشخصيات لا يتم تحويلها عن طريق البنوك بل ترسل في صورة أموال نقدية، والأموال التي ترد للقنصليات الإيرانية في العالم يتم إرسالها إلى سورية وحزب الله". وأكد أن طهران استخدمت منظمة "جهاد البناء" لدعم التمرد في اليمن منذ وقت بعيد، بحجة بناء مستشفيات وطرق وغيرها، إلا أن العمل كان استخباراتيا محضا، مشيرا إلى أنه تم استغلال الأسلوب نفسه للتدخل في السودان، والنظام يعتمد على تلك المنظمة لدرجة أنه أصبحت هناك وزارة اسمها "جهاد البناء". وتابع "هناك قسم بالوزارة اسمه "المجلس الأعلى للخليج الفارسي"، وهو مرتبط برئيس الجمهورية مباشرة، ومكون من رئيس الاستخبارات وقائد حرس الثورة، ووزير التجارة، وكنت عضوا بهذا المجلس، بصفتي مستشارا لوزير الخارجية، ومن أبرز مخططاته كيفية التوسع والتمدد في الدول العربية، وزعزعة أمنها، وهذا هو الهدف الأهم لديهم في البلدان العربية والخليجية على وجه الخصوص، وأهم دولتين بالنسبة لطهران هما السعودية كمركز اقتصادي وإسلامي، ومصر كمركز سياسي للعالم العربي، وكان جل تركيزهم على هذين البلدين وكانوا يقولون ويؤكدون أنهم إذا وصلوا إلى السعودية ومصر يكونوا قد سيطروا على العالم العربي، فهذا هو المخطط الرئيس لديهم. لكن هناك عداء كبير وخاص للمملكة لم أجد له مثيلا، على سبيل المثال هناك شخص اسمه محمدي زاده كان يعمل في السفارة الإيرانية بالرياض بين عامي 2003 و2004، وهو رجل خطير جدا، كان له دور في بعض التفجيرات والمخططات، وله علاقة بكثير من تلك الأحداث. كما أن أغلب الحجاج الإيرانيين هم من الحرس الثوري، لأهداف سياسية".
سرقة الأموال ويختم الأسدي تصريحاته للصحيفة بتأكيد أن لديه كثيرا من الوثائق التي تدين أعدادا كبيرة من المسؤولين، من بينهم قادة في الحرس الثوري ووزراء وكبار المسؤولين، وقال "هناك أموال كثيرة سحبت من حسابات بنكية، وابن آية الله واعظ طبسي الذي كان مندوبا وممثلا لخامنئي في الإمارات، أخذ أموالا بالمليارات من "بنك الملي" و"بنك الصادرات"، ولم يعيدها للبنك، ومدير البنك هو الذي كشف لي تلك الحقائق مباشرة، وخامنئي نفسه أكبر المستثمرين لأموال الشعب، وتم تأسيس شركات في أميركا وأوروبا، وهناك أموال كثيرة تصرف للمتطرفين وبشكل مفتوح ولدى الحرس الثوري قسم اسمه "الحركات التحررية"، ميزانيته عالية وبشكل سري ويستخدم للبلدان العربية بالمنطقة من تخريب وفتن، وهذا القسم قوي جدا، وفيلق القدس خرج من عباءته، وتمرير الأموال يتم عبر السفارات".